الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> سما لك شوق من نوار ودونها >>
قصائدالفرزدق
سما لك شوق من نوار ودونها
الفرزدق
- سمَا لَكَ شَوْقٌ مِنْ نَوَارٍ، وَدُونَها
- سَوَيْقَةُ وَالدَّهْنا وَعَرْضُ جِوَائِها
- وَكُنْتَ، إذا تُذْكَرْ نَوَارُ، فإنّها
- لِمُندمِلاتِ النّفسِ تَهياضُ دائِها
- وأرْضٍ بها جَيْلانُ رِيحٍ مَرِيضَةٍ،
- يَغُضّ البَصِيرُ طَرْفَهُ من فَضَائِها
- قَطَعْتُ على عَيْرَانَةٍ حِمْيَرِيّةٍ
- كُمَيتٍ؛ يَئطّ النِّسْعُ من صُعدائِها
- وَوَفْرَاء لم تُخْرَزْ بِسَيْرٍ وَكِيَعةٍ،
- غَدَوْتُ بِها طَيّاً يَدي في رِشَائِها
- ذَعَرْتُ بها سِرْباً نَقِيّاً، كَأنّهُ
- نُجُومُ الثّرَيّا أسْفَرَتْ من عَمائِهَا
- فعادَيتُ منِها بين تَيْسٍ وَنَعْجَةٍ،
- وَرَوّيْتُ صَدرَ الرُّمْحِ قَبلَ عَنائِها
- ألِكْني إلى ذُهْلِ بنِ شيبانَ، إنّني
- رَأيْتُ أخَاهَا رَافِعاً لِبِنَائِها
- لَقَدْ زَادَني وُدّاً لِبَكْرِ بنِ وَائِلٍ
- إلى وُدّهَا المَاضي وَحُسْنِ ثَنائِها،
- بلاءُ أخِيهِمْ، إذْ أُنِيخَتْ مَطِيّتي
- إلى قّبّةٍ، أضْيَافُهُ بِفَنَائِها
- جَزَى الله عَبْدَ الله لَمّا تَلَبّسَتْ
- أُموري، وَجاشَتْ أنفُسٌ من ثَوَائِها،
- إلَيْنَا، فَبَاتَتْ لا تَنَامُ كَأنّهَا
- أُسَارَى حَدِيدٍ أُغْلِقَتْ بِدِمائِها
- بِجَابِيَةِ الجَوْلانِ بَاتَتْ عُيُونُنَا
- كَأنّ عَوَاوِيراً بِها مِنْ بُكَائِها
- أرِحْني أبَا عبْدِ المَلِيكِ، فَما أرَى
- شِفَاءً مِنَ الحاجَاتِ دُونَ قضَائِها
- وَأنْتَ امْرُؤٌ للصُّلْبِ مِنْ مُرّةَ التي
- لهَا، مِنْ بَني شَيْبَانَ، رُمْحُ لِوَائِها
- هُمُ رَهَنُوا عَنهُمْ أباكَ، فَما أَلَوا
- عَنِ المُصْطَفَى مِنْ رَهْنِها لِوَفائِها
- فَفَكّ مِنْ الأغلالِ بَكْرَ بنَ وَائلٍ،
- وَأعطى يَداً عَنهُمْ لهمْ من غَلائِها
- وَأنقذَهم من سجن كِسرَى بن هُرْمُزٍ،
- وَقَدْ يَئِسَتْ أنْفارُها مِنْ نِسائِها
- وَما عَدّ مِنْ نُعمى امرُؤٌ من عَشيرَةٍ
- لِوَالِدِهِ عَنْ قَوْمِهِ كَبَلائِها
- أعَمَّ عَلى ذُهْلِ بنِ شَيبانَ نِعْمَةً،
- وأدْفَعَ عَنْ أمْوَالِها وَدِمَائِها
- وَما رُهِنتْ عن قوْمِها من يَدِ امرِىءٍ
- نِزَارِيّةٍ أغْنَتْ لهَا كَغَنَائِها
- أبُوهُ أبُوهُمْ في ذَرَاهُمْ، وَأُمُّهُ
- إذا انْتَسَبَتْ، من ماجِداتِ نِسائِها
- وَما زِلْتُ أرْمي عَن رَبيعَةَ مَنْ رَمى
- إلَيها، وَتُخشَى صَوْلَتي مِنْ ورَائِها
- بِكُلّ شَرُودٍ لا تُرَدّ، كَأنّها
- سَنَا نَارِ لَيْلٍ أُوقِدَتْ لِصِلائِها
- سَتَمْنَعُ بَكْراً أنْ تُرَامَ قَصَائِدي،
- وَأخْلُفُها مَنْ ماتَ مِنْ شُعَرَائِها
- وَأنْتَ امْرُؤٌ مِنْ آلِ شَيبانَ تَستقي
- إلى دَلْوِكَ الكُبْرَى عِظامُ دِلائِها
- لَكُمْ أثْلَةٌ مِنها خَرَجْتُمْ وَظِلّها
- عَلَيْكُمْ وفيكُمْ نَبتُها في ثَرَائِها
- وَأنتَ امرُؤٌ من ذُهلِ شَيبانَ تَرْتقي
- إلى حَيثُ يَنمي مَجدُها من سَمائِها
- وقد عَلِمتْ ذُهلُ بنُ شَيبانَ أنّكمْ
- إلى بَيْتِها الأعْلى وَأهْلُ عَلائِها
المزيد...
العصور الأدبيه