الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> وقائلة لي لم تصبني سهامها >>
قصائدالفرزدق
وقائلة لي لم تصبني سهامها
الفرزدق
- وَقَائِلَةٍ لي لَمْ تُصِبْني سِهَامُهَا،
- رَمَتْني على سَوْادءِ قَلْبي نِبَالُها
- وَإني لَرَامٍ رَمْيَةً قِبَلَ الّتي
- لَعَلّ، وَإنْ شَقّتْ عَليّ، أنَالُها
- ألا لَيْتَ حَظّي مِنْ عُلَيّةَ أنّني
- إذا نِمْتُ لا يَسْرِي إليّ خَيَالُها
- وَلا يُلْبِثُ اللّيْلَ المُوَكَّلَ دُونَها
- عَلَيْهِ بِتكْرارِ اللّيَالي زَوَالُها
- حَلَفْتُ بِأيْدي الرّاقِصَاتِ إلى مِنىً،
- تَجَرَّرُ في الأرْسَاغِ مِنها نِعالُها
- لَتَطّلِعنْ مِنّي بِلالاً قَصِيدَةٌ،
- طَوِيلٌ بأفْوَاهِ الرّوَاةِ ارْتجَالُها
- فإنّ بِلالَ الجُودِ لَسْتَ بِوَاجِدٍ
- لَهُ عُقْدَةً، إلاّ شَديداً دِخالُها
- وَكائِنْ من الأيدي الظّوَالمِ أصْبَحَتْ
- بكَفّيْ بِلالِ الجُودِ كانَ نَكَالُها
- وَكانَ بِلالٌ حِينَ يَسْتَلّ سَيْفَهُ
- لملْحَمَةٍ بِالمُعْلَمِينَ يَنَالُها
- سُيُوفٌ إذا الأغمادُ عَنهنّ أُلْقِيَتْ،
- وَكانَ بهَامَاتِ الرّجَالِ صِقَالُها
- هُوَ الطّاعنُ النّجلاء تَهدِرُ، فَرْغُها
- مِنَ العَلَقِ المُرْوِي السّنانِ انْبِلالُها
- أرى مُضَرَ المِصْرَينِ أشرَفَ نُورُها،
- إذا قامَ فِيها، حِينَ يَغْدُو، بِلالُها
- هُوَ الفارِجُ اللَّبْسَ الشّديدَ التِباسُهُ
- إذا عَيّ عَنْ فَصْلِ القَضَاءِ رِجَالُها
- نَمَاهُ أبُو مُوسَى إلى حَيْثُ تَنْتَهي
- من الأرْضِ من دُونِ السماءِ جِبالُها
- وكائنْ أبَى من خُطّةِ الضّيْمِ وَاشتَرى
- مَكَارِمَ أيّامٍ شَدِيدٍ قِتَالُها
- وَخَيْلٍ عَلَيْها المُعْلِمُونَ مُغِيرَةٍ،
- بكَفّيْ بِلالٍ كانَ طَعْناً رِعَالُها
- وَإنّ أبا مُوسَى خَلِيلُ مُحَمّدٍ،
- وَكَفّيْهِ يُمْنَى للهُدَى وَشِمَالُها
- وكمْ صَعّدتْ كَفّاكَ من فَرْعِ سُورَةٍ
- عَلَتْ فَوْقَ أيْدٍ لا تُنَالُ طِوَالُها
- وَيَوْمٍ مِنَ الأيّامِ تَبْدُو نُجُومُهُ،
- شَهدتَ إذا أبدى السّيوفَ استِلالُها
- وَمَنْ يَطّلِبْ مَسْعاتَكُمْ تَرْتَفعْ بهِ
- مَكارِمُ في الأيدي طوَالٌ جِبالُها
- لَعَمْرِي لَئِنْ كَفّا بِلالِ نَمَاهُمَا
- مَآثرُ أقْوَامٍ، عِظَامٍ سِجالُها
- لَقَدْ رَفَعَتْ كَفّيْ بِلالٍ وَأشْرَقتْ
- بِهِ للعُلى أيْدٍ كَرِيمٌ فِعَالُها
- أبَى لِبِلالٍ أنّ جَارَ مُحَمّدٍ
- أبَاهُ ابْتَنى عَادِيّةً، لا يَنَالُها
- مِنَالقَوْمِ إلاّ مَنْ تَصَعّدَ مَجدُهُ
- إلى الشّمْسِ إذْ فاءَتْ عَليهِ ظِلالُها
- وَإنّ بِلالاً لا تُحَجَّلُ قِدْرُهُ،
- إذا سُتِرَتْ دُونَ الضّيوفِ حِجالُها
- وَإنّ بِلالاً يَقتُلُ الجُوعَ إنْ سرَتْ
- شَآمِيّةً، بِالنّيبِ غُرّاً مَحالُها
- تَرَاءى بِلالاً كُلُّ عَيْنٍ، إذا بَدَا،
- كمَا يَتَراءَى في السّمَاءِ هِلالُها
- وَأرْمَلَةٍ تَدْعُو بِلالاً فَقِيرَةٍ،
- وَمَالُ بِلالٍ حِينَ يُنْفِضُ مالُها
- وَلمْ تَسْتَغِثْ كَفّيْ بِلالٍ فَقِيرَةٌ
- إذا مَا دَعَتْ إلاّ عَلَيْهِ عِيَالُها
- سَتَأتي بِلالاً مِدْحَتي حَيثُ يمّمَتْ
- به العِيسُ أوْ سودٌ عَلَيها جِلالُها
- فَدُونَكَ هَذِي يا بِلالُ، فإنّهَا
- سَيَنْمَى بهَا فَوْقَ القَوَافي نِقَالُها
المزيد...
العصور الأدبيه