الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> لعمري لقد أوفى وزاد وفاؤه >>
قصائدالفرزدق
لعمري لقد أوفى وزاد وفاؤه
الفرزدق
- لَعَمْرِي لَقَدْ أوْفَى وَزادَ وَفاؤهُ،
- على كلّ جارٍ، جارُ آلِ المُهَلَّبِ
- أمَرَّ لَهُمْ حَبْلاً، فَلَمّا ارْتَقَوْا بهِ
- أتَى دُونَهُ مِنْهُمْ بدَرْءٍ وَمَنكِبِ
- وَقالَ لهم: حُلّوا الرّحالَ، فإنّكُمْ
- هَرَبْتُمْ، فألقُوها إلى خَيرِ مَهْرَبِ
- أتَوْهُ وَلمْ يُرْسِلْ إلَيهِمْ، وَما ألَوْا
- عن الأمنعِ الأوْفَى الجِوَارِ المُهَذَّبِ
- فكانَ كما ظنّوا به، والّذي رَجَوْا
- لهمْ حينَ ألقَوْا عن حراجيجَ لُغَّبِ
- إلى خَيرِ بَيْتٍ فيهِ أوْفَى مُجَاوِرٍ
- جِوَاراً إلى أطْنَابِهِ خَيرَ مَذْهَبِ
- خَبَبْنَ بِهمْ شَهْراً إلَيْهِ وَدُونَهُ
- لهُمْ رَصَدٌ يُخشَى على كلّ مَرْقَبِ
- مُعَرَّقَةَ الألْحِي، كَأنّ خَبيبَها
- خَبِيبُ نَعاماتٍ رَوايِحَ خُضَّبْ
- إذا تَرَكُوا مِنْهُنّ كلَّ شِمِلّةٍ
- إلى رَخَماتٍ، بالطّرِيقِ، وَأذْؤبِ
- حَذَوْا جِلْدَها أخْفافَهُنّ التي لهَا
- بَصَائِرُ مِنْ مَخْرُوقِها المُتَقَوِّبِ
- وَكَمْ مِنْ مُناخٍ خائِفٍ قَد ورَدْنَه
- حرىً من مُلِمّاتِ الحَوادثِ مُعطَبِ
- وَقَعْنَ وَقدْ صَاحَ العَصَافيرُ إذْ بَدا
- تَباشِيرُ مَعرُوفٍ من الصّبحِ مُغَربِ
- بمِثلِ سُيُوفِ الهِندِ إذْ وَقَعَتْ وَقَدْ
- كَسَا الأرْضَ باقي لَيلِها المُتَجَوِّبِ
- جَلَوْا عَن عُيونٍ قد كَرِينَ كلا وَلا
- مَعَ الصّبْحِ إذْ نادى أذانُ المُثَوِّبِ
- على كُلّ حُرْجُوجٍ كأنّ صَرِيفَها
- إذا اصْطَكّ ناباها تَرَنُّمُ أخْطَبِ
- وَقَد عَلِمَ اللاّئي بكَينَ علَيكُمُ،
- وَأنْتُمْ ورَاءَ الخَنْدَقِ المُتَصَوِّبِ
- لَقَد رَقَأتْ مُنْها العُيونُ وَنَوّمَتْ،
- وَكانَتْ بِلَيْلِ النّائِحِ المُتَحَوِّبِ
- وَلَوْلا سُلَيمانُ الخَلِيفَةُ حَلّقَتْ
- بهِمْ من يدِ الحَجّاجِ أظفارُ مُغرِبِ
- كَأنّهُمُ عِندَ ابنِ مَرْوَانَ أصْبحوا
- على رَأسِ غَيْنا من ثَبِيرٍ وَكَبْكَبِ
- أبَى وَهْوَ مَوْلى العَهْدِ أنْ يَقبل التي
- يُلامُ بها عِرْضُ الغدورِ المُسَبَّبِ
- وَفاءَ أخي تَيماءَ إذْ هُوَ مُشْرِفٌ،
- يُناديه مغْلُولاً فَتىً غَيرُ جَأنَبِ
- أبُوهُ الّذي قال: اقتُلُوهُ، فإنّني
- سَأمْنَعُ عِرْضي أن يُسَبّ به أبي
- فإنّا وَجَدْنا الغَدْرَ أعْظَمَ سُبّةً،
- وَأفضَحَ من قَتلِ امرِىءٍ غيرِ مُذْنِبِ
- فَأدّى إلى آلِ امرِىءِ القَيْسِ بَزَّهُ
- وَأدْرَاعَهُ مَعْرُوفَةً لَمْ تُغَيَّبِ
- كما كانَ أوْفَى إذْ يُنادي ابنُ دَيهَثٍ
- وَصِرْمَتُهُ كَالمَغْنَمِ المُتَنَهَّبِ
- فَقَامَ أبُو لَيْلى إلَيْهِ ابنُ ظَالِمٍ،
- وكانَ إذا ما يَسلُلِ السّيفَ يَضرِبِ
- وَمَا كانَ جاراً غَيرَ دَلْوٍ تَعَلّقَتْ
- بحَبلَيهِ في مُستَحصِدِ الحبلِ مُكرَبِ
- إلى بَدْرِ لَيْلٍ مِنْ أُمَيّةَ، ضَوءُهُ
- إذا مَا بَدا يَعْشَى لَهُ كُلُّ كَوْكَبِ
- وَأعطاهُ بالبِرّ الّذي في ضَمِيرِهِ،
- وَبالعَدْلِ أمْرَيْ كلّ شَرْقٍ وَمغرِبِ
المزيد...
العصور الأدبيه