الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد أبو سليم >> سفر أيوب >>
قصائدأحمد أبو سليم
- الآنَ أُعلِنُ وَحدَتي في وَحدَتي
- وَالآنَ أُعلِنُ راحِلاً
- مَعْ كُلِّ أَوراقِ الخَريفِ المُستعارَةِ
- مِنْ دَمِ الأَشجارِ وَالعُشبِ المُدنَّسِ بِالخُطى :
- " أَنّي حَزينْ "
- وَالآنَ أَبكي في قِفارِ الأَرضِ وَحدي
- فَوقَ عَرشٍ مِنْ تُرابٍ كانَ لحَمي
- تائهاً في عَتمةِ اللَّيلِ التي نامَتْ عَلى كَتِفي
- وَأُعلِنُ عَن هُروبي في سُحاقِ الرُّوحِ مَع ماءِ الجَسَدْ000
- صَحراءُ قَلبي وَالِّلسانُ مِنَ الحَجَرْ
- وَالدَّمعُ بَحرٌ حائرٌ والشَّوكُ أَينَعَ في دَمي0000
- تَعِبَتْ يَدايَ وَلَم تَزَلْ تَبني خِياماً مِن ضُلوعي لِلرُّسُلْ
- كَم مِنْ نَبيٍّ تاهَ قَبلي وَاندَثَرْ؟
- كَم مِنْ نَبيٍّ سَوفَ يَسكُنُ خَيمَتي؟
- كَم مِنْ نَبيٍّ سَوفَ يمَشي حافِياً
- فَوقَ الرِّماحِ لِيَشرَبَ الأَرضَ القَتيلةَ في عُروقي000
- ثُمَّ يَبني مِن تُرابي قَلعَةً لِلتّائبينَ وَينتَصِرْ؟
- كَم مِنْ نَبيٍّ سَوفَ يَصرُخُ باكِياً:
- أَيُّوبُ ماتْ
- وَتَهدَّمَتْ أَسوارُ بَيتِ العَنكَبوتْ ؟00
- أَيُّوبُ ماتَ
- فَخَبِّئوا مِثلَ النَّعامِ وُجوهَكمْ بَينَ الرِّمالِ
- وَبلِّلوا قُمصانَكمْ بِدِماءِ ذِئبٍ
- وَارفَعوا أَعلامَكمْ فَوقَ المَدينَةِ غَيمَةً
- لَن تَشرَبوا مِن ماءِ قَلبِهِ مَرَّتينْ000
- أَيُّوبُ ماتْ 000
- وَتَناثَرَتْ أَشلاءُ جِسمي تَحتَ أَسوارِ المَدينَةِ
- وَالتَقيتُ مَلامِحي فَوقَ الصِّراطِ أَبيعُ شَيئاً مِن دَمي
- وَضَفيرَةً
- كَي أَشتَري رُمحاً وَقلباً يابِساً
- وَوِلادَةً أُخرى
- وَموتاً واضِحاً
- وَذَريعَةً لِلصَّبرِ وَالنِّسيانِ وَالحُلُمِ الجَديدْ
- وَأَعودُ مِن مَوتي لأَسأَلَ ما تَبقّى مِن رَمادٍ في سَريري :
- أَينَ أَيُّوبُ الحَزينْ ؟00
- هَل مَرَّ حُزني مِن هُنا ؟000
- هَل جاءَ قَلبي مُثقَلاً بِالصَّمتِ يَشكو وَحدَتي ؟000
- وَحدي أُنادي
- أَشتَري وَأَبيعُ حُزناً
- لِلهَواءِ
- وَلِلسَّماءِ
- وَلِلتُّرابِ
- وَفي ثِيابي أَحمِلُ المُدُنَ القَديمَةِ شارِدَ الخُطُواتِ
- أَمشي خَلفَ ظِلّي مُثقَلاً بِالذِكرياتِ
- أَعُدُّ أَنفاسي وَأَحلُمُ بِالوَصايا
- وَاسمِ أُمّي وَالقَمَرْ ……
