الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> لقد كنت أحيانا صبورا فهاجني >>
قصائدالفرزدق
لقد كنت أحيانا صبورا فهاجني
الفرزدق
- لَقَدْ كُنتُ أحْياناً صَبُوراً فَهاجَني
- مَشاعِفُ بالدّيرَينِ رُجْحُ الرّوادِفِ
- نَواعِمُ لمْ يَدْرِينَ ما أهْلُ صِرْمَةٍ
- عِجافغ وَلمْ يَتبَعنَ أحمالَ قائِفِ
- وَلَمْ يَدّلِجْ لَيْلاً بِهنّ مُعَزِّبٌ
- شَقيٌّ وَلمْ يَسمَعن صَوتَ العَوَازِفِ
- إذا رُحْنَ في الدّيباجِ، والخَزُّ فَوْقَهُ،
- مَعاً، مثل أبكارِ الهِجانِ العَلائِفِ
- إلى مَلْعَبٍ خَالٍ لَهُنّ بَلَغْنَهُ
- بدَلِّ الغَوَاني المُكرَماتِ العَفائِفِ
- يُنازَعْنَ مَكنُونَ الحَديِثِ كأنّما
- يُنازعْن مِسكاً بالأكُفّ الدّوَائِفِ
- وَقُلْنَ للَيْلى: حَدّثِينا، فَلَمْ تكدْ
- تَقُولُ بِأدْنَى صَوْتِها المُتَهانِفِ
- رَوَاعِفُ بِالجادِيّ كُلَّ عَشِيّةٍ،
- إذا سُفْنَهُ سَوْفَ الهِجانِ الرّوَاشِفِ
- بَناتُ نَعِيمٍ زانَها العيشُ والغِنى
- يَمِلنَ إذا ما قُمنَ مثلَ الأحاقِفِ
- تَبَيّنْ خَليلي هَلْ تعرَى من ظَعائِنٍ
- لِمَيّةً أمْثالِ النّخِيلِ المَخارِفِ
- تَواضَعُ حَت يَأتي الآلُ دُونَها
- مِراراً وَتَزْهاها الضّحى بالأصَالِفِ
- إذا عَرَضَتْ مَرّتْ على الُّلجّ جَارِياً،
- تَخالُ بها مَرَّ السّفِينِ النّوَاصِفِ
- يَجُورُ بهَا المَلاّحُ ثُمّ يُقيِمُها،
- وَتَحْفِزُها أيْدي الرّجالِ الجَوَاذِفِ
- إليكَ ابن خيرِ الناسِ حمّلتُ حاجَتي
- عَلى ضُمّرٍ كُلّفن عَرْضَ السّنائِفِ
- بَناتِ المَهاري الصُّهْبِ كلِّ نَجيبَةٍ
- جُمَالِيّةٍ تَبْرِي لأعْيَسَ رَاجِفْ
- يَظَلّ الحَصى مِنْ وَقْعِهِنّ كأنّما
- تَرَامى به أيدي الأكُفّ الحَوَاذِفِ
- إذا رَكِبَتْ دَوّيّةً مُدْلَهِمّةً،
- وَصَوّتَ حاديِهَا لَها بِالصّفاصِفِ
- تَغالَيْنَ كالجِنّانِ حَتى تَنُوطهُ
- سُرَاها وَمَشْيُ الرّاسِمِ المُتَقاذِفِ
- عِتاقٌ تَغٍشّتْها السُّرَى، كُلَّ لَيلَةٍ،
- وَرُكْبانُها كالمَهْمَهِ المُتَجانِفِ
- كأنّ عَصِيرَ الزّيْتِ مِمّا تَكَلّفَتْ
- تَحَلّبَ مِنْ أعْناقِها وَالسّوَالِفِ
- عَوَامِدُ للعَبّاسِ لمْ تَرْضَ دُونَهُ
- بقَوْمٍ وَإنْ كانُوا حِسانَ المطارِفِ
- لتَسْمَعَ مِنْ قَوْلي ثَناءً وَمَدْحَةً،
- وَتَحَمِلَ قَوْلي يا ابنَ خَيرِ الخَلائِفِ
- وَكمْ من كَرِيمٍ يَشتكي ضَعْفَ عظمه
- أقَمْتَ لَهُ ما يَشتَكي بالسّقائِفِ
- وآَمَنْتَهُ مِمّا يَخافُ، إذا أوَى
- إلَيْكَ، فَأمْسَى آمِناً غَيرَ خائِفِ
- وأنْتَ غِياثُ المُمحِلِينَ إذا شَتَوْا،
