الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مهدي الجواهري >> يدي هذه رهن.. >>
قصائدمحمد مهدي الجواهري
- يدي هذه رهنٌ بما يَدَّعى فمي
- لئن لم يحكِّمْ عقلَه الشعبُ يندمِ
- هتفتُ وما أنفك أهتِف صارخاً
- ولو حرّموا مسِّي ولو حلَّلوا دمي
- ولو فتّشوا قلبي رأوا في صميمه
- خلاصةَ هذا العالمِ المتألِّم
- إذا تُرك الجُمهورُ يَمضي لشأنه
- ويسلُك من أهوائه كلَّ مَخْرِم
- وتنتابُهُ الأهواء من كلِّ جانبٍ
- وترمي به شتى المهاوي فيرتمي
- وتُنْشَر فيه كلَّ يوم دِعايةٌ
- ويندسُّ فيها كلُ فكر مسمِّم
- وتَقضي عليه فُرقة من مسدّر
- وتُنْهكُه رجعيةٌ من معمَّم
- ولم تلدِ الدنيا له من مؤدِّب
- يهذب من عاداته ومقوِّم
- فلا بد من عُقْبى تسوء ذوي النهى
- وتَدمى بها سبابةُ المتندِّم
- ولا بد أن يمشي العراقُ لعيشة
- يشرَّفُ فيها أو لموت محتَّم
- أقول لأوطانٍ تمشت جريئةً
- يَمدُّ خطاها كلُّ أصيدَ ضيغم
- وقرَّ بها مما تحاول أنها
- رأت في اكتساب العزِّ أكبر مغنم
- ألا شعلةٌ من هذه الروحِ تنجلى
- على وطن ريانَ بالذُّل مُفْعَم
- خذي كلَّ كذّاب فَسُلِّي لسانه
- ومُرّي على ظُفر الدنيِّ فَقَلِّمي
- ومُرِّي على هذي الهياكل أقبلت
- عليها الجمْاهير الرُّعاع فحطِّمي
- وإن كان لا يبقى على الحال هذه
- سوى واحد من كل ألف فأنعم
- فأحسنُ من هذي التماثيل ثُلّةٌ
- تقوم على هذا البناء المرمَّم
- فقد لعِبَت كفُّ التذبذب دورَها
- به واستباحت منه كلَّ مُحرَّم
- وقد ظهرت فيه المخازي جليةً
- يضيق بها حتى مجالُ التكلُّم
- وقد صيحَ نهباً بالبلادِ ومُزِّقت
- بظفُرٍ وداسوها بخُفٍّ و مَنْسِم
- وإني وإن لم يبق قول لقائل
- ولم يتركِ الأقوامُ من متردمِّ
- فلا بدَّ أن أُبكيكَ فيما أقصُّه
- عليك من الوضع الغريب المذمَّم
- ألا إن هذا الشَعبَ شعبٌ تواثَبَتََْ
- عليهَ صروفُ الدهر من كل مَجْثم
- مقيمٌ على البْلوى لِزاماً إذا انبرت
- له نكبةٌ عظمى تَهون بأعظم
- يجور عليه الحكمُ من متآمرٍ
- وتمشي به الأهواءُ من متزعِّم
- مساكينُ أمثالُ المطايا تسخَّرتْ
- على غيرِ هدْيٍ منهمُ وتَفَهُّم
- فلا الحكمُ بالحكم الصحيح المتمَّمِ
- ولا الشعبُ بالشعب الرزين المعلَّم
- تَحَدَّتْهُ أصنافُ الرزايا فضيَّقَت
- عليه ولا تضييقَ فقر مخيِّم
- فقد أُتخمت شمُّ " البُنوك " وأشرقت
- بأموال نّهابٍ فصيحٍ وأعجم
- تُنُوهِبْنَ من أقوات طاوٍ ضلوعَه
- على الجْوع أو من دمع ثكلى وأيِّم
- يُباع لتسديد الضرائب مِلْحَفٌ
- وباقي رِتاج أو حصير مثلَّم
- وما رفع الدُّستورُ حيفاً وإنما
- أتونا به للنَّهْب ألطفَ سَلَم
- ستارٌ بديعُ النسجِ حيكَ ليختفي
- بها الشعبُ مقتولاً تضرَّجَ بالدم
- به وجدت كفُّ المظالم مَكْمَناً
- تحوم عليه أنَّةُ المتظلِّم
- نلوذ به من صَوْلة الظلم كالذي
- يفرِ من الرَّمضاءِ بالنار يحتمي
- بضوء الدساتير استنارت ممالكٌ
- تخبَّطُ في ليل من الجْهل مظلم
- وها نحن في عصر من النور نشتكي
- غَوايةَ دُستور من الغِش مبهم
- هنالك في قَصْرٍ أُعدت قِبابه
- لتدخينِ بطّالين هوجٍ ونُوّم
- تُصَبُّ على الشعب الرزايا وإنما
- يَصُبُّونها فيه بشكل منظَّم
- مضت هَدرَاً تلك الدماءُ ونُصِّبَتْ
- ضِخامُ الكراسي فوق هَامٍ محطَّم
- ولما استَتَمَّ الامرُ وارتدَّ معشَرٌ
- خلاءَ اكُفٍّ من نِهاب مقسَّم
- ورُدَّت على الأعقاب زَحفاً معاشرٌ
- تُحاولُ عَودْاً من حِطامٍ مركَّم
- بدا الشر مخلوعَ القِناع وكُشِّفَت
- نوايا صدورٍ قُنِّعت بالتكتُّم
- وبان لنا الوضعُ الذي ينعَتُونَه
- مضيئاً بشكل العابس المتجهِّم
المزيد...
العصور الأدبيه