الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> بكت عين محزون فطال انسجامها >>
قصائدالفرزدق
بكت عين محزون فطال انسجامها
الفرزدق
- بكَتْ عَينُ مَحزُونِ فطال انسجامُها
- وَطالَتْ لَيَالي حَادِثٍ لا يَنَامُهَا
- حَوَادِثُ مِنْ رَيْبِ المَنونِ أصَبْنَني
- فَصَارَ على الأخْيَارِ مِنّا سِهَامُهَا
- كَأنّ المَنَايا يَطّلِبْنَ نُفُوسَنَا،
- بذَحْلٍ، إذا ما حُمّ يَوْماً حِمامُهَا
- فإنْ نَبْكِ لا نبكِ المُصِيباتِ، إذْ أتَى
- بها الدّهْرُ، وَالأيّامُ جَمٌّ خِصَامُهَا
- ولَكِنّنَا نَبْكي تَنَهُّكَ خالِدٍ
- مَحارِمَ مِنّا لا يَحِلّ حَرَامُهَا
- فَقُلْ ل بَني مَرْوَانَ: ما بالُ ذِمّةٍ
- وَحُرْمَةِ حِلٍّ لَيسَ يُرْعَى ذِمامُهَا
- ألا في سَبِيلِ الله سَفْكُ دِمَائِنَا،
- بِلا جُرْمَةٍ مِنّا يَبِينُ اجْتِرَامُهَا
- مَدَدْنَا بِثَدْيٍ مَا جُزِينَا بِدَرّهِ،
- وَأيْدٍ بِنَا اسْتَعْلَتْ، وَتَمّ تمَامُهَا
- وَثَارَ بِقَتلِ ابْنِ المهَلُّبِ خَالِدٌ
- وفيناَ بَقِيَّاتُ الهُدى وإمَامُهَا
- أرَى مُضَرَ المِصَرَينِ قد ذَلّ نَصرُها
- وَلكِنّ قَيْساً، لا يُذَلّ شَآمُهَا
- فَمَنْ مُبْلِغٌ بالشّامِ قَيْساً وَخِندِفاً
- أحادِيثَ مَا يُشفَى بِبُرْءٍ سَقامُهَا
- أحادِيثَ منّا نَشْتَكيها إلَيْهِمُ،
- وَمُظْلِمَةً يَغْشَى الوُجُوهَ ظَلامُهَا
- فإنْ مَنْ بِها لمْ يُنْكِرِ الضّيمَ منهُمُ
- فَيَغْصَبَ مِنْها كَهْلُهَا وَغُلامُهَا
- يَعُدْ مِثْلُهَا مِنْ مِثْلِهِمْ فيُنكِّلوا،
- فيَعَلَمَ أهلُ الجَوْرِ كيفَ انتِقامُهَا
- بِغَلْبَاءَ مِنْ جُمْهُورِها مُضَرِيّةٍ،
- تُزَايِلُ فِيها أذْرُعَ القَوْمِ لامُهَا
- وَبِيضٍ علاهُنّ الدِّجَالُ، كأنّهَا
- كَوَاكِبُ يَجْلُوها لسارٍ ظَلامُهَا
- دَمُ ابنِ يَزيِدٍ كان حِلاًّ لخالِدٍ،
- ألَهْفي لنَفْسٍ لَيسَ يُشفى هُيامُهَا
- فَغَيّرْ أمِيرَ المُؤمِنِينَ، فَإنّهَا
- يَمَانِيَةٌ حَمْقَاءُ أنْتَ هِشامُهَا
- أبابنِ يَزِيدٍ وَابنِ زَحْرٍ تَحَلّلَتْ
- دِمَاءُ تَمِيمٍ، وَاستُبِيحَ سَوَامُهَا
- أنُقْتَلُ فِيكُمْ، إذْ قَتَلْنَا عدُوَّكم
- على دينكُمْ، والحَرْبُ بادٍ قَتامُهَا
- وَغَبْرَاءَ عَنكُمْ قَدْ جَلَوْنا كما جَلا
- صَدَى حِلْيَةِ المأثُورِ عَنْهُ تِلامُهَا
- لَقَدْ كانَ فِينَا لَوْ شَكَرْتُمْ بَلاءنا
- وَأيّامَنَا اللاّتي تُعَدّ جِسَامُهَا
- لَنَا فِيكُمُ أيْدٍ وَأسْبَابُ نِعْمَةٍ،
- إذا الفِتَنَةُ العشوَاءُ شُبّ احتِدامُهَا
- زِمامُ التي تَخشَى مَعَدٌّ وغَيْرُهَا،
- إذا مَا أبَى أنْ يَستَقِيمَ هُمَامُهَا
- غَضِبنا لكمْ يا آلَ مَرْوَانَ فاغضَبوا
- عَسَى أنّ أرْوَاحاً يَسُوغُ طَعامُهَا
- ولا تَقطَعُوا الأرْحامَ مِنّا، فإنّهَا
- ذُنُوبٌ مِنَ الأعْمالِ يُخشَى إثامُهَا
- لَقَدْ عَلِمَ الأحياءُ في كُلّ مَوْطِنٍ
- إذا عُدّتِ الأحْيَاءُ أنّا كِرَامُهَا
- وَأنّا، إذا الحْربُ العَوَانُ تضَرّمَتْ،
- نَلِيهَا إذا ما الحَرْبُ شُبّ ضِرَامُهَا
- قِوَامُ عُرَى الإسْلام والأمْرِ كُلِّهِ،
- وَهَلْ طاعَةٌ إلاّ تَميمٌ قِوَامُهَا
- وَلَكِنْ فَدَتْ نَفِسِي تَميماً من التي
- يُخَافُ الرّدَى فيها وَيُرْهَبُ ذامُهَا
- إلى الله تَشْكُو عزَّنا الأرْضُ فَوْقَها،
- وَتَعْلَمُ أنّا ثِقْلُهَا وَغَرَامُهَا
- شَكَتْنَا إلى الله العَزِيزِ، فأسمَعَتْ
- قَرِيباً، وَأعْيَا مَن سِوَاهُ كَلامُهَا
- نَصُولُ بحَوْلِ الله في الأمْرِ كُلِّهِ،
- إذا خِيفَ من مُصْدُوعَةٍ مال التِئامُهَا
- ألَمْ يَكُ في الإسْلامِ مِنّا وَمِنكُمُ
- حَوَاجِزُ أرْكَانٍ عَزِيزٍ مَرَامُهَا
- فَتَرْعَى قُرَيشٌ مِنْ تَمِيمٍ قَرَابَةً،
- وَتَجْزِي أيّاماً كَرِيماً مَقَامُهَا
- وَقَدْ عَلِمَتْ أبْنَاءُ خِنْدِفَ أنّنَا
- ذُرَاهَا، وَأنّا عِزُّهَا وَسَنَامُهَا
- وَأنْتُمُ وُلاةُ الله، ولاّكُمُ الّتي
- بهِ قُوِّمَتْ حتى اسْتَقَامَ نِظامُهَا
- صِلُوا مِنْ تَميمٍ ما تَميمٌ تُجِدُّهُ،
- إذا مَا حِبَالُ الدِّينِ رَثّتْ رِمامُهَا
المزيد...
العصور الأدبيه