الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> قاسم حداد >> ظلامٌ عليك أيها الجبل >>
قصائدقاسم حداد
ظلامٌ عليك أيها الجبل
قاسم حداد
- كان الجبل في أحداقنا
- ينقل أقدامه الزجاجية من حلم في هيبة البحر
- إلى حلم في أبّهة النخيل
- ذهبنا لشحذ أعضاءنا بأسنانه
- بصلافة صخوره وغدر نتوءاته
- فيما هو منشغل بصقل شظاياه
- مباهياً بهيبة مراثيه وبراثنه الباسلة
- رعاياه
- نزن به أحلامنا كأنه معدن الوقت
- يكنز نعمته في غيوم غامضة
- مبذولة لترف المكائد
- تتماهى في خلاعة الأشكال وتشفُّ عن الماء اليابس
- قمصاننا تشيع الفتنة لجسدين في لذة السفر
- نغفل عن خيوطها المشاعة فنخسر قناديل الطريق
- مثل نجوم مدلاّة في تجاعيد الوحشة
- تظن أنها السماء .
- جبلٌ يخبُّ في جبّته الموشاة بأحداق ثملة
- وأهداب فَضَّة
- ترصد رعيةً في وحشة السفوح
- نحن رعاياه المستوحشون
- تنالنا جهامة الليل.
- شعبٌ يستفرد به حجرٌ كئيبٌ محمول على المناكب
- غاباته مكتظة بيقظة الحواس
- تزعم أنها ثمالة حنيننا الموصول بعدالة المطر
- ما إن نغفل حتى تغدر الشباكُ بشعبٍ يشطّ
- يرشده أدلاّءُ يعرّيهم الجبل بكمائنه
- ويفضح خطواتهم بالكواسر
- ما إن نغفل حتى تطيش جمرة الغابة
- لفرط النطرة وضغائن الفصول
- رعايا نحن
- نعقُّ عن هيبة الجبل
- ونزخرف جسده بمرايا مشروخة
- تفضح خرقاً مزقتها مواكب الجنازات
- واندلاع النيازك اليائسة
- رعايا
- نرفع أسمالنا رايةً في طليعة النص
- فتخرُّ الخرائطُ مهتوكة بصراحة الكذب.
- نعرف في الحجر ذريعةَ الطريق
- تأخذ أقدامنا بهجة المسافة
- وطبيعة السفر
- كأن الماء في المنحنى
- كأن شجرة الغابة تقويمنا لندرك خاتمة السرد
- كأن زفير المآتم سأمنا الأخير لتفادي سردَ القرابين
- كأن بريد القرى المستباحة بلاغة المدينة
- تميمتها لتدارك فضيحة التهتك في حضرة القتل
- نعقُّ مثل رعية تفقد حرية النوم
- نقول للجبل : غيّر غيومك
- هيئ ضريحك
- وافتح ألوانك على الناس
- نقول له : ظلامٌ عليك أيها الجبل
- ولك قوسنا الشاهق .. سرادق الأفق
- نقول له : سئمنا سيداً يَسكتُ عن أحفاده
- ويطلق لأسلافه سطوة الندم
- جبلٌ ينهرُ أحلامنا ويشي بنا في محفل الصيارفة
- يقودنا بأدلاّئه المذعورين
- ويعتذر عن أجمل أخطائنا أمام قناصل الدول
- ومبعوثي الجيوش
- نقول للجبل :
- الجبالُ ترحل أيضاً . *
المزيد...
العصور الأدبيه