الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> إن يظعن الشيب الشباب فقد ترى >>
قصائدالفرزدق
إن يظعن الشيب الشباب فقد ترى
الفرزدق
- إنْ يُظْعِنِ الشّيْبُ الشّبابَ فقد تُرَى
- لَهُ لِمّةٌ لَمْ يُرْمَ عَنْها غُرَابُهَا
- لَئنْ أصْبَحَتْ نَفسي تُجيبُ لطال ما
- أقَرّتْ بعَيْني أنْ يُغِيمَ سَحابُهَا
- وَأصْبَحتُ مِثْلَ النّسْرِ أصْبَحَ وَاقِعاً
- وَأفْنَاهُ مِنْ كَرّ اللّيَالي ذَهابُهَا
- وَمايِرَةِ الأعْضَادِ قَد أجهَضَتْ لها
- نَتِيجَ خِداجٍ وَهْيَ نَاجٍ هَبابُهَا
- تَعالَلْتُهَا بالسّوْطِ بَعْدَ التِياثِها،
- بمُقْوَرّةِ الأعْلام يَطْفُو سَرَابُهَا
- فقلت لها: زوري بلالاً فإنه
- إلَيْهِ من الحَاجَاتِ تُنْضى ركابها
- حَلَفْتُ، وَمَنْ يَأثَمْ فَإنّ يَمينَهُ
- إذا أثِمَتْ لاقِيهِ مِنْهَا عَذابُها
- لئِنْ بَلَّ لي أرْضِي بِلالٌ بِدَفْقَةٍ
- منَ الغَيثِ في يُمنى يدَيهِ انسِكابُها
- أكُنْ كالّذي صَابَ الحَيا أرْضهُ التي
- سَقاها وَقَد كانَتْ جَدِيباً جَنَابُها
- فأصْبَحَ قَدْ رَوّاهُ من كُلّ جانِبٍ
- لَهُ مَطَرَاتٌ مُسْتَهِلٌّ رَبَابُها
- فَتىً تَقْصُرُ الفِتْيانُ دُونَ فَعالِهِ،
- وكانَ بِهِ للحَرْبِ يخبو شهابها
- هُوَ المشتري بالسيف أفضَلَ ما غلا
- إذا مارحى الحرب استَدَرّ ضِرَابُها
- أبَى لِبِلالٍ أنّ كَفّيْهِ فِيهِمَا
- حَيا الأرْض يسقي كلَّ مَحلٍ حَبابُها
- هُوَ ابنُ أبي مُوسى الذي كانَ عِنْدَه
- لحاجَاتِ أصْحابِ الرّسُول كِتابُها
- رَأيْتُ بِلالاً إذْ جَرَى جاءَ سابِقاً،
- وَذَلّتْ بِهِ للحَرْبِ قَسْراً صِعابُها
- بهِ يَطْمَئِنّ الخَائِفُونَ وَغَيْثُهُ
- بِهِ مِنْ بِلادِ المَحْلِ يَحْيا تُرَابُها
- أبَيْتَ على النّاهِيكَ إلاّ تَدَفّقاً،
- كما انهَلّ من نَوْءِ الثّرَيّا سَحابُها
- رَحَلْتُ مِنَ الدَّهْنَا إلَيْكَ وَبَيْنَنا
- فَلاةٌ وَأنْيَاهٌ تَعَاوَى ذِئَابُها
- لألْقَاكَ، وَاللاّقِيكَ يَعْلَمُ أنّهُ
- سَيَمْلأُ كَفّيْ سَاعِدَيْهِ ثَوَابُها
- نَمَاكَ أبُو مُوسَى أبُوكَ كَما نَمَى
- وُعُولاً بِأعْلى صَاحَتَينِ هِضَابُها
- وكُلُّ يَمَانٍ أنْتَ جُنّتُهُ الّتي
- بِهَا تُتّقَى لِلْحَرْبِ إذْ فُرّ نَابُها
- وَأنْتَ امْرُوءٌ تُعْطي يَمينُكَ ما غَلا،
- وَإنْ عاقَبَتْ كانَتْ شَديداً عِقابُها
المزيد...
العصور الأدبيه