الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> ريتا عودة >> رسائلي إلى نجوى >>
قصائدريتا عودة
- قبل الاختِناق بدمعة
- (رسائلي إلى نجوى_1)
- آه نجوى!
- النافذة هنا مُشرّعة على ألم..
- والريح تعصف بستائر الندم منذ رحيله!
- هنا أنا..
- وحيدةٌ كما شجرة زيتون على سفح جبل..
- أرتدي معطف الذكريات ولا أبحث عن مدفأة..
- المطر خفيف ٌ.. مُخيِف ْ..
- وفي الغابة على مدى الحلم..
- ألف ذئب ما زال يترّصد بسلة أزهاري
- يتلهف ليعيثَ فيها نفاقاً !
- وحدي هنا.. لا أنتظر أحدا..
- لا أحد ينتظرني !
- لا أحد يستحق الانتظار سواه..
- له وحده
- انحنتْ سيقان قمحي, التي ضجّت بسنابل الغرور دهرا!
- حصدَ شوقي..
- ناولني صليبًا من خشب النسيان
- وقال: اتبعيني.. فتبعته بفرح , دون أن أتلفت حولي ,
- دون أن تشلّني صيحات الغربان على الطريق!
- وتدحرجتُ خلفه ككرة ثلجية..
- خطوة خطوة في درب الغيرة والحيرة.
- تدحرجتُ .. تدحرجت .. وجمعتُ في طريقي كلّ قشّ الخصام.!
- ثمّ سقطتُ في أتون الفُراق!
- آه نجوى!
- هل بقي في القلوب متّسع للحبّ ؟
- أما استحالت زوارقنا, أوراقا تبحر في محيط القلق ؟!
- أما استحالت عصافيرنا, حبرا لا تغرد إلا على ورق ؟
- أيتها الصديقة الحنون,
- هل تأتين كل فجر ..
- لتضعي ولو وردة جافة واحدة على قبري
- لعل مناقير الطيور تهبط.. تحملَها
- فلا يبقى من الحلم إلا ذكريات
- ذكريات
- ********
- قبلَ أن يُدركنَا فُراق
- (رسائلي إلى نجوى-2)
- آه نجوى !
- هل أقصّ عليكِ أسراري من ياء اليباب
- إلى ألف اللقاء الأوّل الشهيّ..
- حينَ أدركَ أنّهُ يعشقني...!
- بدأ يُبعِدُني عن منهل حنانه..
- وهو ُيدركُ أننّي..
- كما الفراشة الصغيرة في مهبّ العاصفة.!
- لا أقوى مقاومة جفاف النفي عن قلبه.
- آه أيتها الصديقة الدافئة ..
- الرّوح تهجر الجسد مرّة , وأنا هجرتني روحي ألف ألف مرّة منذ غيابه !
- وحده .. كانَ قادرا أن يتمدّد ويتقلص
- يثور وينحسر , كما البحر
- داخل محارة حواسي!
- مرّ بقلبي..
- كما التاجر الأنيق.. فاشترى كل منتوجات كياني.. من حنان وحنين
- غيرة وحيرة, جنون وظنون..
- وحينَ منحته وسام الترقية..
- تاهَ في سوق الغُربة!
- دنوتُ منه ..
- كما سنونوة يصطادها حب استطلاعها للحياة.!
- إلى اسلاك قفص .
- اقتحمتُ قلبه.. فأبْقَى نافذة مُشرعّة للرحيل..
- لكنني رفضتُ أن يُقصيني عن وطن..
- أعلنت انتمائي لدفئه.
- دنوتُ من حنانه حتّى ثمالة الفرح ..
- فراحَ يبتعدُ مرتعدًا..
- كقطار سريع ٍ ينزلقُ على سكّة حديديّة مألوفة!
- آه يا غالية ..
- أخبريني بربّك ِما السبيل للّحاق ِ به؟!
- أو.. أخبريه أن يتوقف حيث هو..على جسر الشوق..
- لآتيه حوريّة ًبحلم ٍحريريّ.
- آه يا عمري .. توّسلي إليهِ
- أن يتوقفَ حيث هو.. لأدركَهُ قبل أن يُدركَنَا فُراقٌ.. فنندم..!
- حيثُ لا ينفع ألم... ولا ندمْ!
