الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أدونيس >> الصقر >>
قصائدأدونيس
- لِيكُنْ,
- جاءتِ العصافيرُ وانضَمَّ لفيفُ الأحجار للأحجارِ
- لِيكنْ,
- أُوقظُ الشّوارعَ واللّيلَ
- ونمضي في موكبِ الأشجارِ
- الغصونُ الحَقائبُ الخُضْرُ والحلْمُ وسادٌ
- في عطلةِ الأسْفارِ
- حيث يبقي الضُّحى غريبًا ويبقى
- وَجهُهُ خاتمًا على أسراري.
- ليكُنْ,
- دَلّني شُعاعٌ ونادانيَ صَوْتٌ
- من آخر الأسوارِ... .
- صَلّيتُ
- وَشوَشْتُ حتّى الحجارْ
- وقرأتُ النّجومَ, كتبتُ عناوينَها ومحوتُ
- راسِمًا شَهْوتي خريطَهْ
- وَدَمي حِبْرُها وأعماقيَ البَسيطَهْ.
- لو أنّني أعرفُ كالشّاعر أن أغيّرَ الفصولْ
- لَو أنّني أعرف أن أكلّمَ الأشياءْ,
- سحرتُ قبرَ الفارسِ الطّفل على الفراتْ
- قبر أخي في شاطىء الفرات
- (ماتَ بلا غسْلٍ ولا قَبْرٍ ولا صَلاهْ
- وقلتُ للأشياء والفُصولْ
- مُدّي ليَ الفُراتْ
- خَلَّيهِ ماءً دافقًا أخضَرَ كالزَّيتونْ
- في دَميَ العاشقِ في تاريخيَ المسْنونْ.
- لو أنّني أعرف كالشّاعر أن أُشاركَ النَّباتْ
- أَعْراسَهُ,
- قَنَّعْتُ هذا الشّجَرَ العاريَ بالأطفالْ,
- لو أَنَّني أعرفُ كالشاعر أَنْ أُدَجِّنَ الغَرابَه
- سَوّيْتُ كلّ حَجَرٍ سحابَهْ
- تُمْطرُ فوق الشّامِ والفراتْ,
- لو أَنّني أعرفُ كالشّاعر أن أغيّر الآجالْ
- لو أَنّني أعرفُ أن أكونْ
- نَبْوءَةً تُنْذِرُ أو علامَهْ,
- لَصِحْتُ يا غمامَهْ
- تكاثَفي وأَمْطري
- باسْميَ فوقَ الشَامِ والفراتْ
- باللهِ يا غمامَهْ...
- علامَةٌ...
- مَهْلَكَ يا حَنيني...
- أَلصَّقْرُ في باديةِ العروق في مدائنِ السّريرَهْ
- أَلصَّقْرُ كالهالةِ مرسومٌ على بوَّابةِ الجزيرهْ
- والصّقْرُ في الحنينِ في الحيرة بين الحلْمِ والبُكاءْ
- والصّقرُ في مَتاههِ, في يأسه الخلاَّقْ
- يَبْني على الذُّروةِ في نهايةِ الأعماقْ
- أندلسَ الأعماقْ
- أندلسَ الطَّالع من دمشقْ
- يحمل للغرب حصادَ الشَّرْقْ.
- يُومىء الصَّقرُ للصّقورْ -
- مُتْعَبٌ, حَملْتهُ مَتاهاتُهُ, حملتهُ الصّخورْ
- وجههُ يتقدّمُ والشَّمسُ حُوذيّهُ,
- والفضاءْ
- مَوْقِدٌ,
- والرّياحُ عجوزٌ تقصُّ حكاياتها,
- والصّقورْ
- مَوكبٌ يفتَحُ السّماءْ;
- يرفَعُ كالعاشقِ في تفجّرٍ مَريدْ
- في وَلَه الصَّبْوةِ والإِشراقْ
- أندلسَ الأعماقْ
- يرفَعُها لِلكون - هذا الهيكلِ الجديدْ
- كلُّ فَضَاءٍ باسْمهِ كتابٌ
- وكلُّ ريحٍ باسْمهِ نَشيدْ .
المزيد...
العصور الأدبيه