الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> عبد الرحمن العشماوي >> نظرة في شموخ اليتيم >>
قصائدعبد الرحمن العشماوي
- أسمى صفاتِكَ أنْ تكون كريما
- وتكونَ بَراً بالعباد رحيما
- أسمى صفاتِكَ أنْ تكونَ مميَّزاً
- بسداد رأيكَ في الأمور، حكيما
- تسعى بكَ الدنيا، وأنتَ تقودُها
- بالحقِّ، تُسْعِدُ قلبها المهموما
- تلقى الخطوبَ وأنتَ أرفَعُ هامةً
- منها، وتأنَف أنْ تعيش ذَميما
- أسمى صفاتكَ أنْ ترى الدنيا بلا
- غَبَشٍ، وأنْ يبقى الفؤادُ سليما
- أنْ تجعل التاريخَ يَمْلأُ كأسَه
- وتكونَ أنتَ رحيقَها المختوما
- ترمي بسهمكَ، لا لِتَقْتُلَ آمناً
- لكنْ لتحرُسَ خائفاً محروما
- تسعى إلى كَسْبِ العلومِ تقرُّباً
- للهِ، لا ليُقَالَ: صار عليما
- أسمى صفاتكَ أنْ تحلِّقَ عالياً
- بجناح عدلكَ، تنصر المظلوما
- يا حاملَ الدُّنيا على كتفِ الرِّضا
- يا من رأيتُكَ للجَفاءِ غَريما
- يا ساعياً للخير في العصر الذي
- ما زال حَبْلُ وفائه مصروما
- للخير أغصانٌ تطيب ثمارُها
- فامنحْ جَناها خائفاً وعَديما
- واحملْ إلى أفيائها الطفلَ الذي
- ما زال في حُفَرِ الشقاء مقيما
- فلَرُبَّ ماسحِ أَدْمُعٍ من مقلةٍ
- تبكي، رأى فضلاً بهنَّ عَميما
- انظرْ إلى وجه اليتيمِ، ولا تكنْ
- إلا صديقاً لليتيمِ حميما
- وارسمْ حروفَ العطف حَوْل جبينهِ
- فالعَطْفُ يمكن أنْ يُرى مرسوما
- وامسح بكفِّكَ رأسه، سترى على
- كفَّيكَ زَهْراً بالشَّذَا مَفْغُوما
- ولسوف تُبصر في فؤادكَ واحةً
- للحبِّ، تجعل نَبْضَه تنغيما
- ولسوف تبصر ألفَ ألفِ خميلةٍ
- تُهديك من زَهْر الحياةِ شَميما
- ولسوف تُسعدكَ الرياضُ بنشرها
- وتريكَ وجهاً للحنانِ وسيما
- انظرْ إلى وجه اليتيم وهَبْ له
- عَطْفاً يعيش به الحياةَ كريما
- وافتحْ له كَنْزَ الحنانِ، فإنما
- يرعى الحنانُ، فؤادَه المكلوما
- لولا الحنانُ لَمَا رأيتَ سعادةً
- لولا السماءُ لَمَا رأيتَ نجوما
- لولا الرّياحُ لَمَا رأيتَ لَواقحاً
- لولا البحارُ لَمَا رأيتَ غيوما
- لولا الغصونُ لما رأيتَ ظِلالَها
- لولا الرعودُ لَمَا سمعتَ هَزيما
- لولا الربيعُ لما رأيتَ زُهورَه
- تشدو، ولا لامَسْتَ فيه نَسيما
- يا كافلَ الأيتامِ، كأسُكَ أصبحتْ
- مَلأَى، وصار مزاجُها تسنيما
- ما اليُتْمُ إلاَّ ساحةٌ مفتوحةٌ
- منها نجهِّز للحياةِ عظيما
- ونحوِّل الحرمانَ فيها نعمةً
- كُبْرى تُزيل عن الفؤادِ هموما
- قَسَمَ الإلهُ على العباد حظوظَهم
- فالكلُّ يأخذ حَظَّه المقسوما
- وسعادةُ الإنسانِ أن يرضى بما
- قَسَمَ الإلهُ، ويُعلنَ التَّسليما
- قالوا: اليتيمُ، فقلتُ: أَيْتَمُ مَنْ أرى
- مَنْ كان للخلُقِ النَّبيل خَصيما
- قالوا: اليتيمُ، فقلتُ أَيْتَمُ مَنْ أرى
- مَنْ عاشَ بين الأكرمينَ لَئيما
- كم رافلٍ في نعمةِ الأبويْن، لم
- يسلكْ طريقاً للهدى معلوما
- يا كافلَ الأيتام، كفُّكَ واحةٌ
- لا تُنْبِتُ الأشواكَ والزَّقُّوما
- ما أَنْبَتَتْ إلاَّ الزُّهورَ نديَّةً
- والشِّيحَ والرَّيحانَ والقَيْصُوما
- أَبْشِرْ فإنَّ الأَرْضَ تُصبح واحةً
- للمحسنين، وتُعلن التكريما
- أبشرْ بصحبةِ خيرِ مَنْ وَطىءَ الثرى
- في جَنَّةٍ كمُلَتْ رضاً ونَعيما
- قالوا: اليتيمُ، وأرسلوا زَفَراتهم
- وبكوا كما يبكي الصحيحُ سَقيما
- قلت: امنحوه مع الحنانِ كرامةً
- فلرُبَّ عَطْفٍ يُوْرِثُ التَّحطيما
- ولَرُبَّ نَظْرةِ مُشفقٍ بعثتْ أسىً
- في قَلبه، جَعَلَ الشفيقَ مَلُوما
- قالوا: اليتيمُ، فَمَاج عطرُ قصيدتي
- وتلفَّتتْ كلماتُها تَعظيما
- وسمعْتُ منها حكمةً أَزليَّةً
- أهدتْ إِليَّ كتابَها المرقوما:
- حَسْبُ اليتيم سعادةً أنَّ الذي
- نشرَ الهُدَى في الناسِ عاشَ يَتيما
المزيد...
العصور الأدبيه