- ********
- يحبني..؟ لا يحبني ..! يحبني..!!
- (رسائلي إلى نجوى_3)
- آه ٍ نجوى ...!
- من سواكِ شاهدَ حوريّةً تغرق في بحر العمر !!
- تتعلّق بقشّة صبر ..
- ويمرّ بآخر خيوط الأمل مركبُ أحلام ٍ فردوسيّة, يعجّ بالملائكة, والأنغام السماويّة ..
- فتتدلى يدان لتنتشلا الحوريّة من موجة قهر ..
- وتوّقعا على وثيقة انتمائها لقلب
- صار أوسع من وطن منذ قررتْ أن تمارس حق اللجوء إليه!
- آه ٍ نجوى .. يا رفيقة الكتابة والكآبة ..!
- يقولون: (الأقحوان لا ينمو إلا على الأرض.!)
- لكنّني شاهدته بساتينا في عينيه..
- فأثملني الشذى !
- يقولون: (الكروان لا يحلّق فوق الشّمس..!)
- وأنا شاهدته يرفرف فوق جبينه..
- يغرد على أغصانه, فأثملني الصوت والصدى!
- آه نجوى .. يا تربة أسراري ..!
- منذ التقى واحدُنا نصفه الآخر والبشر يحيون الجفاف ونحن نحيا المطر..
- نبني عُشّ أحلامنا كلّ فجر قشّة قشّة..
- ونوقد كلّ القشّ مساءً لنحتمي بالدفء حين يجمعنا حضن واحد..
- أوسع من رحم العاطفة!
- آه ٍ يا غالية ..
- لماذا ..
- كلّما قطفتُ في غيابه أقحوانة..
- أعرّي بتلاتها بتلةً بتلة ..
- أستطلع خفايا قلبِه:
- يُحِبُّنِي..!
- لا يحبني..!
- يحبني..!
- تسقطُ كلّ ُ اللاءات
- حتّى آخر بتلة!
- ********
- الحبّ كالعمر لا يأتي إلا مرّة
- (رسائلي إلى نجوى_4)
- آه ٍ نجوى..!
- في القلب أكثر من دمعة ..
- وأنا عاجزةٌ عن السير عكس اتجاه القلب !
- ألم يأتني كعندليب يتحرّش ُ بشجرة..
- فاحتويته بين أغصان حناني..!
- وحلمتُ أن يحملنا الحُبّ على جناحيه إلى الذُروة..
- دون أن نتقهقر كـ (سيزيف..!)
- خلف صُخور خيباتنا..
- لكننّا تقهقرنا..
- مرّة ومرّة ..!
- وها هو ..
- يهددني بنزق طفوليّ بإجهاض جنين حبّنا من رحم العاطفة..
- وهو راغبٌ بلبَن حنينِي حتّى الثمالة!
- رجلُ البحر هو ..
- يعيشُ المتناقضات داخله في حالة توازن خفيّ
- تارةً يُنعشنِي بأمواج هادئة
- وأخرى يُغرقنِي بثورة صاخبة!
- معه تعلمت أن أقرأ نقاط الغيرة قبل حروف الحيرة!
- فما بين اندلاع ثوراته الفُروسيّة وعودته الطفوليّة لحضن حنيني..
- تضيقُ بي كلّ الآمال ..
- فأحمل حلمي على كتفي وأسير حافية في صحارى قتلها العطش!
- وكلّما كسر لوحة من الوصايا العشر العالقة بين قلبينا..!
- تتناثرُ ال..
- تنزفُ الذاكرة.. وينفرط عِقدُ الثقة ..
- وفجأة يعود حالمًا نادمًا يستجدي مطر الغفران.!
- يمدّ جذوره في تربتي حتّى آخر ذرّة دونما استئذان!
- آه ٍ يا غالية ..
- زهرة عباد الشمس أنا.. وهو شمسي!
- له وحده تشرئِب ُّ بتلاتي وذاتي ..
- فهو الذي يمدّ أنوثتي بكلوروفيل الكبرياء!
- آه ٍ نجوى ..
- الحبّ كالعمر لا يأتي إلا ّ مَرّة ..!
- وأنا أحبّه ..حتّى الرمق الأخير..
- وأنا أحبّه .. حتّى أقاصِي المستحيل!
