الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> وكم من ناذرين دمي رمتهم >>
قصائدالفرزدق
وكم من ناذرين دمي رمتهم
الفرزدق
- وَكَمْ مِنْ نَاذِرِينَ دَمِي رَمَتْهُمْ
- إلَيْكَ عَلى مَخَافَتِهِمْ وَفَقرِ
- لِتَلْقَى ابنَ الوَلِيدِ ولا تُبالي،
- إذا لَقِيَتْ نَدَاهُ، بَنَاتِ دَهْرِ
- أتَيْتُكَ بِالجَرِيضِ، وَقَدْ تَلاقَتْ
- عُرى الأنْساعِ مِنْ حَقَبٍ وَضَفْرِ
- وَكَمْ خَبَطَتْ بِأرْساغٍ، وَجَرّتْ
- نَعالَ الجِلْدِ، وَهْيَ إلَيكَ تَسْرِي
- وَتَلْقَى ابنَ الوَلِيدِ، وَإنْ أُنِيخَتْ
- إلى مُغْلَوْلِبٍ، بِنَداهُ غَمْرِ
- تَكُنْ مِثْلَ التي مُطِرَتْ وَكانَتْ
- بِأعْوَامٍ، قَوائِظُهُنّ، غُبْرِ
- وُجِدْتُمْ يا بَني زَيْدٍ نُجُوماً،
- يَنُؤْنَ مِنَ السّمَاءِ بِكُلّ قَطْرِ
- بِهِنّ المُدْلِجُونَ بَدَوْا وَسَارُوا،
- وَإيّاهُنّ يَتْبَعُ كُلُّ مَجْرِ
- حَلَفْتُ بِكَعْبَةٍ يَهْوِي إلَيْهَا
- مِنَ الآفَاقِ مِنْ يَمَنٍ وَمِصْرِ
- إلَيْهَا لِلْمَسَاجِدِ كُلُّ وَجْهٍ،
- وَإيّاهَا يُوَجَّهُ كُلُّ قَبْرِ
- لأقْتَلِعَنْ صَفَاةَ الشِّعْرِ عَنْهُ،
- فَمَا أنَا مِنْ دَوَامِغِهِ بِغُمْرِ
- كَأنّ مَوَاقِعَ الآثَارِ مِنْهَا
- مَوَاقِعُ مِنْ صَوَارِمَ ذاتِ أُثْرِ
- رَأيْتُكَ يَا أبَانُ تَمَمْتَ لَمّا
- بَلَغْتَ الأرْبَعِينَ، تَمَامَ بَدْرِ
- أضَاءَ الأرْضَ، وَالأخْرَى عَلَيْها،
- مِنَ السَّبْعِ الطِّبَاقِ بِكُلّ شَهْرِ
- رَأيْتُ بُحُورَ أقْوَام نُضُوباً،
- وَبَحْرُكَ يا أبَانُ يَفِيضُ يَجْرِي
- تُبَارِي مِنْ بَجِيلَةَ مُزْبِداتٍ
- إلى غُلْبٍ غَوَارِبُهُنّ، كُدْرِ
- إلى مُغْلَوْلِبٍ لأبي أبَانٍ،
- يُحَطِّمُ كُلَّ قَنْطَرَةٍ وَجِسْرِ
- وَقَدْ عَلِمَتْ بَجِيلَةُ أنّ مِنْكُمْ
- فَوَارِسَهَا وَصَاحِبَ كُلِّ ثَغْرِ
- وَحَمّالَ العَظَائِمِ حِينَ ضَاقَتْ
- صُدُورُهُمُ الرِّحَابُ بِكُلّ أمْرِ
- إذا اسْتَبَقُوا المَكَارِمَ أدْرَكُوهَا
- بِأيْدٍ مِنْ بَجِيلَةَ غَيْرِ عُسْرِ
- وَمَنْ يَطْلُبْ مَسَاعِيكُمْ يُكَلَّفْ
- ذُرَى شَعَفٍ عَلى الأقْوَامِ وَعْرِ
- وَكَمْ لِلْمُسْلِمِينَ أسَحْتَ يَجْرِي
- بِإذْنِ الله مِنْ نَهْرٍ وَنَهْرِ
- فَمِنْهُنّ المُبَارَكُ، حِينَ ضَاقَتْ
- بِهِ الأنْهَارُ لَيْلَةَ فَاضَ يَسْرِي
- جَمَعْتُ لِطَيْبةَ الحَاجَاتِ، لَمّا
- تَلاقَتْ حِينَ ضَاقَ بِهِنّ صَدْرِي
- فَقُلْتُ: ابنُ الوَلِيدِ هُوَ المُرَجّى
- لِحَاجَاتٍ يَنُوءُ بِهِنّ ظَهْرِي
- حَلَفْتُ، لَئِنْ ضَمَمْتَ إليّ أهْلي
- بِمَالِكَ، لا يَزَالُ الدّهْرَ شِعْرِي
- يُجِدُّ لَكُمْ بَني زَيْدٍ ثَنَائي،
- ثَنَاءً حَامِداً مع كُلّ سَفْرِ
- وَأيّةُ سِلْعَةٍ إنْ أطْلَقَتْهَا
- حِبَالُكَ لي كَطَيْبَةَ غَيْرِ نَزْرِ
- حِبَالٌ أُكّدَتْ بِيَدَيْ أبِيهَا،
- بِأيْمَانٍ لَهُ وَأشَدِّ نَذْرِ
المزيد...
العصور الأدبيه