- وَسَحابَةٌ تَمشي وَرائي مِثلَ ظِلّي سُورَةً لِنُبوَّتي
- وَحَمامَةٌ بَيضاءُ أَتعَبَها السَّفَرْ
- فاستوطَنَتْ قَلبي وَنامَتْ وَهيَ تَهمِسُ لِلشَّجرْ:
- أَيُّوبُ عادَ مَعَ العَصافيرِ الحَزينَةِ كَي يُغَنّي لِلمَطَرْ
- أَيُّوبُ خَلفَ البابِ ماءٌ
- وَانتِماءُ البَحرِ لِلمُدُنِ الغَريبَةِ
- وَارتِعاشُ القَلبِ في صَدرِ الحَمامَةِ
- وَاحتِراقُ الظِلِّ فَوقَ الرَّملِ وَالسِّفرُ الأَخيرْ0000
- أَيُّوبُ أَشهِرْ وَجهَكَ الحِنطيِّ ماءً
- مِن حُدودِ البَحرِ حَتّى نَهرِ حُزني
- حَيثُ أُمّي لَم تَزَلْ تَبكي وَتسعى سَبعَةً بَينَ الشَّظايا
- وَالحَمامُ مُقاتِلٌ
- وَالرَّملُ خُبزٌ ، وَالقَمَرْ000
- قَد صارَ سَيفاً
- حَيثُ آدمُ لَم يَزَلْ
- يَرثو خِيامَ اللاجِئينَ بِرُمحِهِ
- وَالخَيلُ تجَري فَوقَ أَشلاءِ الضَّحايا
- في حَوافِرِها خُيوطُ الشَّمسِ تَصعَدُ مِن غُبارِ الأَرضِ لاهِثَةً
- تُفَتِّشُ في رُكامِ الضُّوءِ عَن قَلبٍ مِنَ البَلّورِ
- لَم يَهدَأْ
- وَلَم يَصدَأْ
- وَلَم يَأكُلْهُ مِلحُ البَحرِ في هذا الخَرابِ
- وَنوحُ يَبني مِن عِظامِ التّائهينَ سَفينةً
- وَالرُّوحُ عَطشى
- وَالسَّحابُ مُهاجِرٌ
- والهُدهُدُ المَغلوبُ ماتْ
- وَتَوزَّعَتْ بَين القَبائلِ في سَبأ
- أَشلاؤُهُ
- وَدِماؤُهُ
- وَقَواعِدُ البَيتِ الحَزينِ تَهَدَّمَتْ
- وَتَناثَرَتْ
- قِطَعاً مِنَ اللَّحمِ المُمَزَّقِ تَحتَ أَفيالِ الغُزاةِ
- تَدوسُها
- وَتَدوسُ جُرحاً في ثِيابٍ غادَرَتْ أَجسادَها
- وَتَعَلَّقَتْ عَلمَاً مِنَ الأَحزانِ وَالذِّكرى000
- أَصيحُ قُبَيلَ آذانِ الغُروبِ مُنادِياً
- مِن تَحتِ أَقدامِ الحَجيجِ وَخيلِ هِرْقلَ
- في زِحامِ المَوتِ فَوقَ الرَّملِ
- يا أَيُّوبُ أَشهِرْ وَجهَكَ المَذبوحِ فينا
- كَي نَراكَ سَحابَةً
- فَتُرَدِّدُ الصَّحراءُ أَنّاتي
- وَتبكيْ وَحدتي00
- أَيُّوبُ يا أَيُّوبُ
- أَشهِرْ وَجهَكَ المَوعودِ فينا كَي نَراكْ
- وَنمَوتَ مِثلَكَ مَرَّتينْ
- وَنَبيعَ مِثلَكَ ما وَرِثنا مِن ضَفائرَ مَرَّتينْ
- كَي نَشتَري رُمحاً وَقلباً يابِساً
- وَوِلادَةً أُخرى
- وَموتاً واضِحاً
- وَذَريعَةً لِلصَّبرِ وَالنِّسيانِ وَالحُلُمِ الجَديدْ
المزيد...
العصور الأدبيه