الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> كم من مناد والشريفان دونه >>
قصائدالفرزدق
كم من مناد والشريفان دونه
الفرزدق
- كَمْ مِنْ مُنَادٍ، وَالشّرِيفانِ دونهُ،
- إلى الله تُشْكَى وَالوَليدِ مَفَاقِرُهْ
- يُنَادِي أمِيرَ المُؤمِنِينَ ودُونَهُ
- مَلاً تَتَمَطّى بِالمَهَارِي ظَهَائرُهْ
- بَعِيدُ نِيَاطِ المَاءِ، يَسْتَسْلِمُ القطا
- بِهِ، وَأدِلاّءُ الفَلاةِ حَيَائِرُهْ
- يَبِيتُ يُرَامي الذّئْبَ دُونَ عِيَالِهِ،
- وَلوْ ماتَ لم يشبعْ عن العظمِ طائِرُهْ
- رَأوْني، فَنَادَوْني، أسُوقُ مَطِيّتي،
- بأصْوَاتِ هُلاّكٍ سِغابٍ حَرَائِرُهْ
- فَقالوا: أغِثْنَا، إنْ بَلَغْتَ، بدَعوَةٍ
- لَنا عِندَ خَيرِ النّاسِ، إنّكَ زَائِرُهْ
- فَقُلْتُ لهمْ: إنْ يُبْلِغِ الله نَاقَتي
- وَإيّايَ أُنْبي بالّذي أنَا خَابِرُهْ
- بحَيْثُ رَأيْتُ الذّئْبَ كُلَّ عَشِيّةٍ
- يَرُوحُ على مَهزُولِكُمْ وَيُباكِرُهْ
- لِيَجْتَرَّ مِنْكُمْ إنْ رَأى بَارِزاً لَهُ
- من الجِيَفِ اللاّئي عليكم حظائرُهْ
- أغِثْ مُضَراً! إنّ السِّنِينَ تَتَابَعَتْ
- عَلَيْهَا بحَزٍّ يكسِرُ العَظمَ جازِرُهْ
- فكُلُّ مَعَدٍّ غَيْرُهُمْ حَوْلَ ساعدٍ
- من الرِّيفِ لم تُحظَرْ عليهم قناطرُهْ
- وَهُمْ حَيثُ حَلّ الجوعُ بَينَ تِهَامةٍ
- وَخَيْبرَ وَالوَادي الذي الجوعُ حاضرُهْ
- بِوَادٍ بِهِ مَاءُ الكُلابِ، وَبَطْنُهُ
- بهِ العَلَمُ الباكي من الجوعِ ساجرُهْ
- وَهَمّتْ بتَذبيحِ الكِلابِ من الّذي
- بهَا أسَدٌ إذ أمْسَكَ الغَيثَ ماطِرُهْ
- وَحَلّتْ بدَهناها تَميمٌ، وَألْجَأتْ
- إلى رِيفِ بَرْنيٍّ كَثِيرٍ تَمَائِرُهْ
- كَأنّهُمْ للمُبْتَغي الزّادِ عِنْدَهُمْ
- بَخَاتيُّ جَمّالٍ ضَمُورٍ قَيَاسِرُهْ
- وَلَوْ لمْ تَكُنْ عَبسٌ تُقَاتِلُ مَسَّها
- منَ الجُوعِ ضُرٌّ لا يُغَمِّضُ ساهرُهْ
- ولَكِنّهُمْ يَسْتَكْرِهُونَ عَدُوَّهمْ
- إذا هَزّ خِرْصَانَ الرّماحِ مَساعِرُهْ
- ألا كُلُّ أمْرٍ يا ابنَ مَرْوَانَ ضَائِعٌ
- إذا لمْ تَكُنْ في رَاحَتَيكَ مَرَائِرُهْ
- وَكُلُّ وُجُوهِ النّاسِ، إلاّ إلَيْكُمُ
- يَتِيهُ بضُلاّلٍ عنِ القصْدِ جائرُهْ
- أغِثْني بِكُنْهي في نِزَارٍ وَمُقْبَلي،
- فَإني كَرِيمُ المَشْرِقَينِ وَشَاعِرُهْ
