الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> إذا عرض المنام لنا بسلمى >>
قصائدالفرزدق
إذا عرض المنام لنا بسلمى
الفرزدق
- إذا عَرَضَ المَنَامُ لَنَا بِسَلْمَى،
- فَقُلْ في لَيْلِ طارِقَةٍ قَصِيرِ
- أتَتْنَا بَعْدَمَا وَقَعَ المَطَايَا
- بِنَا في ظِلّ أبْيَضَ مُسْتَطيرِ
- فَقُلْتُ لهَا كَذَا الأحْلامُ أمْ لا
- أتَتْني الرّائِعَاتُ مِنَ الدّهُورِ
- فَلَمّا للصّلاةِ دَعَا المُنَادِي،
- نهَضْتُ وَكنتُ منها في غُرُورِ
- نمَاني كلُّ أصْيدَ دَارِمِيٍّ،
- عَلى الأقْوَامِ أبّاءٍ، فَخُورِ
- إذا اجتَمَعَتْ عَصَايبُ كُلّ حيّ
- مِنَ الآفاق مُختَلِفي النُّجُور
- مُلَبَّدَةً رُؤوسُهُمُ، سِرَاعاً
- إلى البَيْتِ المُحَرَّمِ ذي السّتورِ
- رَأوْنَا فَوْقَهُمْ، ولَنَا عَلَيْهِمْ
- صَلاةُ الرّافِعِينَ مَعَ المُغِيرِ
- وَرِثْنَا عَنْ خَلِيلِ الله بَيْتاً،
- يُطَيَّبُ للصّلاةِ وَللطَّهُورِ
- هُوَ البَيْتُ الذي مِنْ كُلّ وَجْهٍ
- إلَيْهِ وُجُوهُ أصْحَابِ القُبورِ
- خِيَارَ الله للإسْلامِ! إنّا
- إلَيْكَ نَشُدّ أنْسَاعَ الصّدُورِ
- سَتَحْمهلُنَا إلَيْكَ مُبَلِّغَاتٌ،
- يَطَأنَ دَماً، مُكَدَّحةُ الظّهُورِ
- بَنَاتُ الدّاعِرِيّ إذا تَلاقَتْ
- عُرَاهَا وَهْيَ جائِلَةُ الضُّفُورِ
- لنأتي خَيرَ أهْلِ الأرْضِ حَيّاً،
- تُحَلُّ إلَيْهِ أحْنَاءُ الأمُورِ
- على المُتَرَدِّفَاتِ بِكُلّ خَرْقٍ،
- نَحَائِزُ كُلِّ مُنْتَجِرٍ مُنِيرِ
- فَمَا بَلَغَتْ بِنَا إلاّ جِرَيضاً
- على الأعجازِ تُرْدِفُ كُلَّ كُورِ
- بَلَغْنَ وَمُخُّهُنّ مَعَ السُّلامَى
- بِكُلّ نَجَاءِ صَادِقَةِ الضّرِيرِ
- وَأشْلاءٍ لِنَاجِيَةٍ تَرَكْنَا
- عَلَيْهَا العَاكِفَاتِ مِنَ النّسورِ
- كَأنّ رِكَابَنا في كُلّ فَجٍّ،
- إذا دبّ الكُحَيْلُ مِنَ الغُرُورِ
- نَعَامٌ رَائِحٌ في يَوْمِ رِيحٍ،
- وَلَيْسَتْ في أخِشّتِهَا بِعِيرِ
- وَلَكِنْ يَنْتَجِعْنَ بِنَا فُرَاتاً
- وَنِيلاً يَطْمُوَانِ على البُحْورِ
- هُمَا في راحَتَيْكَ، إذا تَلاقَى
- عُبَابُهُمَا إلى حَلَبٍ غَزِيرِ
- بهِمْ ثَبَتَتْ رَحَى الإسلامِ قَسْراً
- وَضَرْبٍ بِالمُهَنَّدَةِ الذُّكُورِ
- تَوَارَثَهَا بَنُو مَرْوَانَ عَنْهُ،
- وَعَنْ عُثْمَانَ بَعدَ ثأىً كَبيرِ
- رَجَاكَ المَشْرِقَان. لِكُلّ عَانٍ،
- وَأرْمَلَةٍ، وَأصْحَابُ الثّغُورِ
- وَكُنتَ جَعَلتَ للعُمّالِ عَهْداً
- وَفِيهِ العَاصِمَاتُ مِنَ الفُجُورِ
- فَمَنْ يأخذْ بحَبلِكَ يَجْلُ عَنهُ
- عَشَا عَيْنَيْهِ مِنكَ بَياضُ نورِ
- أميرَ المُؤمِنينَ، وَأنْتَ تَشْفي
- بِعَدْلِ يَدَيْكَ أدْوَاءَ الصّدُورِ
- فكَيْفَ بِعَامِلٍ يَسْعَى عَلَيْنَا
- يُكَلّفُنَا الدّرَاهِمَ في البُدُورِ
- وَأنّى بِالدّرَاهِمِ، وَهْيَ مِنّا
- كَرَافِعِ رَاحَتَيْهِ إلى العَبُورِ
- إذا سُقْنَا الفَرَائِض لمْ يُرِدْهَا،
- وَصَدّ عَنِ الشُّوَيْهَةِ وَالبَعِيرِ
- إذا وَضَعَ السَّيَاطَ لَنَا نَهَاراً،
- أخَذْنَا بِالرِّبَا سَرَقَ الحَرِيرِ
- فَأدْخَلَنَا جَهَنّمَ مَا أخَذْنَا
- مِنَ الإرْبَاءِ مِنْ دُونِ الظّهورِ
- فَلَوْ سَمعَ الخَليفَةُ صَوْتَ داعٍ
- يُنَادي الله: هَلْ لي مِنْ مُجِيرِ؟
- وأَصْوَاتَ النّسَاءِ مُقَرَّنَاتٍ،
- وَصِبْيَانٍ لَهُنّ على الحُجُورِ
- إذاً لأجَابَهُنّ لِسَانُ دَاعٍ
- لِدِينِ الله مِغْضَابٍ نَصُورِ
- أمِينِ الله يَصْدَعُ حينَ يَقْضِي
- بِدِينِ مُحَمّدٍ، وَبِهِ أمُورِ
المزيد...
العصور الأدبيه