الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمد مهدي الجواهري >> تأبين الغراف الميت >>
قصائدمحمد مهدي الجواهري
- عُمِرَتْ ديارُ شَراذمٍ دُخّال
- أسفاً عليك وأنتَ قَفرٌ خالِ
- عُمِرَتْ ديار " الطارئين " ونُكِّستْ
- دورٌ شَراها أهلها بالغالي
- بالروح يُزهقُها الغَيورُ على الحمى
- والمالُ يبذله عدوُ المال
- بدت البيوتُ الخاوياتُ حزينةً
- محفوفةً بالشوكِ والأدغال
- وكأنما شُرفاتها مغبرَّة
- أشباحُ الآمٍ وَقفْنَ حيالي
- يا عابرينَ على الطريقِ تلفتوا
- وتَبَصَّرُوا بتقلُّبِ الأحوال
- هذي البيوتُ الموحشاتُ عِراصها
- كانت تُحَطُّ بها عصا التَرْحال
- نُحرَتْ هنا كُومُ النياق وأوقدَتْ
- نارُ القِرى للطارق المِحلال
- هذي الديارُ ديارُ كلِّ سَمَيْذَعٍ
- حامٍ لحوزةِ غابهِ رِئبال
- هذي الديارُ ديارُ كل مُرَحِّب
- بالوافدين مُشَمِّر السربال
- ولقد يُرى في نِعمةٍ محسودةٍ
- هذا الذي تَرثيِه في الأسمال
- هذا المشرَّدُ كان مَأمَلَ طالبٍ
- ومناخَ أطلاح وخدنَ عوالي
- أسفاً يهدُّ الجوع منكَ بطولةً
- يامعدِنَ الأشبالِ والأبطال
- يا معدِنَ النَفَرِ الذينَ تقسَّموا
- لسماحةٍ ورَجاحةٍ ونِزال
- ذُخِرَتْ لأيامِ السرورِ فلائلٌ
- نَزلتْ على الأوطانِ شرَّ عِيال
- وبنوكَ قد ذُخِروا ليومِ كريهةٍ
- وضريبةٍ و مجاعةٍ وِقتال
- تلك السواعدُ فعمةٌ مفتولةٌ
- أرخَتْ أشاجعَها يدُ الإقلال
- ولقد وَقفتُ على مَصبِّك وَقفةً
- لا ينمَحي تَذكارُها من بالي
- أما مسيلُ الماء فيكَ فإنه
- يَبَسٌ تعاورَهُ مسيلُ رِمال
- أعيا لسانَ القولِ فرطُ تَلجْلُجٍ
- فيه فساعدَهُ لسانُ الحال
- خالستُ موقفَ صاحبي فوجدتُه
- وهو الرزينُ مهيَّج البِلبال
- ولقد يعزُّ على الشُعور وأهلِهِ
- مرأى البلادِ بمثل هذي الحال
- وفحصتُ أطرافي فكانت كلُّها
- توحي الىَّ معرّة الإهْمال
- يا ساكني " الغراف " ما قدرُ الذي
- يأتيكُمُ من شاعرٍ قوّال
- أو أبعثُ الأملَ المريحَ اليكُمُ
- أنا مثلكُمْ متصدِّعُ الآمال
- أنا مثلُكم أسلمتُ كلِّ عواطفي
- لليأسِ يأخذُها بكلِّ مَجال
- في ذمة التاريخِ ما جُرِّعتُمُ
- من غُصَّةٍ ، في ذمة الأجيال
- قد قلتُ للنَفَرِ القليلِ خِيارُهم
- لو كانَ ثمةَ سامعٌ لمقالي
- هاتوا من الأعمال ما يقوى على
- تصديقِ بعضِ خوادِع الأقوال
- أولا فانَّ الشعبَ دوّى يأسُه
- اخشَوا عواقبَ يأسِه القَتّال
- ما يمنعُ الساداتِ أن يتفكروا
- بمصير أعبِدَةٍ لهُمْ ومَوالي
- شعبٌ على شكلٍ تمشَّى حكمُهُ
- أبداً برغم تخالُفِ الأشكال
- وأمضُّ من قَحْط السنين بأمةٍ
- مشلولةِ الأعمالِ قحطُ رجال
- شعبٌ أراد به الوقيعةَ خصمُهُ
- وبنوه فهو ممزَّقُ الأوصال
- شُغِل الفراتُ بضيمه عن دجلة
- ونسى جنوبيّ العراق شمالي
- وإذا سألتَ الرفقَ كان جوابُهُم
- ما للقلوبِ الموجَعاتِ ومالي
المزيد...
العصور الأدبيه