- وَنُورُ هِدىً يا ابنَ المُلُوكِ الغطارِفِ
- ثَنائي على العَبّاسِ أكْرَمِ من مشَى
- إذا رَكِبُوا ثمّ التَقَوْا بِالمَوَاقِفِ
- تَراهُمْ، إذا لاقاهِمُ يَوْمَ مَشْهَدٍ،
- يَغُضّونَ أطرَافَ العُيُونِ الطّوَارِفِ
- وَلَوْ ناهَزُوهُ المَجْد أرْبَى عَلَيْهِمُ
- بِخَيْرِ سُقَاةٍ، تَعلَمونَ، وَغارِفِ
- وَتَعْلُو بُحُورَ العالمِينَ بحُورُهُمْ،
- بِفِعْلٍ عَلى فِعْلِ البَرِيّةِ ضَاعِفِ
- ومَا وَلَدَتْ أُنْثَى مِنَ النّاسِ مِثْلَهُ،
- وَلا لعفّهُ أظْآرُهُ في اللّفائِفِ
- وَلمّا دَعا الدّاعُونَ وانْشَقّتِ العَصَا،
- وَلمْ تَخْبُ نِيرَانُ العَدُوّ المُقاذِفِ
- فَزَعْنا إلى العَبّاسِ مِنْ خَوْفِ فِتَنةٍ
- وَأنْيَابِها المُسْتَقْدِماتِ الصّوَارِفِ
- وَكَمْ مِنْ عَوانٍ فَيْلَق قَدْ أبرْتَها
- بأُخْرَى إلَيها بالخَميسِ المُرَاجِفِ
- فَقَدْ أوْقَعَ العبّاسُ إذْ صَارَ وَقَعةً
- نهَتْ كُلّ ذي ضِغْنٍ وَداءٍ مُقارِفِ
- وَأغَنَيتَ مَن لمْ يَغنَ من أبطإ السُّرَى،
- وَقَوّمْتَ دَرْءَ الأزْوَرِ المُتَجانِفِ
- وَأنتَ الّذي يُخْشَى وَيُرْمى بك العدى
- إذا أحْجَمَتْ خَيلُ الجيادِ المَخالِفِ
- سَمَوْتَ فلمْ تَترُكْ على الأرْضِ ناكثاً،
- وَآمَنْتَ مِنْ إحيائِنا كُلَّ خائِفِ
- أبَرْتَ زُحُوفَ المُلْحِدِينَ وَكِدتَهم
- بمُسْتَنصِرٍ يَتْلُو كِتابَ المَصَاحِفِ
- تَأخّرَ أقْوَامٌ، وَأسْرَعْتَ للّتي
- تُغَلّلُ نُشّابَ الكَميّ المُزَاحِفِ
- وَأنْتَ إلى الأعْدَاءِ أوّلُ فَارِسٍ
- هُناكَ، وَوَقّافٌ كَرِيمُ المَوَاقِفِ
- بِضَرْبٍ يُزيلُ الهَامَ عَنْ مُستَقَرّهِ،
- وَطَعْنٍ بِأطْرَافِ الرّماحِ الجَوَائِفِ
- سَبَقتَ بأهْلِ الكوفةِ المَوْتَ بَعدَما
- أُرِيدَ بإحدى المُهلِكاتِ الجَوَالِفِ
- فَلمْ يُغنِ مَن في القصرِ شيئاً وَصَيّحوا
- إلَيكَ بأصْوَاتِ النّساءِ الهَوَاتِفِ
- أخُو الحَرْبِ يَمْشِي طاوِياً ثمّ يَقتدي
- مُدِلاًّ بِفُرْسَانِ الجيِادِ المَتَالِفِ
- يُغادِرْنَ صَرْعَى مِنْ صَناديدَ بَينَها
- بِسُورَاءَ في إجْرَائِها وَالمَزَاحِفِ
- وَما طَعِمَتْ مِنْ مَشَرَبٍ مُذ سقيَتها
- بِتَدْمُرَ إلاّ مَرّةً بِالشّفَائِفِ
- مِنَ الشّأمِ حتى باشَرَتْ أهْلَ بابلٍ
- وَأكْذَبْتَ مِمّا مّعُوا كلَّ عائِفِ
- وَقَدْ أبْطَأ الأشْيَاعُ حَتى كَأنّما
- يُساقُونَ سَوْقَ المُثْقَلاتِ الزّوَاحِفِ
- لَعَمرِي! لقد أسرَيتَ لا لَيل عاجزٍ
- وَما نمتَ فيمَنْ نامَ تحتَ القَطائِفِ
- فَجاءوا وَقَدْ أطفَأتَ نِيرَانَ فِتْنَةٍ،
- وَسكّنتَ رَوْعاتِ القُلُوبِ الرّوَاجِفِ
المزيد...
العصور الأدبيه