الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> زارت سكينة أطلاحا أناخ بهم >>
قصائدالفرزدق
زارت سكينة أطلاحا أناخ بهم
الفرزدق
- زَارَتْ سُكَيْنَةُ أطْلاحاً أناخَ بهِمْ
- شَفَاعةُ النّوْمِ للعَيْنَينِ وَالسّهَرُ
- كَأنّمَا مُوّتوا بالأمسِ إذْ وَقَعُوا،
- وَقَدْ بَدَتْ جُدَدٌ ألوَانُهَا شُهُرُ
- وَقد يَهيجُ على الشّوْقِ، الّذي بَعَثَتْ
- أقْرَانُهُ، لائِحَاتُ البَرْقِ وَالذِّكَرُ
- وَسَاقَنا مِنْ قَساً يُزْجي رَكائِبَنَا
- إلَيكَ مُنتَجِعُ الحاجاتِ وَالقَدَرُ
- وَجَائِحاتٌ ثَلاثٌ مَا تَرَكْنَ لَنَا
- مالاً بهِ بَعْدَهُنّ الغَيْثُ يُنْتَظَرُ
- ثِنتانِ لمْ تَتْرُكَا لَحماً، وَحاطِمَةٌ
- بالعظمِ حَمرَاءُ حتى اجتيحت الغُرَرُ
- فَقُلْتُ: كيفَ بأهلي حينَ عَضّ بهِمْ
- عَامٌ لَهُ كُلُّ مَالٍ مُعَنِق جَزَرُ
- عَامٌ أتَى قَبْلَهُ عَامَانِ مَا تَرَكَا
- مَالاً وَلا بَلّ عُوداً فِيهِما مَطَرُ
- تَقُولُ لَمّا رَأتْني، وَهْيَ طَيّبَةٌ
- على الفِرَاشِ وَمِنِا الدّلُّ والخَفَرُ
- كَأنّني طَالِبٌ قَوْماً بِجَائحَةٍ،
- كَضَرْبَةِ الفَتْكِ لا تُبقي وَلا تَذَرُ:
- أصْدِرْ هُمومَكَ لا يقْتُلْكَ وَارِدُهَا،
- فكُلُّ وَارِدَةٍ يَوْماً لَهَا صَدَرُ
- لَمّا تَفَرّقَ بي هَمّي جَمَعْتُ لَهُ
- صَرِيمَةً لمْ يَكُنْ في عَزْمها خَوَرُ
- فَقُلْتُ: ما هُوَ إلاّ الشّأمُ تَرْكَبُهُ،
- كَأنّمَا المَوْتُ في أجْنَادِهِ البَغَرُ
- أو أنْ تَزُورَ تَمِيماً في مَنَازِلِهَا،
- بِمَرْوَ، وَهيَ مَخوفٌ، دُونَها الغَرَرُ
- أوْ تَعطِفَ العِيسَ صُعراً في أزِمّتِها
- إلى ابنِ لَيلى إذا ابزَوْزى بكَ السّفرُ
- فَعُجْتُهَا قِبَلَ الأخْيَارِ مَنْزِلَةً،
- وَالطّيّبي كُلِّ مَا التاثَتْ بهِ الأُزُرُ
- قَرّبْتُ مُحلِفَةً أقْحَاد أسْنُمِهَا،
- وَهُنّ مِنْ نَعَمِ ابْنَيْ دَاعِرٍ سِرَرُ
- مِثْلُ النّعَائِمِ يُزْجِينَا تَنَقُّلَهَا
- إلى ابنِ لَيلى بِنَا، التّهْجيرُ وَالبُكَرُ
- خَوصاً حَرَاجيجَ ما تَدري أما نَقِبَتْ
- أشكَي إلَيها إذا رَاحَتْ أمِ الدَّبَرُ
- إذا تَرَوّحَ عَنها البَرْدُ حُلّ بِهَا
- حَيْثُ التَقَى بَأعالي الأسهُبِ العَكَرُ
- بحَيثُ ماتَ هَجيرُ الحَمضِ وَاختلطتْ
- لَصَافِ حَوْلَ صَدى حَسَانَ وَالحفرُ
- إذا رَجا الرّكْبُ تَعرِيساً ذكرْتُ لَهُمْ
- غَيْثاً يَكونُ على الأيْدي له دِرَرُ
