الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> جزى الله عني في الأمور مجاشعا >>
قصائدالفرزدق
جزى الله عني في الأمور مجاشعا
الفرزدق
- جَزَى الله عنّي في الأمورِ مُجاشِعاً
- جَزَاءَ كريمٍ عالمٍ كيفَ يَصْنَعُ
- فإنْ تَجْزِني مِنْهُمْ، فإنّكَ قادِرٌ،
- تَجُزُّ كَما شِئْتَ العِبادَ وَتَزْرَعُ
- يُرِقّونَ عَظْمي ما اسْتَطاعُوا وَإنّما
- أشِيدُ لَهُمْ بُنْيانَ مَجْدٍ وَأرْفَعُ
- وَكيْفَ بكُمْ إنْ تَظلمُوني وَتَشتكوا
- إذا أنا عاقَبْتُ امْرأً، وَهوَ أقْطَعُ
- إذا انْفَقَأتْ مِنْكُمْ ضَوَاةٌ جَعَلْتُمُ
- عَلَيّ أذَاهَا، حرقها يَتَزَرّعُ
- تَرَوْنَ لَكُمْ مَجْداً هِجائي وَإنّما
- هِجائي لمَنْ حانَ الذُّعافُ المُسَلَّعُ
- وَإني لَيَنْهاني عَنِ الجَهْلِ فِيكُمُ،
- إذا كِدتُ، خَلاّتٌ من الحلمِ أرْبَعُ:
- حَياءٌ وَبُقْيَا وَاتّقَاءٌ، وإنّني
- كَرِيمٌ فَأُعطي مَا أشاءُ وأمْنَعُ
- وَإنْ أعْفُ أستَبقي حُلُومَ مُجاشعٍ،
- فإنّ العَصَا كانَتْ لذي الحلِم تُقرَعُ
- ألمْ تُرْجِلُوني عَنْ جِيادي وَتَخلعَوا
- عِناني وَما مِثلي من القَوْمِ يُخْلَعُ
- كَما كانَ يَلقى الزِّبْرِقانُ، ولَم يزَلْ
- يُعالِجُ مَوْلىً يَسْتَقِيمُ وَيَظْلَعُ
- وَأني لأَجْرِي بَعدَما يَبْلُغُ المَدَى،
- وَأفقَأُ عَيْنَيْ ذي الذُّبابِ وَأجْدعُ
- وَأكْوِي خَياشِيمَ الصُّداعِ، وَأبْتَغي
- مَجامَعَ داءِ الرّأسِ من حيثُ يَنقَعُ
- وَإني لَيَنْميني إلى خَيرِ مَنْصِبٍ
- أبٌ كانَ أبّاءً يَضُرّ وَيَنْفَعُ
- طَوِيلُ عِمادِ البَيْتِ تَبْني مُجاشِعٌ
- إلى بَيْتِهِ أطْنَابَها مَا تَنَزَّعُ
- سَيَبْلُغُ عَني حاجَتي غَيرُ عَامِلٍ،
- بها من ذوِي الحاجاتِ فَيجٌ مُسَرِّعُ
- عَصَائِبُ لمْ يَطْحَنْ كُدَيرٌ مَتاعَها
- يَمُرّ بها بَينَ الغَدِيرَيْنِ مَهْيَعُ
- إلَيْهِ، وَإنْ كَانَتْ زبَالَةُ بَيْنَنَا
- وَذُو حَدَبٍ فيهِ القَرَاقِيرُ تَمزَعُ
- يَمِيناً لَئِنْ أمْسَى كُدَيْرٌ يَلُومُني،
- لَقَدْ لُمْتُهُ لَوْماً سَيَبْقَى وَيَنْصَعُ
- خَليلَيْ كُدَيْرِ أبْلغا، إنْ لَقيتُهُ
