الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> البحتري >> أعن سفه يوم الأبيرق أم حلم >>
قصائدالبحتري
أعن سفه يوم الأبيرق أم حلم
البحتري
- أعَنْ سَفَهٍ، يَوْمَ الأُبَيْرِقِ، أمْ حِلْمِ
- وُقُوفٌ برَبْعٍ، أوْ بُكَاءٌ على رَسْمِ؟
- وَمَا يُعْذَرُ المَوْسُومُ بالشّيبِ أنْ يُرَى
- مُعَارَ لِبَاسٍ للتّصَابي، وَلا وَسْمِ
- تُخَبّرُني أيّاميَ الحُدْثُ أنّني
- تَرَكتُ السّرُورَ، عندَ أيّاميَ القُدْمِ
- وأُوْلِعْتُ بالكِتْمانِ، حتّى كأنّني
- طُوِيتُ على ضِغْنٍ منَ الدّينِ أوْ وَغْمِ
- فإنْ تَلْقَني نِضْوَ العِظَامِ، فإنّها
- جَرِيرَةُ قَلبي مُنذُ كُنْتُ على جسمي
- وَحَسبيَ منْ بُرْءٍ تَمَاثُلُ مُثْخَنٍ
- منَ الحُبّ يُنمي مُدّرِيهِ وَلاَ يُصْمي
- إذا رَاجَعَتْ وَصْلاً على طُولِ هِجْرَةٍ
- تَرَاجَعتُ شَيئاً من بَلاَيَ إلى سُقمي
- وقد زَعَمَتْ أنْ سَوْفَ يَنجحُ ما وَأتْ،
- وَظَنّي بها الإخلافَ في ذلكَ الزّعْمِ
- خَليلَيّ! ما في لا شفَاءٌ من الجَوَى،
- وَلاَ نِعَمٌ مَرْجُوّةُ النُّجحِ، من نُعْمِ
- أعِينَا عَلى قَلْبٍ يَهيمُ صَبَابَةً،
- وَعَينٍ، إذا نَهْنَهْتُها طَفِقَتْ تَهْمي
- حَنَتْ مَذْحِجٌ حَوْلي، وَبَاتَتْ عَمائرٌ،
- تُدافعُ دُوني منْ عَرَانينهَا الشُّمّ
- وَمَا خَفَضَتْ جِدّاتُ بَكْرٍ أُرُومَتي،
- وَلاَ عَطّلَتْ من رِيشِ أحسابها سَهمي
- وإنّي لَمَرْفُودٌ، عَلَى كُلّ تَلْعَةٍ،
- بنَصرِ ابنِ خال يَحملُ السّيفَ أوْ عَمّ
- وَما أبهَجَتْني كَبوَةُ الجَحشِ إذْ كَبَا
- لفيهِ، لوَ إنّ الجَحشَ أقلَعَ عن ظلمي
- وَقد هُديَ السّلطانُ للرُّشدِ، إذْ نَبَا
- بأغْثَرَ منْ أوْلآدِ قُطْرُبَّلٍ، فَدْمِ
- إذا عَارَضَتْ دُنياهُ في جَنبِ رَأيِهِ،
- شَهدتُ بأنّ الجَهلَ أحظى من العلمِ
- وقَد أقترَ المَلعُونُ يَبْساً، وعنْدَهُ
- ذَخائرُ كسرَى أوْ زُها مالهِ الجَمّ
- إذا المَرْءُ لمْ يَجْعَلْ غِناهُ ذَرِيعَةً
- إلى سُؤدَدٍ فاعدُدْ غناهُ من العُدْمِ
- وَسيطُ أخسّاءِ الأُصُولِ، كأنّمَا
- يُعَلّونَ نَاجُودَ المُدامَةِ بالذّمّ
- خُلُوفُ زَمَانِ السّوءِ لمْ يُؤِْثروا العُلاَ،
- وَلَمْ يَنزِلُوا للمَكْرُمَاتِ على حُكْمِ
- وَقَد رُفعَتْ عن نَجرِهمْ آيةُ النّدَى،
- كمَا رُفعَتْ، مَنسيّةً، آيةُ الرَّجْمِ
- تأبّاهُمُ نَفْسِي، وَتَقْبُحُ فيهمِ
- ظُنُوني، وَيَعلو عن مَقادِيرِهمْ همي
- فَلَوْلا أبُو الصّقْرِ الأغَرُّ وَجُودُهُ،
- رَضِيتُ قَليلي، واقتصرْتُ على قِسمي
