الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> كأن فريدة سفعاء راحت >>
قصائدالفرزدق
كأن فريدة سفعاء راحت
الفرزدق
- كَأنّ فَرِيدَةً سَفْعَاءَ رَاحَتْ
- بِرَحْلي أوْ بَكَرْتُ بها ابتِكَارَا
- لهَا بدَخُولِ حَوْمَلَ بَحْزَجيٌّ
- تَرَى في لَوْن جُدّتِهِ احمِرَارَا
- كلوْنِ الأرْضِ يَرْقدُ حيثُ يُضْحي
- بِأعْلى التَّلْعِ أضْمَرَتِ الحِذارَا
- عَلَيْهِ فَلَمْ يَئِلْ، وَرَأى خَليعٌ
- قَليلُ الشيءِ يَتّبِعُ القِفَارَا
- تَحَرّيها إلَيْهِ، وَحَيْثُ تَنْأى
- بِشِقّ النّفْسِ تَرْهبُ أنْ يُضَارَا
- إذا جَمَعَتْ لَهُ لَبَناً أتَتْهُ
- بِضَهْلِ وَتينِها تَخشَى الغِرَارَا
- فأوْجَسَ سَمْعُها مِنهُ فأصْغَتْ
- غَمَاغِمَ بِالصّرِيمَةِ أوْ خُوَارَا
- فَطافَتْ بالهَبيرِ بحَيْثُ كَانَتْ
- بِدِرّتِهَا تَعَهَّدُهُ مِرَارَا
- فَلاَقَتْ حيثُ كانَ دماً وَمَسْكاً
- حَديثَ العَهدِ قد سَدِكَ الغُبارَا
- فَرَاحَتْ كالشِّهابِ رَمَى عِشاءً
- بِهِ الغِلْمانُ تَقتَحِمُ الخَبَارَا
- فَتِلْكَ كأنّ رَاحِلَتي اسْتَعارَتْ
- قَوَائِمَهَا الخَوانِفَ وَالفَقَارَا
- وَإنّا أهْلُ بَادِيَةٍ، وَلَسْنَا
- بأهْلِ دَرَاهِمٍ حَضَرُوا القَرَارَا
- أُزَكّي عِنْدَ إبْرَاهِيمَ مَالي،
- وَأغْرَمُ عَنْ عُصَاةِ بَني نَوَارَا
- فَإلاّ يَدْفَعِ الجَرّاحُ عَنّي،
- أكُنْ نجماً بغَرْبِ الأرْضِ غَارَا
- فَلَوْلا أنْتَ قَدْ هَبَطَتْ رِكابي
- مِنَ الأوَدَاةِ أوْدِيَةً قِفَارَا
- قَوَاصِدَ للإمام مُقَلِّصَاتٍ،
- يَصِلْنَ بِلَيْلِهِنّ بِنَا النّهَارَا
- كَأنّ نَعَائِماً تَعْوِي بُرَاهَاً،
- إذا سَفَرَتْ مَحازِمُها الضِّفَارَا
- وَمَنْ يَرَنَا، وَأرْحُلُنَا عَلَيْهَا،
- يُخَيّلْ أنّ ثَمّ بهِا نَفَارَا
- بِأْرْحُلِنَا يَخِدِنَ، وَقَدْ جَعَلْنَا
- لِكُلّ نَجيبَةٍ مِنْهَا زِيَارَا
- وَلَوْلا مَوْقِعُ الأحْنَاءِ مِنْهَا،
- ومَسُّ حِبالِهَا، حُسِبتْ صُواراَ
- نُضَارُ الدّاعِرِيَّةِ إِنَّ مِنْهَا
- إذا نُسِبَتْ أسِرّتُهَا، نُضَارَا
- كَأنّ نَجَاءَ أرْجُلِهِنّ لَمّا
- ضَرَحْنَ المَرْوَ يَقتَدحُ الشّرَارَا
- كَأنّ نِعَالَهُنّ مُخَدَّمَاتٍ
- عَلى شَرَكِ الطّرِيقِ إذا استَنارَا
- تَساقُطُ رِيشِ غَادِيَةٍ وَغَادٍ،
- حَمامَيْ قَفْرَةٍ وَقَعَا فَطَارَا
- تَبِعْنَا مَوْقِعَ النّسْرَينِ حَتى
- تَرَكْنَا مُخَّ أسْمَنِهِنّ رَارَا
- إذاً لأقَمْتُ أعْنَاقَ المَطَايَا
- إلى مَلِكٍ، إلَيهِ المُلْكُ صَارَا
- أغَرَّ تَنَظَّرُ الآفَاقُ مِنْهُ
- غُيُوماً، غَيرَ مُخْلِفَةٍ غِرَارَا
- تُرَاثاً غَيرَ مُغْتَصَبٍ، وَلِكنْ
- لِعَدْلِ مَشُوَرَةٍ كَانُوا خِيَارَا
- هُمُ وَرِثُوا الخلافةَ حَيثُ شُقّتْ
- عَصَا الإسْلامِ وَاشتغرَ اشتغارَا
- قُلُوبُ مُنافِقينَ طَغَوْا وَشَبّوا،
- بِكُلّ ثَنِيّةٍ بِالأرْضِ، نَارَا
- وَلَكِنّي اطْمَأَنّ حَشَايَ لَمّا
- عَقَدْتَ لَنَا بذِمّتِكَ الجِوَارَا
- وَمَنْ تَعْقِدْ لَهُ بيَدَيْكَ حَبْلاً
- فَقَدْ أخَذَتْ يَداهُ لَهُ الخِيَارَا
- وَما تَكُ يا ابنَ عَبْدِ الله فِينَا،
- فَلا ظُلْماً نَخافُ وَلا افْتِقَارَا
- سَيَبْلُغُ مَا جَزَيتُكَ من ثَنَائي،
- بِمَكّةَ، مَنْ أقَامَ بهَا وَسَارَا
- ثَنَاءً لَسْتُ كَاذِبَهُ، كَفَتْني
- يَداكَ نَوَائِبَ الحَدَثِ الكِبَارَا
- وَمَنْ يَعْقِدْ لَهُ الجَرّاحُ حَبْلاً
- فَلا يَخْشَى لِذِمّتِهِ غِرَارَا
- إذا قَحْطَانُ بِالخَيْفَينِ لاقَتْ،
- إذا احتَصَرَتْ مَناسِكَها نِزَارَا
- رَأوْا لَكَ غُرّةً فَضَلَتْ عَلَيْهِمْ
- مِنَ الأحْساب وَالعَدَدِ الكُثَارَا
- إذا قَزِعَ النّسَاءُ فَلا تُبَالي
- لهَا سُوقاً خَرَجْنَ وَلا خِمَارَا
- خَفَضْنَ إذا رَأيْنَكَ كُلَّ ذَيْلٍ
- وَوَارَينَ الخَلاخِلَ وَالسّوَارَا
المزيد...
العصور الأدبيه