- طَبعتُ، وَأنى ليسَ مِثلُكَ يَطْبَعُ
- أفي مائَةٍ أقْرَضْتَها ذا قَرَابَةٍ،
- عَلى كُلّ بابٍ، ماءُ عَينَيكَ يَدمَعُ
- تَسِيلُ مآقِيكَ الصّدِيدَ تَلُومُني،
- وَأنْتَ امْرُؤٌ قَحْمُ العِذارَينِ أصْلعُ
- فَدُونَكَها إنّي إخالُكَ لمْ تَزَلْ
- لَدُنْ خَرَجَتْ من بابِ بَيْتك تلمعُ
- تُنادي وَتَدْعو الله فِيها، كَأنّمَا،
- رُزِئْتَ ابنَ أُمٍّ لمْ يكُنْ يَتَضَعضَعُ
- مَتى تَأتِهِ مِني النّذِيرَةُ لا يَنَمْ،
- وَلكنْ يَخافُ الطّارِقاتِ ويَفْزَعُ
- وَأيُّ امْرِىءٍ بَعْدَ النّذِيرَةِ قد رَأى
- طَلايِعَها مِني لَهُ العَينُ تَهْجَعُ
- مِنَ النّاسِ إلاّ فاسدَ العَقل شارَكتْ
- بِهِ العَجْزَ حَوْلاً أُمُّهُ وَهوَ مُرْضَعُ
- فلا يَقْذِفَنْكَ الحَينُ في نابِ حَيّةٍ
- عَصَا كُلَّ حَوّاءٍ بِهِ السّمُّ مُنْقَعُ
- يَفِرّ رُقَاةُ القَوْمِ لا يَقْرَبُونَهُ،
- خَشاشُ حِبالٍ فاتِكُ اللّيلِ أقْرَعُ
- مِنَ الصُّمّ إنْ تَعْلُكْكَ منه شكيمةٌ
- تَمُتْ أوْ تُفِقْ قد بادَ عَقلُكَ أجمعُ
- تَرَى جَسَداً عَيْناكَ تَنْظُرُ ساكِناً،
- وَلَستَ ولَوْ ناداكَ لُقمانُ تَسْمَعُ
- فَإيّاكَ! إني قَلّ ما أزْجُرُ أمْرأً
- سِوى مَرّةٍ، إني بِمَنْ حانَ مُولَعُ
- فَذلكَ تَقْديمي إلَيْكَ، فإنْ تكُنْ
- شَقِيّاً تَردْ حَوْض الذي كنتُ أمنعُ
- وَقَدْ شابَ صُدغاكَ اللّئيمانِ عاتِباً
- عَلَيْنا، وَفينا أُمُّكَ الغُولُ تَمْزَعُ
- إلى حُجُرِ الأضْيافِ كلَّ عَشِيّةٍ،
- بذي حَلَقٍ تَمشي بِه تَتدَعْدعُ
- فما زِلتُ عن سَعدٍ لَدُن أنْ هجَوْتُها
- أخُصّ، وَتَارَاتٍ أعُمّ فَأجْمَعُ
- جُعِلْتُ على سَعْدٍ عَذاباً فأصْبَحَتْ
- تَلاعَنُ سَعْدٌ في عَذابي وَتُقْمَعُ
- تَلاعُنَ أهْلِ النّارِ، إذْ يَرْكَبُونَها،
- وإذْ هيَ تَغشَى المُجْرِمِينَ وَتَسْفَعُ
- ألمْ تَرَ سَعْداً أوْدَحَتْ إذْ دَكَكتُها
- كَمَا دَكّ آطَامَ اليَمَامَةِ تُبّعُ
- كَأنّ بَني سَعْدٍ ضِبَاعُ قَصِيمَةٍ،
- تَفَرّعَها عَبْلُ الذّرَاعَينِ مِصْقَعُ
- تُنَفِّسُ عَنْها بِالجُعُورِ وَتَتّقي
- بِأذْنَابِها زبَّ المَناخِرِ طُلَّعُ
المزيد...
العصور الأدبيه