الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> حاتم الطائي >> المال غادٍ ورائح >>
قصائدحاتم الطائي
- أماوِيّ! قد طالَ التّجنّبُ والـهَجْرُ
- وقد عَذَرَتني، من طِلابكُمُ، العذرُ
- أماوِيّ! إنّ المالَ غادٍ ورائِحٌ
- ويبقى، من المالِ، الأحاديثُ والذّكرُ
- أماوِيّ! إنّي لا أقولُ لسائِلٍ
- إذا جاءَ يوْماً، حَلّ في مالِنا نَزْرُ
- أماوِيّ! إمّا مانِعٌ فَمُبَيَّنٌ
- وإمّا عَطاءٌ لا يُنَهْنِهُهُ الزّجْرُ
- أماوِيّ! ما يُغني الثّراءُ عنِ الفَتى
- إذا حشرَجتْ نفسٌ وضاقَ بها الصّدرُ
- إذا أنا دَلاّني، الذينَ أحِبّهُمْ
- لِمَلْحُودَةٍ، زُلْجٌ جَوانبُها غُبْرُ
- وراحوا عِجالاً يَنفُضونَ أكُفّهُمْ
- يَقولونَ قد دَمّى أنامِلَنا الحَفْرُ
- أماوِيّ! إنْ يُصْبِحْ صَدايَ بقَفْرَةٍ
- منَ الأرْضِ، لا ماءٌ هُناكَ ولا خمرُ
- ترَيْ أنّ ما أهلكتُ لم يكُ ضَرّني
- وأنّ يَدي ممّا بخِلْتُ بهِ صَفْرُ
- أماوِيّ! إنّي، رُبّ واحِدِ أُمّهِ
- أجَرْتُ، فلا قَتْلٌ عَلَيْهِ ولا أسْرُ
- وقد عَلِمَ الأقوامُ، لوْ أنّ حاتِماً
- أرادَ ثَراءَ المالِ، كانَ لَهُ وَفْرُ
- وإنّيَ لا آلو، بِمَالٍ، صَنيعَةً
- فأوّلُهُ زادٌ، وآخِرُهُ ذُخْرُ
- يُفَكّ بهِ العاني، ويُؤكَلُ طَيّباً
- وما إنْ تُعَرّيهِ القِداحُ ولا الخَمْرُ
- ولا أظلِمُ ابنَ العمّ، إنْ كانَ إخوَتي
- شُهُوداً، وقد أودى، بإخوَته، الدهرُ
- عُنينا زماناً بالتّصَعْلُكِ والغِنى
- كما الدّهرُ، في أيّامِهِ العُسْرُ واليُسرُ
- كَسَينا صرُوفَ الدّهرِ لِيناً وغِلظَةً
- وكُلاًّ سَقاناهُ بكأسَيهِما الدّهْرُ
- فَما زادَنا بَأواً على ذي قَرابَةٍ
- غِنانا، ولا أزرى بأحسابِنا الفقرُ
- فقِدْماً عَصَيتُ العاذِلاتِ، وسُلّطتْ
- على مُصْطفَى مالي، أنامِلِيَ العَشْرُ
- وما ضَرّ جاراً، يا ابنةَ القومِ، فاعلمي
- يُجاوِرُني، ألاَ يكونَ لـهُ سِترُ
- بعَيْنيّ عن جاراتِ قوْميَ غَفْلَةٌ
- وفي السّمعِ مني عن حَديثهِمِ وَقْرُ
المزيد...
العصور الأدبيه