قصائدعدنان الصائغ



مقطع عرضي..من حياةِ رقاصِ الساعة
عدنان الصائغ



  • كان مثنى كالمصعدْ

  • يهبطُ…

  • يصعدْ…!

  • لكنَّ مثنى قرّرَ أنْ يتوقفَ عن هذا التعبِ اليوميِّ،

  • المللِ المتكّررِ..

  • أنْ يفتحَ نافذةَ القلبِ على البحرِ المزبدْ

  • أنْ يركضَ، يركضَ، حافي القدمين، على العشبِ الناعمِ

  • أنْ يتمددْ

  • أن ينسى كلَّ عواءِ السياراتِ…

  • ضجيج المدنِ الملغومةِ بالآلاتِ، وبالأضواءِ

  • موسيقى الديسكو، الإعلاناتِ

  • اللهث وراءَ اللقمةِ

  • صافرة الشرطيِّ،

  • أنين المصعدْ..!

  • ومثنى…

  • لمْ يسكرْ في بارٍ

  • لمْ يختلسِ النظراتِ لساقِ فتاةٍ في سلّمِ باصٍ

  • لمْ يسرقْ تيناً من بستانِ أحدْ

  • ومثنى لمْ يدخلْ مدرسةً

  • ويصدّق أنَّ الأرضَ تدورُ

  • وأصلَ الإنسانِ "من القردِ"..

  • وما خبّأ تحت وسادتهِ قمراً مجنوناً

  • أو أغنيةً لـ"أم كلثوم"

  • أو ديناراً من شغلِ الأمسِ

  • ولمْ يبكِ على ما فاتَ

  • ولمْ يحقدْ…

  • ومثنى… آهٍ

  • أضبط من رقّاصِ الساعة

  • في الثامنةِ المعتادةِ يذهبُ للشغلِ

  • وفي الثانيةِ المعتادةِ يرجعُ للبيتِ

  • وبين الشغلِ، وبين البيتِ

  • أضاعَ مثنى عنوانَ النهرِ، الصحب،

  • الأشجار،

  • وضيّعهُ الأصحابُ

  • ومقهى يرتادون

  • وشقراء.. لمْ تجنِ منه سوى الخجلِ القرويِّ

  • وسلّةِ تمرٍ، وحكاياتٍ بيضاء…

  • فعافتهُ وحيداً

  • محترقَ الأجفانِ أمام الشباكِ الموصدْ

  • ماذا لو يسترخي الآنَ أمامَ النافذةِ المفتوحةِ..

  • طولَ الصبحِ..

  • ويتركُ هذا الجرسَ الأحمقَ.. يقرعُ حتى…

  • ماذا لو يذهبُ للبستانِ – كما كان مع الأصحابِ –

  • ويجمعُ بعضَ السعفِ اليابسِ

  • يشوي ما اصطادَ من الأسماكِ.. على الجرفِ

  • ويأكلُ حتى التخمة…

  • ماذا لو…

  • يركضُ خلفَ فراشاتِ طفولتهِ الغافيةِ الآنَ

  • على أكمامِ الوردْ…

  • ماذا لو ينسى – لدقائق – أنَّ العالمَ

  • مشحونٌ بالأتعابِ..

  • وبالدخانِ الأسودْ

  • ماذا لو.......

  • ........

  • لكنَّ مثنى، وهو يفكّرُ أن يوقفَ سيرَ المصعدْ

  • يسرعُ نحو الشغلِ – كعادتهِ –

  • يجلسُ خلفَ الطاولةِ المتآكلةِ الأطرافِ

  • يفكّرُ بالترفيعِ..،

  • وخمسةِ أفواهٍ زغبٍ

  • وحياةٍ كالريحْ..!



أعمال أخرى عدنان الصائغ



المزيد...

العصور الأدبيه



ماذا يجب أن تعرف عند شراء شقتك؟