الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> حاتم الطائي >> حاتم يتصعلك >>
قصائدحاتم الطائي
- أتَعْرِفُ أطْلالاً ونُؤياً مُهَدَّما
- كخَطّكَ، في رَقٍّ، كتاباً منَمنَما
- أذاعتْ بهِ الأرْواحُ، بعدَ أنيسِها
- شُهُوراً، وأيّاماً، وحَوْلاً مُجرَّما
- دوارِجَ، قد غَيّرْنَ ظاهرَ تُرْبِهِ
- وغَيّرَتِ الأيّامُ ما كانَ مُعْلَمَا
- وغيّرَها طُولُ التّقادُمِ والبِلَى
- فما أعرِفُ الأطْلالَ، إلاّ تَوَهُّمَا
- تَهادى عَلَيها حَلْيُها، ذاتَ بهجةٍ
- وكَشحاً، كطَيّ السابريّةِ، أهضَمَا
- ونَحراً كَفَى نُورَ الجَبينِ، يَزينُهُ
- توَقُّدُ ياقوتٍ وشَذْرٌ، مُنَظَّمَا
- كجَمرِ الغَضَا هَبّتْ بهِ، بعدَ هجعةٍ
- من اللّيلِ، أرْواحُ الصَّبا، فتَنَسّمَا
- يُضِيءُ لَنا البَيتُ الظّليلُ، خَصاصَةً
- إذا هيَ، لَيلاً، حاوَلتْ أن تَبَسّمَا
- إذا انقَلَبَتْ فوْقَ الحَشيّةِ، مرّةً
- تَرَنّمَ وَسْوَاسُ الحُلِيّ ترَنُّمَا
- وعاذِلَتَينِ هَبّتَا، بَعدَ هَجْعَةٍ
- تَلُومانِ مِتْلافاً، مُفيداً، مُلَوَّمَا
- تَلومانِ، لمّا غَوّرَ النّجمُ، ضِلّةً
- فتًى لا يرَى الإتلافَ، في الحمدِ، مغرَما
- فقلتُ: وقد طالَ العِتابُ علَيهِما
- ولوْ عَذَراني، أنْ تَبينَا وتُصْرَما
- ألا لا تَلُوماني على ما تَقَدّما
- كفى بصُرُوفِ الدّهرِ، للمرْءِ، مُحْكِما
- فإنّكُما لا ما مضَى تُدْرِكانِهِ
- ولَسْتُ على ما فاتَني مُتَنَدّمَا
- فنَفسَكَ أكرِمْها، فإنّكَ إنْ تَهُنْ
- عليكَ، فلنْ تُلفي لك، الدهرَ، مُكرِمَا
- أهِنْ للّذي تَهْوَى التّلادَ، فإنّهُ
- إذا مُتَّ كانَ المالُ نَهْباً مُقَسَّمَا
- ولا تَشْقَيَنَ فيهِ، فيَسعَدَ وارِثٌ
- بهِ، حينَ تخشَى أغبرَ اللّوْنِ، مُظلِما
- يُقَسّمُهُ غُنْماً، ويَشري كَرامَةً
- وقد صِرْتَ، في خطٍّ من الأرْض، أعظُما
- قليلٌ بهِ ما يَحمَدَنّكَ وَارِثٌ
- إذا ساقَ ممّا كنتَ تَجْمَعُ مَغْنَمَا
- تحمّلْ عن الأدْنَينَ، واستَبقِ وُدّهمْ
- ولن تَستَطيعَ الحِلْمَ حتى تَحَلَّمَا
- متى تَرْقِ أضْغانَ العَشيرَةِ بالأنَا
- وكفّ الأذى، يُحسَم لك الداء مَحسما
- وما ابتَعَثَتني، في هَوايَ، لجاجةٌ
- إذا لم أجِدْ فيها إمامي مُقَدَّمَا
- إذا شِئْتَ ناوَيْتَ امْرَأ السّوْءِ ما نَزَا
- إليكَ، ولاطَمْتَ اللّئيمَ المُلَطَّمَا
- وذو اللّبّ والتقوى حقيقٌ، إذا رأى
- ذوي طَبَعِ الأخلاقِ، أن يتكَرّما
- فجاوِرْ كريماً، واقتدِحْ منْ زِنادِهِ
- وأسْنِدْ إليهِ، إنْ تَطاوَلَ، سُلّمَا
- وعَوْراءَ، قد أعرَضْتُ عنها، فلم يَضِرْ
- وذي أوَدٍ قَوّمْتُهُ، فَتَقَوّمَا
- وأغْفِرُ عَوْراءَ الكَريمِ ادّخارَهُ
- وأصْفَحُ مِنْ شَتمِ اللّئيمِ، تكَرُّمَا
- ولا أخذِلُ الموْلى، وإن كان خاذِلاً
- ولا أشتمُ ابنَ العمّ، إن كانَ مُفحَما
- ولا زادَني عنهُ غِنائي تَباعُداً
- وإن كان ذا نقصٍ من المالِ، مُصرِمَا
- ولَيْلٍ بَهيمٍ قد تَسَرْبَلتُ هَوْلَهُ
- إذا الليلُ، بالنِّكسِ الضّعيفِ، تجَهّمَا
- ولن يَكسِبَ الصّعلوكُ حمداً ولا غنًى
- إذا هوَ لم يرْكبْ، من الأمرِ، مُعظَمَا
- يرى الخَمصَ تعذيباً، وإنْ يلقَ شَبعةً
- يَبِتْ قلبُهُ، من قِلّةِ الـهمّ، مُبهَمَا
- لحى اللَّهُ صُعلوكاً، مُناهُ وهَمُّهُ
- من العيشِ، أن يَلقى لَبوساً ومَطعمَا
- يَنامُ الضّحى، حتى إذا ليلُهُ استوَى
- تَنَبّهَ مَثْلُوجَ الفؤادِ، مُوَرَّمَا
- مُقيماً معَ المُثْرِينَ، ليسَ ببارِحٍ
- إذا كان جدوى من طعامٍ ومَجثِمَا
- وللَّهِ صُعْلوكٌ يُساوِرُ هَمَّهُ
- ويمضِي، على الأحداثِ والدهرِ، مُقدِما
- فتى طَلِباتٍ، لا يرَى الخَمصَ تَرْحةً
- ولا شَبعَةً، إنْ نالَها، عَدّ مَغنَما
- إذا ما رأى يوْماً مكارِمَ أعرَضَتْ
- تَيَمّمَ كُبراهُنّ، ثُمّتَ صَمّمَا
- ترَى رُمْحَهُ، ونَبْلَهُ، ومِجَنّهُ
- وذا شُطَبٍ، عَضْبَ الضّريبة، مِخْدَما
- وأحْناءَ سَرْجٍ فاتِرٍ، ولِجَامَهُ
- عَتادَ فَتًى هَيْجاً، وطِرْفاً مُسَوَّمَا
المزيد...
العصور الأدبيه