الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> سيف الرحبي >> هذا الوجه أين رأيته ، أين صادفته ؟ >> 
 
قصائدسيف الرحبي
هذا الوجه أين رأيته ، أين صادفته ؟ 
 سيف الرحبي 
 
- هذا الوجه أين رأيته، أين صادفته 
 - في مهب أحوالي ومعترك مدائني: 
 - في الحلم أو اليقظة، في الشرق أو الغرب 
 - بأي ساحة أو مدينة وزقاق. 
 - في الدخان المتصاعد من حناجر الغرقى، 
 - في المتوسط وبحر إيجة، كازنتزاكي، 
 - يتنزه بين عظام الاغريق، في البحر الميت 
 - أو البحر الشمالي حيث القراصنة بلحاهم 
 - الصفراء تتطاير في البرد والضباب. 
 - هذا الوجه الموؤود في قعر غرائزي 
 - في ظلام ذاكرتي 
 - أعرفه جيدا، اعرف إيماءاته الرشيقة 
 - في الأثير، أعرف خطوته 
 - التي تخبئ الكنز، ذهابا وإيابا 
 - من غير معرفة ولا جهل، حالة 
 - الخطر، المتدلّية من لهاة 
 - برق الجنوب المشرع على النافذة، 
 - يجعل ملامحه متلعثمة وخجلة كأنما نزل 
 - للحظة من قريته، مخضّبا بالحنّاء 
 - وجرس الصفارد تحت الصخرة الكبيرة، 
 - التي دفن تحتها غزاة لا هوية لهم ولا 
 - أطماع، غزاة البراءة التي تنبلج في فجر 
 - العاشق للمرة الأولى والأخيرة. 
 - وجه أمي الذي لا أجرؤ على النظر إليه كأنما أهرب من جنتي المستحيلة، 
 - الذابلة حتى التلاشي، 
 - جنة لم تكن لأحد غيري قبل أن يتصرّم حبلها. 
 - وجه أبي، وجه المرأة التي أصبحت مجهولة لا عنوان لها، 
 - وجه الوجوه، إسورة الفيضان؛ 
 - ليل المدينة الذي ظلامه من وجوه تتدفق من الجهات كلها، 
 - من النوافذ المضاءة والمغلقة، من الحدائق والخرائب والحانات، 
 - تنخلُ الجسد الوحيد على الأريكة التي طالها البلى وعبثت بها رياح 
 - الوجوه حين تنفجر هكذا، دفعة واحدة فاتحة جدول النحيب 
 
 
 
المزيد...
العصور الأدبيه