الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إبراهيم ناجي >> ساعة التذكار >>
قصائدإبراهيم ناجي
- شَجنٌ على شَجنٍ وحرقةُ نارِ
- مَنْ مُسعدِي في ساعةِ التذكارِ
- قُمْ يا أميرُ! أفِضْ عليَّ خواطراً
- وابعث خيالَك في النسيم الساري
- واطلع كعهدك في الحياةِ فراشةً
- غراءَ حائمةً على الأنوارِ
- يا عاشقَ الحرية الثكلى أَفِقْ
- واهتفْ بشعرك في شباب الدارِ
- يا مَنْ دعا للحق في أوطانهِ
- ومضى ليهتفَ في ديار الجارِ
- الشامُ جازعةٌ ومصرُ كعهدها
- نهبُ الخطوبِ قليلةُ الأنصارِ
- والحظُّ أطمارٌ كما شاءَ البلَى
- والعيشُ رثٌّ والسنونُ عوارِ
- عامٌ مضى يا للزمان وطيِّه
- فينا ويا لسواخر الأقدارِ!
- عامٌ مضى وكأنّ أمس نعيُّه
- يا ما أقلَّ العامَ في الأعمار!
- أيْنَ الامارة والأميرُ ودولة
- مبسوطةُ السلطان في الأمصار
- خمسون عاماً وهي وارفة الجنَى
- تحت الربيعِ دؤوبة الأثمارِ!
- مَدَّ الخريفُ على الرياض رواقةُ
- ومضى الربيعُ الضاحكُ النّوارِ!
- هيهات أنسى قبلَ بينك ساعةً
- جمعتْ صحابَك في غروب نهار()
- والشمس في سقم الغروب شعاعاً غارباً
- لونِ الشحوب معصفرٌ ببهارِ
- منحتْ وقد ذهبت شعاعاً غارباً
- كسناكَ طوّافاً على السّمارِ
- تشكو ليَ الضعفَ الملمَّ لعلَّ في
- طبي مقيلاً مِن وشيكِ عثارِ
- وكشفتَ عن متهدِّمٍ جال الردى
- متهجماً في صَرحه المنهارِ
- فرأيتْ ما صنع الضنى في صورةٍ
- حالتْ، وخلى هيكلاً كإطارِ
- ووجمتُ! المحُ في الغيوب نهايةً
- وأرى بعينيَ غايةَ المضمارِ
- وأرى النبوغَ وقد تهاوى نجمُه
- والعبقريةَ وهي في الإِدبارِ!
- أوَلم يكن لك من زمانِك ذائداً
- وثباتُ ذهن ماردٍ جبارِ؟
- أوَلَمْ يكن لكَ من حِمامِك عاصًماً
- ذاك الجبينُ مكللاً بالغارِ؟
- ولَّيتَ في إثر الذين رثيتهُم
- واقمتَ فيهم مأتمَ الأشعار
- وسُقيتَ من كأسٍ تطوف بها يدٌ
- محتومةُ الاقداح والأدوارِ
- والدهرُ يقذف بالمنايا دفَّقاً
- فمضيتَ في متدفق التيارِ
- في ذمة الأجيالِ ما غنَّت به
- قيثارةٌ سحريةُ الاوتارِ
- صدحتْ بألحان الحياة ووقَّعتْ
- أنغامَها المحجوبة الأسرارِ
- والفنُّ ما حاكى الطبيعةَ آخذاً
- منها ومن إعجازها بغرارِ
- مسترسلاً رحباً كعينٍ ثرّةٍ
- شتى السيولِ سحيقةِ الأغوارِ
- متعالياً حتى الأشعةِ مشرقاً!
- متألفاً كالكوكبِ السيَّارِ!
- شوقي! نظمتَ فكنت برّاً خيِّراً
- في أمة ظمأى إلى الأخيارِ!
- أرسلتَ شعرَك في المدائن هادياَ
- شبهَ المنارِ يطوف بالأقطارِ
- تدعو إلى المجد القديمِ وغابرٍ
- طيّ القرون مجلَّلٍ بوقارِ!
- تدعو لمجدِ الشرق: تجعل حبَّهُ
- نصبَ القلوبِ وقبلةَ الأنظار!
- تبكي العراقَ اذا استُبيحَ ولا تضنّ
- على الشآم بمدمعٍ مدرارِ
- وترى الرجالَ وقد أُهين ذمارهم
- خرجوا لصون كرامةٍ وذمارِ
- فلو استطعتَ مددتَ بين صفوفهم
- كفّاً مضرجةً مع الاحرارِ!
- ما زلتَ تُبعثُ في قريضِكَ ثاوياً
- أو ماضياً حَفِلاً بكلِّ فخارِ
- حتى اتُّهمتَ فقالَ قومٌ: شاعرٌ
- ناجى الطلولَ وطاف بالآثارِ!
- فجلوتَ ما لَم يشهدوا، ورسمت ما
- لَم يعهدوا من معجز الأفكار!
- شيخٌ يدبُّ إلى الأصيل وقلبُهُ
- وجناُنهُ في نضرة الأسحارِ
- ويحسُّ تبريحَ الصبابَةِ واصفاً
- مجنونَ ليلى في سحيقِ قفارِ
- ويروح يبعث كليوباترا ناشراً
- تلك العصور وطيفَها المتواري!
- ويرى الحياةَ الحبَّ والحبَّ الحياة!
- هما شعارُ العيش أيُّ شعارٍ
المزيد...
العصور الأدبيه