قصائدالبحتري



أكان الصبا ألا خيالا مسلما
البحتري



  • أكَانَ الصّبا ألاّ خَيالاً مُسَلِّما،

  • أقَامَ كَرَجْعِ الطّرْفِ، ثمّ تَصَرّما

  • أرَى أقصَرَ الأيّامِ أحْمَدَ في الصِّبا

  • وأطْوَلَهَا مَا كَانَ فيهِ مُذَمَّمَا

  • تَلَوّمْتُ في غَيّ التّصَابي، فَلَمْ أُرِدْ

  • بَدِيلاً بهِ، لَوْ أنّ غَيّاً تُلُوِّمَا

  • وَيَوْمَ تَلاقٍ، في فِرَاقٍ، شَهِدْتُه

  • بِعَيْنٍ، إذا نَهنَهْتُها دَمَعََتْ دَمَا

  • لحِقْنا الفَرِيقَ المُستَقِلّ ضُحَى وَقدْ،

  • تَيَمّمَ مِنْ قَصْدِ الحِمَى مَا تَيَمّما

  • فقُلتُ: انْعِمُوا مِنّا صَبَاحاً، وإنّما

  • أرَدْتُ بِما قُلتُ الغَزَالَ المُنَعَّمَا

  • وَمَا بَاتَ مَطْوِيّاً عَلى أرْيَحِيّةٍ،

  • بعُقْبِ النّوَى إلاّ امرُؤٌ باتَ مُغرَمَا

  • غَنِيتُ جَنِيباً للغَوَانِي يَقُدْنَني

  • إلى أنْ مَضَى شرْخُ الشّبابِ، وَبعدَمَا

  • وَقِدْماً عَصَيتُ العاذِلاَتِ، وَلَمْ أُطعْ

  • طَوَالِعَ هذا الشّيْبِ، إذْ جِئنَ لُوَّمَا

  • أقُولُ لثَجّاجِ الغَمامِ، وَقَد سَرَى

  • بمُحتَفَلِ الشّؤبُوبِ صَابَ فعَمّمَا

  • أقِلَّ وأكْثِرْ لَستَ تَبْلُغُ غايَةً

  • تَبينُ بِها حَتّى تُضَارِعَ هَيْثَما

  • وهُوالمَوْتُ وَيْلٌ منهُ لا تَلْقَ حَدّهُ،

  • فمَوْتُكَ أنْ تَلقاهُ في النّقعِ مُعلَمَا

  • فَتًى لَبِسَتْ منهُ اللّيالي مَحَاسِناً،

  • أضَاءَ لَها الأُفْقُ الذي كانَ مُظِلْمَا

  • مُعاني حُرُوبٍ قَوّمَتْ عَزْمَ رَأيِهِ،

  • وَلَنْ يَصْدُقَ الخَطّيُّ، حتّى يُقَوَّمَا

  • غَدا وَغَدَتْ تَدْعُو نِزَارٌ وَيَعرُبٌ

  • لَهُ أنْ يَعيشَ الدّهرَ فيهِمْ، وَيَسْلَمَا

  • تَوَاضَعَ مِنْ مَجْدٍ لَهُمْ وَتَكَرّمٍ،

  • وَكُلُّ عَظيمِ لا يُحِبُّ التّعَظّمَا

  • لِكُلّ قَبيلٍ شُعْبَةٌ مِنْ نَوَالِهِ،

  • وَيَختَصُّهُ منهُمْ قَبيلٌ، إذا انتَمَى

  • تَقَصّاهُمُ بالجُودِ، حتّى لأقْسَمُوا

  • بأنّ نَداهُ كانَ والبَحْرَ تَوْءَمَا

  • أبَا القَاسِمِ! استَغْزَرْتَ دَرّ خَلائقٍ،

  • مَلأنَ فِجَاجَ الأرْضِ بُؤسَى وأنْعُمَا

  • إذا مَعشَرٌ جَارَوْكَ في إثرِ سُؤدَدٍ،

  • تأخّرَ مِنْ مَسعاتهِمْ ما تَقَدّما

  • سَلامٌ، وَإنْ كَانَ السّلامُ تَحِيَّةً،

  • فوَجْهُكَ دونَ الرّدّ يكفي المُسَلِّمَا

  • ألَستَ تَرَى مَدّ الفُراتِ كأنّهُ

  • جبالُ شَرَوْرَى جِئْنَ في البَحرِعُوَّمَا

  • وَلَمْ يَكُ مِنْ عاداتِهِ غَيرَ أنّهُ

  • رَأى شِيمَةً مِنْ جَارِهِ، فَتَعَلَّما

  • وَمَا نَوّرَ الرّوْضُ الشآميُّ بَلْ فَتًى

  • تَبَسّمَ مِنْ شعرْقِيّهِ، فَتَبَسّما

  • أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً

  • منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا

  • وَقَد نَبّهَ النّوْرُوزُ في غَلَسِ الدّجَى

  • أوائِلَ وَرْدٍ كُنّ بالأمْسِ نُوَّمَا

  • يُفَتّقُهَا بَرْدُ النّدَى، فكَأنّهُ

  • يَنِثُّ حَديثاً كانَ قَبلُ مُكَتَّمَا

  • وَمِنْ شَجَرٍ رَدّ الرّبيعُ لِبَاسَهُ

  • عَلَيْهِ، كَمَا نَشَّرْتَ وَشْياً مُنَمْنَما

  • أحَلَّ، فأبْدَى لِلْعُيونِ بَشَاشَةً،

  • وَكَانَ قَذًى لِلْعَينِ، إذْ كانَ مُحْرِما

  • وَرَقّ نَسيمُ الرّيحِ، حتّى حَسِبْتُهُ

  • يَجىءُ بأنْفَاسِ الأحِبّةِ، نُعَّمَا

  • فَما يَحبِسُ الرّاحَ التي أنتَ خِلُّهَا،

  • وَمَا يَمْنَعُ الأوْتَارَ أنْ تَتَرَنّما

  • وَمَا زِلْتَ خِلاًّ للنّدَامى إذا انتَشُوا،

  • وَرَاحُوا بُدوراً يَستَحِثّونَ أنْجُمَا

  • تَكَرّمتَ من قَبلِ الكؤوسِ عَلَيهِمِ،

  • فَما اسطَعنَ أنْ يُحدِثنَ فيكَ تَكَرُّمَا



أعمال أخرى البحتري



المزيد...

العصور الأدبيه



ماذا يجب أن تعرف عند شراء شقتك؟