الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> ابن المعتز >> قِرَى الذِّكرِ منّي أنّة ٌ ونَحِيبُ >>
قصائدابن المعتز
قِرَى الذِّكرِ منّي أنّة ٌ ونَحِيبُ
ابن المعتز
- قِرَى الذِّكرِ منّي أنّة ٌ ونَحِيبُ،ق
- وقلبُ شجٍ، إن لم يمُتْ، فكئيبُ
- خلا الرَّبعُ من غُمّاره، ولقد يُرى
- جميلاً بهم ، والمستزارُ قريبُ
- إذِ العيشُ حُلوٌ ليس فيه مَرارَة ٌ،
- هنيٌّ ، وإذ عودُ الزمانِ رطيبُ
- وفي كلّ تسليمٍ جوابُ تحِيّة ٍ،
- و في كلّ لحظٍ للمحبْ حبيبُ
- عفا، غيرَ سُفعٍ ماثلاتٍ، كأنّها
- خدودُ عذارَى مسّهنّ شُحوبُ
- و نؤيٍ ترامى فوقه الريحُ بالسفا ،
- محته قطارٌ ، مرة ً ، وجنوبُ
- كما يَتَرَامَى بالمَداري خَرائدٌ،
- كواعبُ منها مخطئٌ ومصيبُ
- فكم شاقني ، من نأيٍ وهجرة ٍ ،
- خيالٌ لشرٍ بالدجيلِ غريبُ
- فقَد عَزَلَتني الغانياتُ عن الصِّبا،
- ومَزّقَ جِلبابَ الشّبابِ مَشيبُ
- فأدبرنَ عن رثّ الحياة ِ ، كأنه
- ردِيٌّ نَفاه الرّكبُ، وهو نَجيب
- ويومٍ تظلُّ الشّمسُ توقدُ نارَه،
- تكادُ حَصَى البيداءِ فيه تذوبُ
- وصلتُ إلى آصالِهِ بِشِمِلّة ٍ،
- تعرّقَها بعدَ الشّحوبِ سُهوبُ
- تلاقى عليها السَّيبُ من كلّ جانبٍ،
- و طاعَ لها غيثٌ أجمُّ عشيبُ
- تَتَبّعُ أذْيالَ الحَيا، حيثُ يمّمتْ،
- كما سارَ خلفَ الظّاعِنينَ جَنيبُ
- إذا رُميَتْ باللّحظِ من كلّ مَرْبعٍ
- تلقاه عاري عظمها ، فيصيبُ
- وإنّي لَقذّافٌ بها وبمِثلِها،
- رَحلنا المطايا، وهي ملأى جلودُها،
- فأُبْنا بها حُدباً، بهنّ نُدوبُ
- و رحنَ بأشخاصٍ كأشجارِ أيكة ٍ ،
- عَواريَ لم يُورق لهنّ قَضِيب
- و عارٍ بديمومٍ يجاذبُ جنة ً ،
- طوته شعابٌ قفرة ٌ وشعوبُ
- كمثلِ رشاءِ الغربِ مرتهنِ الطوى ،
- و طولِ السرى ، فالبطنُ منه قبيبُ
- لهُ وفضة ٌ ضمّت نِصالاً سنيّة ً،
- عواردَ ، تبدو تارة ً وتغيبُ
- إذا بارَزَ الأقرانَ شدّد خامعاً،
- فما هي إلاّ شدة ٌ ، فوثوبُ
- و سمعٌ نقيٌّ ليسَ يغفرُ هبة ً ،
- تبوعٌ لأجراسِ الأنام طلوبُ
- وخَيطانِ ما خِيطَا معاً في كَراهة ٍ،
- لهُ منهُما، حتى يَهُبّ، رَقيبُ
- و لحيان كاللوحينِ ركبَ فيهما
- مساميرُ أقيانٍ، لهنّ غُرُوبُ
- ترَى بينها مَثَوى لسانٍ كأنّهُ
- أسيرٌ تلقّتْه السّيوفُ، سَليبُ
- وخَطمٌ كأنّ الرّيحَ شكّتهُ بالسَّفا،
- طويلٌ، ونابٌ كالسّنانِ خَضِيبُ
- إذا خافَ إقوَاءً بأرضٍ تفاضلَت
- به عجلاتٌ ، سيرهنّ نصيبُ
- إذا شدّ خلتَ الأرض ترمي بشخصه
- إليها ، ويدعوها له ، فتجيبُ
- معدٌّ لأخيارِ الرياحِ طليعة ً ،
- يراقبُ زبانينِ حينَ يؤوبُ
- أرقتُ لبرقٍ من تهامة َ ضاحكٍ ،
- أهابَ به نحوَ العِراقِ مُهيبُ
- توقدَ في جوّ السماءِ ، كأنما
- تَشقّقُ عنه في الظّلام جُيوب
- وجلجَلَ رَعدٌ من بعيدٍ، كأنّه
- أميرٌ على رأس اليَفاعِ خطيب
- و قامت ورائي هاشمٌ حذرَ العدى ،
- وزادت بيَ الأحداثُ حينَ تنوبُ
- وأُصمِتَ عنّي حاسدي بخَلائقٍ،
- مهذبة ٍ ، ليست لهنّ عيوبُ
- فمَن قال خيراً قيلَ: إنّك صادقٌ،
- ومَن قال شرّاً قيل: أنتَ كَذوبُ
المزيد...
العصور الأدبيه