الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مهدي الجواهري >> ذكريات .... >>
قصائدمحمد مهدي الجواهري
- لا تمُرِّي " أنيتُ " طَيفاً ببالي
- ما لِطيفٍ يسُمُ لحمي ومالي
- أنا عندي مِن مُوحشاتِ الخَيالِ
- الطيوفُ المُعرِّساتُ حِيالي
- كذئابٍ مسعورةٍ وسَعالي
- بل تَعالَيْ إلى يديَّ ، تعالِي
- فهُما الآنَ يَحضنانِ الفِراشا
- خالياً منكِ يستفيضُ ارتعاشا
- ههنا ، ههنا مكانُكِ أمسِ
- ههنا ، مسَّ أمسِ رأسُكِ رأسي
- ههنا أمسِ ، أمسِ ، ذوَّبتُ نفسي
- في يبيسٍ من الشفاهِ الظّوامي
- تتساقى مِن القلوبِ الدّوامي
- أمسِ كنَّا هُنا هنا نتساقى
- من كؤوس الهوى دِهاقاً وِفاقا
- أمس كنَّا رُوحاً بروحٍ تَلاقى
- ويداً تحتوي يداً ، وفُؤادا:
- لأخيهِ يبثُّ نجوى ، وعينا :
- تَرتعي أُختَها فكيفَ وأينا :
- عادَ ما كانَ أمسِ منَّا طِباقا
- وحشةً ، وارتِعاشةً ، وفِراقا
- أمس ِ ، أمسِ ، التقت هُنا شَفَتانِ
- كانتا من عجيبِ صُنع الزمانِ
- ذوَّبَ الدهرُ من مزيج الأماني
- فيهما ، كلَّ موحِشٍ ولطيفِ
- وبليدٍ ، وحائرٍ ، وعصوفِ
- أمسِ ، أمسِ ، التقت هنا شَفَتانِ
- يستطيرانِ " وقدةً " واُوارا
- ويسيلان في المراشِف نارا
- ويُثيران من شَكاةِ الزمانِ
- في لهاثِ الأنفاسِ مثلَ الدخان
- وكأن العيونَ بُلهاً ، سكارى
- من عثارِ اللهاثِ تُكسى غبارا
- أمسِ ، راحتْ على الشفاهِ تدور
- قُبُلاتٌ من قبلُ كانت أسارى
- في شِعافِ الفؤادِ ، حَيرى ، تمورُ
- وزوانٍ ! كأنهُنَّ العذارى
- أمسِ ، رُدَّتْ إماؤها أحرارا
- وأماطتْ عن الضّميرِ ! السّتارا
- فبدا ذلك " الحِمارُ !! " الصغير
- مثقلاً ، فوقه الخنا ، والفجور!
- يأكُلُ الشهوةَ الفظيعةَ ..نارا
- ويعُدُّ الصبرَ القبيحَ فخارا
- ثُم يَطغى سعيرُها ويثورُ
- فوقَ وجهٍ يَضوى ، وعَينٍ تغور
- ثم يُلوى بِثقْلِهِ .. ويخور
- أمسِ " نعٌ " بين الشفاه طَهورُ
- غسَلَ الحِقدَ ، والخنا ، والعارا
- ونهى ( الرجسَ ) أن يكون شعارا
- أمسِ ، راحت على الشّفاهِ تدورُ
- هَمَساتٌ تُصغي لهنَّ الدُهور
- وبذيل " المجرِّ " منها عبير!
- ههنا أمسِ ، كانَ خيطٌ يَرِقُّ
- من نسيجِ الدُّجى ، وفجرٌ يشُقُّ
- دربَه ، والنجومُ شِقٌّ وشِقُّ
- ههنا أمسِ ، كانَ جَرسٌ يَدُقُّ
- ضربَاتٍ سِتَّاً يرنُّ صداها
- وتُفيقُ الدُّنيا على نجواها
- أمسِ مدَّ الصباحُ كفَّاً فحلاً
- من نجومِ السّماءِ عِقداً تحلَّى
- بسناهُ الدُّجى ، وفرَّقَ شَملا
- أمسِ ، إلاّ نجماً دنا فتدَّلى
- يُرغِمُ الشمسَ أن تَرى منهُ ظِلاّ
- أمسِ ، هذا النجمُ الغريبُ أطلاَ
- مِن على شُرفَةٍ نُطِلُّ عليها
- ونُزَجِّي همسَ الشفاهِ إليها
- أمسِ ، هذا النجمُ المنوَّرُ كانا
- يَرتبي مِن ذُرى السماءِ مَكانا
- أمسِ ، والانَ لا يزالُ عِيانا
- وسيَرْتَدُّ بُكرةً وعشِيَّا
- مائِلا ظِلُّه الخفوقُ لديّا
- يملأُ النفسَ لوعةً وحنانا
- كان في ظِلِّ غيمةٍ تتهرّى
- ترتَديه طَوراً ، وطَوراً تعرَّى
- ومشى " سانِحٌ " إليه ، ومرّا
- " بارِحٌ " جنبَه ، وكانَ جَناحُ
- يلتقي جنبَ آخرٍ ينزاحُ
- عنهُ : في حينَ راحَ يبغي مَمَرَّا
- بين هذا وذاكَ حتّى استقرّا
- أفتدرِينَ أينَ ؟ تدرينَ أينا !!
- فلقد كنتِ تَملئينَ العَينا
- مِن جمالِ " الشُّجيرةِ " الورفاءِ
- تتراءى كقُبّةٍ خَضراءِ
- عن يمينِ الحَديقةِ الغنَّاء
- بُرهةً ! ثُمَّ راحَ يمشي الهُوينا
- والهُوينا ! حتى اضْمَحلَّ فغابا
- وانطوى . ثم عادَ أمسِ فآبا
- وتمشَّى فُويقَ ، ثُمَّ دُوَينا !
- ورآنا – ولا نؤوبُ – انطوينا
- ورأى غيرَنا يُجِدُّ مكانا
- كانَ في أمسِ مَرْتَعاً لِهوانا
- هكذا ، هكذا ، أردنا فكانا
- فلنُخَلِّ القضا ! ونُعْفِ الزمانا
المزيد...
العصور الأدبيه