الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> عدي بن الرقاع >> عَرَفَ الدِّيَارَ تَوَهُّماً فاعْتَادَهَا >>
قصائدعدي بن الرقاع
عَرَفَ الدِّيَارَ تَوَهُّماً فاعْتَادَهَا
عدي بن الرقاع
- عَرَفَ الدِّيَارَ تَوَهُّماً فاعْتَادَهَا
- من بعدِ ما درسَ البلى أبلادها
- إلا رواسيَ كلهنَّ قد اصطلى
- جمراً واشعلَ أهلها إيقادها
- بِشُبَيْكَة ِ الحَوَرِ الّتِي غَرْبِيّهَا
- فَقَدَتْ رسومُ حِيَاضِهَا وُرَّادَها
- كانَتْ رواحِلَ للقُدُورِ فَعُرِّيَتْ
- منهنَّ واستلبَ الزمانُ رمادها
- وتنكرتْ كلَّ التنكرِ بعدنا
- وَالأَرْضُ تَعْرِفُ بَعْلَهَا وَجَمَادَهَا
- وَلَرُبَّ وَاضِحَة ِ الجَبِيْنِ خَرِيدَة ٌ
- بَيْضاءُ قَدْ ضَرَبَتْ بِهَا أَوْتَادَهَا
- تصطادُ بهجتها المعللَ بالصبا
- عُرُضاً فَتُقْصِدُهُ وَلَنْ يَصْطَادَهَا
- كالظبية ِ البكرِ الفريدة ِ ترتعي
- من أرضها قفاتها وعهادها
- خضبتْ بها عقدُ البراقِ جبينها
- مِنْ عَرْكِهَا عَلَجَانَهَا وَعَرَادَهَا
- كَالزَّيْنِ فِي وَجْهِ العَرُوسِ تَبَذَّلَتْ
- بَعْدَ الحَيَاءِ فَلاَعَبَتْ أَرْآَدَهَا
- تُزْجِي أَغَنَّ كَأَنَّ إبْرَة َ رَوْقِهِ
- قلمٌ أصابَ منَ الدواة ِ مدادها
- ركبتْ بهِ منْ عالجٍ متحيراً
- قَفْراً تُرَبِّبُ وَحْشُهَا أَوْلاَدَهَا
- فَتَرَى مَحَانِيهِ الَّتِي تَسِقُ الثَّرَى
- والهبرُ يونقُ نبتها روادها
- بمجرِّ مرتجزِ الرواعدِ بعجتْ
- غرُّ السحابِ بهِ الثقالُ مزادها
- بَانَتْ سُعَادٌ وَأَخْلَفَتْ مِيْعَادَهَا
- وَتَبَاعَدَتْ عَنَّا لِتَمْنَعَ زَادَهَا
- إنِّي إذَا مَا لَمْ تَصِلْنِي خُلَّتِي
- وَتَبَاعَدَتْ عَنِّي اغْتَفَرْتُ بِعَادَهَا
- وَإذَا القَرِيْنَة ُ لَمْ تَزَلْ فِي نَجْدَة ٍ
- مِنْ ضِغْنِهَا سَئِمَ القَرِيْنُ قِيَادَهَا
- إمَّا تَرَى شَيْبِي تَفَشَّغَ لِمَّتِي
- حتى علا وضحٌ يلوحُ سوادها
- فلقدْ ثنيتُ يدَ الفتاة ِ وسادة ً
- لي جاعلاً يسرى يديَّ وسادها
- وَلَقَدْ أَصَبْتُ مِنَ المَعِيشَة ِ لَذَّة ً
- ولقيتُ منْ شظفِ الخطوبِ شدادها
- وَعَمِرْتُ حَتَّى لَسْتُ أَسْأَلُ عَالِماً
- عنْ حرفِ واحدة ٍ لكيْ أزدادها
- وأصاحبُ الجيشَ العرمرمَ فارساً
- فِي الخَيْلِ أَشْهَدُ كَرَّهَا وَطِرَادَهَا
- وَقَصِيدَة ٍ قَدْ بِتُّ أَجْمَعُ بَيْنَهَا
- حتى أقومَ ميلها وسنادها
- نظرَ المثقفُ في كعوبِ قناتهِ
- حتى يقيمَ ثقافهُ منآدها
- فَسَتَرْتُ عَيْبَ مَعِيْشَتِي بِتَكَرُّمٍ
- وأتيتُ في سعة ِ النعيمِ سدادها
- وعلمتُ حتى ما أسائلُ عالماً
- عنْ علمِ واحدة ٍ لكيْ أزدادها
- صَلَّى الإِلهُ عَلَى امْرِىء ٍ وَدَّعْتُهُ
- وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ وَزَادَهَا
- وإذا الربيعُ تتابعتْ أنواؤهُ
- فَسَقَى خُنَاصِرَة َ الأَحَصِّ فَجَادَهَا
- نزلَ الوليدُ بها فكانَ لأهلها
- غَيْثاً أَغَاثَ أَنِيْسَهَا وَبِلاَدَهَا
- وَلَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ إذْ وَلاَّكَهَا
- مِنْ أُمِّة ٍ إصْلاَحَهَا وَرَشَادَهَا
- وَعَمِرْتَ أَرْضَ الْمُسْلِمِيْنَ فَأَقْبَلَتْ
- وَنَفَيْتَ عَنْهَا مَنْ يُرِيْدُ فَسَادَهَا
- وأصبتَ في بلدِ العدوِّ مصيبة ً
- بَلَغَتْ أَقَاصِيَ غَوْرِهَا وَنِجَادَهَا
- ظفراً ونصراً ما تناولَ مثلهُ
- أَحَدٌ مِنَ الخُلَفَاءِ كَانَ أَرَادَهَا
- وإذا نشرتَ لهُ الثناءَ وجدتهُ
- جَمَعَ المَكَارِمَ طُرْفَهَا وَتِلاْدَهَا
- أو ماترى أنَّ البرية َ كلها
- أَلْقَتْ خَزَائِمَهَا إلَيْهِ فَقَادَهَا
- غَلَبَ المَسَامِيحَ الوَلِيدُ سَمَاحَة ً
- وكفى قريشَ المعضلاتِ وسادها
- تأتيهِ أسلابُ الأعزة ِ عنوة ً
- قَسْراً وَيَجْمَعُ لِلْحُرُوْبِ عِتَادَهَا
- وَإذَا رَأَى نَارَ العَدُوِّ تَضَرَّمَتْ
- سامى جماعة َ أهلها فاقتادها
- بعرمرمٍ - تبدو الروابي - ذي وعى
- كَالْحِرَّة ِ احْتَمَلَ الضُّحَى أَطْوَادَهَا
- أَطْفَأْتَ نَاراً لِلْحُرُوبِ وَأُوْقِدَتْ
- نَارٌ قَدَحْتَ بِرَاحَتَيْكَ زِنَادَهَا
- فبدت بصيرتها لمنْ يبغي الهدى
- وَأَصَابَ حَرُّ شَدِيْدِهَا حُسَّادَهَا
- وَإذَا غَدَا يَوماً بِنَفْحَة ِ نَائِلٍ
- عرضتْ لهُ الغدَ مثلها فأعادها
- وإذا عدتْ خيلٌ تبادرُ غاية ً
- فالسابقُ الجالي يقودُ جيادها
المزيد...
العصور الأدبيه