- هُوَ المِصْقَليُّ، في صِقَالِ جَبينِهِ
- جَلاءُ الظّلامِ حينَ يَسدُفُ وَالظّلمِ
- بهِ نلتُ من حَظّي الذي نلْتُ أوّلاً،
- وأدرَكتُ ما قد كنتُ أدركتُ منْ خصْمي
- تَصُدُّ بَنَاتُ الدَّهْرِ عَنْ بَغَتاتِ ما
- يُنِيلُ صُدُودَ الدَّهْمِ فُوجِىءَ بالدَّهْمِ
- وَيَعْرِفُني مَعرُوفُهُ، حينَ مَعشَرٌ
- يَرَوْنَ عُقُوقَ المَالِ أنْ يَعلَمُوا علمي
- مَوَاهبُ لا تَبغي ابنَ أرْضٍ يَدُلُّهَا
- عَليّ، وَلا طَبّاً يُخَبّرُها باسمي
- إذا وَعَدَ ارْفَضّتْ عَطَاءً عِداتُهُ،
- وأعرِفُ منهُمْ من يَحُزُّ ولا يُدمي
- ومَا كَشَفَتْ منهُ الوِزَارَةُ أخرَقَ اليَـ
- ـَدَيْنِ على الجُلّى وَلا طائشَ السّهمِ
- كَثيرُ جهاتِ الرّأيِ، مُفتَنّةٌ بهِ،
- إلى عَدَدٍ لا يَنْتَهِي، صُوَرُ الحَزْمِ
- فَرُوعُ الثّنَايَا، ما يَغُبُّ فِجَاجَهَا،
- تَطَلُّعُ مَضّاءٍ على أوّلِ العَزْمِ
- مَتى يَحْتَملْ ضِغناً على القَوْمِ يجنحوا
- إلى السّلمِ إنْ نجّاهُمُ الجَنْحُ للسّلْمِ
- وَلَوْ عَلمُوا أنّ المَنايا تُنِيلُهُمْ
- رِضَاهُ، إذاً بَاتُوا نَدامَى على السّمّ
- أخوُ البِرّ أقصَى ما يَخَافُ مُنَازِلاً،
- من السّيفِ، أدْنَى ما يَخافُ من الإثمِ
- وَلَمْ يَنتَسِبْ من وَائلٍ في وَشيظَةٍ،
- وَلاَ بَاتَ منها ضَارِبَ البيتِ في صُرْمِ
- أَبُوك الَّذي غَالَى عَلِيًّا مُسَاوِماً
- بِسَامَةَ لما رَدَّ سامَةَ في جرْمِ
- ولَوْلا يَدٌ مِنْهُ لَصَاحَ مُثَوِّبٌ
- عَلَى عُجُزٍ وُقِّفْنَ فِي مَجْمَعِ القَسْمِ
- فَمنْ يَكُ مِنهَا عارِياً فقدِ اكْتَسَى
- بها الجَهْمُ بَزًّا ظاهِراً وبَنُو الجَهْمِ
- وَما أَنتَ عِنْدَ العَاذِلاَتِ على النَّدَى
- بمُنْتَظِرِ العُتْبَى وَلاَ هَيِّنِ الجُرْمِ
- كأنّ يَداً لمْ تْحلُ منكَ بطَائِلٍ،
- يَدُ الأرْضِ، رَدّتها السّماءُ بلا شَكمِ
- كأنكَ من جِذْمٍ من النّاسِ مُفرَدٍ
- وَسائرُ مَن يأتي الدّنيّاتِ من جِذْمِ
- وَكمْ ذُدْتَ عَنّي من تَحاملِ حادثٍ،
- وَسَوْرَةِ أيّامٍ حَزَزْنَ إلى العَظْمِ
- كأنا عَدُوّا مُلْتَقًى ما تَقَارَبَتْ
- بنا الدّارُ إلاّ زَادَ غُرْمُكَ في غُنمي
- أُحَارِبُ قَوْماً، لا أُسَرُّ بسُوئهمْ،
- وَلكنّني أرْمي منَ النّاسِ مَنْ ترْمي
- يَوَدُّ العِدَى لَوْ كنتَ سالكَ سُبْلهمْ،
- وأينَ بناءُ المُعلياتِ منَ الهَدْمِ
- وَهَلْ يُمكنُ الأعْداءَ وَضْعُ فضِيلَةٍ
- وَقد رُفعَتْ للنّاظِرينَ معَ النّجْمِ
المزيد...
العصور الأدبيه