الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> عدنان الصائغ >> بالون >>
قصائدعدنان الصائغ
- أنتَ تملكُ الصكوكَ..
- وأنا أملكُ القصائدَ..
- ورغم ذلك فأنا أكثرُ سعادةً منكَ
- حياتُكَ: بنوكٌ، ومسابحٌ من الفسيفساءِ، وسكرتيراتٌ أنيقاتٌ، وكونياك، وملاعقٌ من ذهبٍ، وصفقاتٌ، ودم...
- وحياتي: شوارعٌ من الريحِ، وكمبيالاتٌ مستحقةٌ، وأصدقاءٌ، ومطرٌ، وخبزٌ منقوعٌ بالباقلاء...
- ورغمَ ذلك..
- فأنا استطيعُ أن أضعَ رأسي على الوسادةِ وأحلمُ
- أما أنتَ فلا تستطيع أن ترى غيرَ الكوابيسِ
- *
- أنا الشاعرُ عدنان الصائغ
- رأيتُ من الخنادقِ والمساطرِ والأكواخِ والمعسكراتِ
- أضعافَ ما رأيتهُ أنتَ.. من الصالوناتِ والسهراتِ والمطاعمِ الفخمةِ..
- وبيدي هاتين،.. اللتين كثيراً ما خدشتا أصابعَكَ الناعمةَ
- وهما تصافحانكَ...
- بيدي هاتين،..
- حملتُ عشراتِ الجثثِ من ساحاتِ المعاركِ
- وبعتُ السجائرَ والصحفَ على أرصفةِ المدنِ..
- ونقلتُ الصناديقَ، في مخازنِ الشالجيةِ،.. والطابوقَ والجصَّ، لبيوتِ الأثرياءِ..
- وغسلتُ الصحونَ في المطاعمِ الرخيصةِ
- وعملتُ في المجاري والمقاهي والمكتباتِ
- من أجلِّ لفّةِ همبركر...
- أستطيعُ أن أمضغها ملتذاً
- وأنا أجوبُ الشوارعَ عائداً إلى البيتِ
- أما أنتَ...
- فما أكثر ما كنتَ تشكو المللَ والتخمةَ
- وأنتَ تنبشُ أسنانَكَ المنخورةَ
- بعيدانِ الثقابِ
- لتستخرجَ... لحمَ الآخرين
- *
- أعرفُ أن في شرايينكَ يجري ماءُ الكولونيا
- وفي شراييني شوارعٌ من الوحلِ
- وأن ثمنَ حذائِكَ
- يعادلُ أضعافَ راتبي من المجلة
- ورغمَ ذلك..
- فأنا أكثر سعادةً منكَ..
- أستطيعُ أن أغمضَ عيني
- لأرى حشداً من النجوم تحطُّ على سطحِ بيتنا الطيني
- وأن بين أصابعي تترقرقُ الآف الينابيع
- وهي تنحدرُ إلى القرى
- ما الذي نفعلُ
- نحن الفقراءَ المنتشرين على أرصفةِ المدن
- الفقراء الذين لا نملك سوى التسكّعِ والطيبةِ والحبِّ
- ما أكثر ما نظرتَ إلينا بازدراء
- وأنتَ تمرقُ أمامنا بسيارتكَ الفارهة
- لقد قاتلنا بضراوةٍ..
- من أجلِّ أن يكون لنا وطنٌ،
- وشوارع، وشمسٌ، وأشجارٌ، وكرامةٌ، وخبزٌ، وقصائد
- وتاجرتَ بشراهةٍ
- من أجل أن يكون لك رصيدٌ
- وصكوكٌ وعمارات
- ماذا نفعل؟
- إذا كنا قد انشغلنا بهموم الوطن
- وانشغلتَ بهموم الصفقاتِ
- إذا كنا قد غصنا في طين الجبهاتِ.. حدَّ الركبِ
- وبقيتَ تتفرج على ثيابنا المبقّعةِ بدمِ المعاركِ وغبارِ القنابلِ
- - من خللِ زجاجِ مكتبك الأنيقِ –
- دون أن تجرؤَ حتى على لمسها
- ورغمَ ذلكَ،
- فأنتَ تستطيع أن تشتري القلاعَ والذممَ والشققَ المكيّفةَ
- ولكنك لن تستطيعَ أن تشتري حلمَ شاعرٍ
- وذلك ما يؤرّقكَ طويلاً..
- طويلاً جداً..
- ******
المزيد...
العصور الأدبيه