- وَإنّكَ رَاعي الله في الأرْضِ تَنْتَهي
- إلَيْكَ نَوَاصي كُلِّ أمْرٍ وَآخِرُهْ
- وَما زِلْتُ أرْجُو إلَ مَرْوَانَ أنْ أرَى
- لَهُمْ دَوْلَةً وَالدّهرُ جَمٌّ دوَائِرُهْ
- لَدُنْ قُتِلَ المَظْلومُ أنْ يَطْلُبوا بهِ،
- وَمَوْلى دَمِ المَظْلُومِ منهُمْ وَثائِرُهْ
- وَمَا لَهُمُ لا يُنْصَرُونَ وَمِنْهُمُ
- خَلِيلُ النبيِّ المُصْطَفَى وَمُهاجِرُهْ
- مُلُوكٌ لهمْ مِيرَاثُ كُلِّ مَشْورَةٍ،
- وَبالله طاوِي الأمرِ مِنْهُمْ وَنَاشِرُهْ
- وَكائِنْ لَبِسْنَا مِنْ رِدَاءِ وَدِيقَةٍ
- إلَيْكَ وَمِنْ لَيْلٍ تُجِنّ حظائرُهْ
- لِنَبْلُغَ خَيرَ النّاسِ إنْ بَلَغَتْ بِنَا
- مَرَاسِيلُ خَرْقٍ لا تَزَالُ تُساوِرُهْ
- إذا اللّيْلُ أغشاها تكُونُ رِحالُها
- مَنازِلَنَا حَتى تَصِيحَ عَصَافِرُهْ
- فَلَمْ يَبْقَ إلاّ مِنْ ذَوَاتِ قِتَالِهَا
- مِنْ المُخّ إلاّ في السُّلامى مَصَايرُهْ
- إلى مَلِكٍ، ما أُمُّهُ مِنْ مُحَارِبٍ
- أبُوها، وَلا كانَتْ كُلَيْبٌ تُصَاهِرُهْ
- وَلَكِنْ أبُوها من رَوَاحَةَ تَرْتَقي
- بأيّامِهِ قَيْسٌ على مَن تُفَاخِرُهْ
- زُهَيْرٌ وَمَرْوَانُ الحِجَازِ كِلاهُمَا
- أبُوهَا، لهَا أيّامُهُ وَمَآثِرُهْ
- بهِمْ تَخفِضُ الأذيالَ بعدَ ارْتِفاعِها
- مِنَ الفَزَعِ السّاعي نهاراً حَرَائرُهْ
- وَقد خِفتُ حتى لوْ أرَى المَوْتَ مقبلاً
- ليَأخُذَني، وَالمَوْتُ يُكرَهُ زَائِرُهْ
- لَكَانَ مِنَ الحجّاجِ أهْوَنَ رَوْعَةً
- إذا هُوَ أغْضَى وَهْوَ سامٍ نَوَاظِرُهْ
- أدِبُّ وَدُوني سَيْرُ شَهْرٍ كَأنّني
- أرَاكَ، وَلَيلٌ مُستَحيرٌ عساكِرُهْ
- ذَكَرْتُ الذي بَيْني وَبَيْنَكَ بَعدَما
- رَمَى بي من نَجدَيْ تِهامَةَ غائِرُهْ
- فأيْقَنْتُ أني إنْ نَأيْتُكَ لمْ يَرِدْ
- بي النّأيُ إلاّ كُلَّ شَيءٍ أُحَاذِرُهْ
- وَأنْ لَوْ رَكِبْتَ الرّيحَ ثمّ طَلَبْتَني،
- لَكُنْتُ كَشَيءٍ أدْرَكَتهُ مَقادِرُهْ
- فَلَمْ أرَ شَيْئاً غَيرَ إقْبَالِ نَاقَتي
- إلَيْكَ وَأمْرِي قَدْ تعيّتْ مصادرُهْ
- وَمَا خاف شَيءٌ لمْ يَمُتْ مِنْ مخَافَةٍ
- كما قد أسَرّتْ في فُؤادي ضَمائِرُهْ
- أخَافُ مِنَ الحَجّاجِ سَوْرَةَ مُخدِرٍ
- ضَوَارِبَ بالأعْنَاقِ مِنْهُ خَوَادِرُهْ
المزيد...
العصور الأدبيه