- ********
- الآخرون هم الجحيم ..؟!
- (رسائلي إلى نجوى_5 )
- آه ٍ نجوى ..
- كلّ الطرقات ِ التي كانت تُؤدّي إلى قلبي
- نبذَتني!
- وبقيتُ هنا.. وحدي ..
- كصخرةٍ عارية في جوف بحر كفيف!
- يضربُني بأمواج ِ العتاب تارةَ وبالجفاء أخرى..
- ولا يستكين ..!
- أهٍ يا رفيقة أحلامي ..
- ما زالت طواحينُ الغدر تدور وتدور..
- وطيوري ترفرف حولها بصمت مشلول!
- الريحُ عاتية..!
- وما من إبحار سوى في محيط الحلم,
- مرتعنا الأبدي للأمل..
- وربّما.. ربّما.. للجنون !
- مُتعبة أنا يا غالية ..!
- مُتْعَبَة ٌ من النظر في وجوه فقدت ملامحها
- وصارت أشبه بأكواز الصّبار !
- متعبة من الصبر على أحلامي المجهضَة !
- كلّ فجر أصنع من الأمل خمسة أرغفة..
- وأهيمُ..أهيمُ في الطرقات بحثا عن تّنور حنان نقيّ!
- أوّزعُ خطواتي هنا وهناك بعفويّة ..
- فتتلقفني حفرةُ خصام مُباغتة...
- أهوي .. أهوي .. ولا أفيقُ إلاّ
- وقد أ ُجهضَتْ كلّ آمالي فوق أشواك الوجع.
- آهٍ نجوى ..
- من سواكِ يدركُ أنّه أيقونة أحلامي ,
- وأنّي أحبّه .
- كما هو أحبّه .
- يجلدني بسياط العتاب... وأحبّه !!
- يُجافيني في اليوم ثلاث مرّات وأكثر ..
- وأحبّه!
- يُجهضني فوق منفى الفراق.. وأحبّه !!
- ويأتيني بعد كلّ نوبة جنون
- يقول: أحبُّكِ يا صغيرتي..!
- وأحبّه !! آه ٍ نجوى ..
- أنا في طريقي إلى الجنون..
- والجنون ضربٌ من ضروب الجحيم.
- الآخرون ليسوا جحيما ..
- نحن .. نحن من نصنع لنا الجحيم..!
- ********
- يليق بي أن أفيضَ أنوثة
- (رسائلي إلى نجوى_6)
- آه ٍ نجوى ..
- ها هو الطائر الدوريّ يُدركُ
- أنّه أينما هاجر سأكونُ لأجنحته سماءً ,
- وأكونُ حضنًا يستوعبُ نزقَ مزاجيتِهِ.
- ها هي النجوم ُ تعودُ لتزيّنَ أوراقي..
- ها هي سحبُ الوجوم تنقشع من آفاقي ..
- آهٍ يا رفيقة أفراحي ..
- في قلب العاصفة, رأيتُ النّور !
- عبرتِ الطيورُ وألقتْ أغصانَ الزيتون ِ الأخضر
- على كتفي المثقل بأكفان همّ أسود, رفعتُ رأسي
- إلى السماء, فأبصرتُ أجنحة ً بيضاء تُرفرفُ
- على خلفية حمراء وسمعتُ صوتًا كما التهاليل
- يقول:
- لا تخافي ! رحلَ الفارسُ لكنّ قلبَهُ معك ِ,
- فانتظري عودته.
- وانتظرتُ ...
- ها قد عاد َ ليشيّدَ لي حصنًا يطرح خارج أسواره
- كلّ حطب الغيرة والحيرة والحزن المزمن ..
- ها قد عدتُ لأشيّدَ له أسرارًا أسطوريّة
- في أقاصي القصيدة.
- أتدرين يا رقيقة ..
- الأصل في الأشياء السكون, ما لم تكُن هنالك قوّة !
- وهو القوّةُ التي أيقظتني من سبات "أمرأة الكهف ".
- أفلا يليق ُ بي أن أمتلئ دهرًا بالشوق فأفيضَ
- أنوثة ً كي أسلّمَهُ مفاتيحَ أحلامي
- بعدما عاد عاشقًا مُتأملا غجريّا حالمًا
- لكي نبدأ الحكاية
المزيد...
العصور الأدبيه