- وَكَيْفَ تَرْجونَ تَغميضاً وَأهْلُكُمُ
- بحيثُ تَلْحَسُ عَنْ أوْلادِها البَقَرُ
- مَلْقوْنَ باللَّبَبِ الأقْصَى، مُقابِلُهمْ
- عِطْفاً قَساً، وَبِرَاقٌ سَهلَةٌ عُفَرُ
- وأقرَبُ الرّيفِ منهمْ سَيرُ مُنجَذِبٍ
- بالقَوْمِ سَبْعَ لَيَالٍ رِيفُهُمْ هَجَرُ
- سِيرُوا فإنّ ابنَ لَيلى مِنْ أمامِكُمُ،
- وَبَادِرُوهُ فَإنّ العُرْفَ مُبْتَدَرُ
- وَبَادِرُوا بابنِ لَيلى المَوْتَ، إنّ لَهُ
- كَفّينِ مَا فِيهِمَا بُخْلٌ وَلا حَصَرُ
- ألَيْسَ مَرْوَانُ وَالفارُوقُ قَدْ رَفَعَا
- كَفّيْهِ، وَالعُودُ ماءَ العِرْقِ يَعتصِرُ
- ما اهتَزّ عُودٌ لَهُ عِرْقانِ مِثْلُهُما،
- إذا تَرَوّحَ في جُرْثُومِهِ الشّجَرُ
- ألفَيْتَ قَوْمَكَ لمْ يَترُكْ لأثْلَتِهِمْ
- ظِلٌّ وَعَنْهَا لِحَاءُ السّاقِ يُقتَشَرُ
- فَأعْقَبَ الله ظِلاًّ فَوْقَهُ وَرَقٌ،
- مِنْهَا بِكَفّيْكَ فيه الرّيشُ وَالثّمَرُ
- وَمَا أُعِيدَ لَهُمْ حَتى أتَيْتَهُمُ،
- أزْمانَ مَرْوَانَ إذْ في وَحْشِا غِرَرُ
- فَأصْبَحُوا قَدْ أعَادَ الله نِعمَتَهُمْ
- إذْ هُمْ قُرَيشٌ وَإذْ مَا مثلهمْ بشَرُ
- وَهُمْ إذا حَلَفُوا بالله مُقْسِمُهُمْ
- يَقُولُ: لا وَالذي مِنْ فَضْلهِ عُمَرُ
- على قُرَيشٍ إذا احتَلّتْ وَعَضّ بهَا
- دَهْرٌ، وَأنْيَابُ أيّامٍ لَهَا أثَرُ
- وَمَا أصَابَتْ مِنَ الأيّامِ جَائِحَةٌ
- للأصْلِ إلاّ وَإنْ جَلّتْ سَتُجتَبَرُ
- وَقد حُمِدتَ بأخلاقٍ خُبِرْتَ بِهَا،
- وَإنّمَا، يا ابن لَيلى، يُحمَدُ الخَبَرُ
- سَخاوَةٌ من نَدى مَرْوَانَ أعْرِفُهَا،
- وَالطّعْنُ للخَيْلِ في أكتافها زَوَرُ
- وَنَائِلٌ لابنِ لَيْلى لَوْ تَضَمّنَهُ
- سَيْلُ الفُرَاتِ لأمْسَى وَهوَ مُحتَقَرُ
- وكان آلُ أبي العاصي إذا غَضِبُوا،
- لا يَنْقُضُونَ إذا مَا استُحصِدَ المِرَرُ
- يَأبَى لهُمْ طُولُ أيْديهِمْ وَأنّ لهُمْ
- مَجْدَ الرِّهَانِ إذا ما أُعظِمَ الخَطَرُ
- إنْ عاقَبُوا فالمَنايا مِنْ عُقُوبَتِهِمْ،
- وَإنْ عَفَوْا فَذوْو الأحلامِ إنْ قَدرُوا
- لا يَستَثِيبُونَ نُعماهُمْ إذا سَلَفَتْ،
- وَلَيْسَ في فَضْلِهِمْ مَنٌّ ولا كَدَرُ
- كَمْ فَرّقَ الله مِنْ كَيْدٍ وَجَمّعَهُ
- بِهمْ، وَأطْفَأ مِنْ نَارٍ لهَا شَرَرُ
- وَلَنْ يَزَالَ إمَامٌ مِنهُمُ مَلِكٌ،
- إلَيْهِ يَشُخَصُ فَوْقَ المِنبَرِ البَصَرُ
المزيد...
العصور الأدبيه