الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> إذا المرء لم يحقن دما لابن عمه >>
قصائدالفرزدق
إذا المرء لم يحقن دما لابن عمه
الفرزدق
- إذَا المَرْءُ لمُ يَحْقُنْ دَماً لابن عَمّهِ
- بمَخْلُولَةٍ مِنْ مَالِهِ أوْ بمُقْحَمِ
- فَلَيْسَ بذي حَقٍّ يُهَابُ لحَقّهِ،
- وَلا ذي حَريمٍ تَتّقِيهِ لمَحْرَمِ
- فَخَلّ عن الحَيّاتِ إنْ نَهَدَتْ لهُ،
- وَلا تَدْعُوَنْ يَوْماً بهِ عندَ مُعظَمِ
- أبَى حَكَمٌ مِنْ مَالِهِ أنْ يُعِينَنَا
- على حَلّ حَبْلِ الأبْيَضِيّ بدِرْهَمِ
- وَقُلْتُ لَهُ: مَوْلاكَ يَدْعُو يَقودُهُ
- إلَيْكَ، بحَبْلٍ، ثائِرٌ غَيرُ مُنعِمِ
- بكَى بَينَ ظَهْرَيْ رَهْطِهِ بَعدَما دعا
- ذَوي المُخّ مِنْ أحسابِهِمْ وَالمُطَعَّمِ
- فقالَ لهُمْ: رَاخُوا خِناقي وَأطْلِقُوا
- وَثَاقي فَإني بَينَ قَتْلٍ وَمغْرَمِ
- وَمِنْ حَوْلِهِ رَهْطٌ أصَابَ أخاهُمُ
- بهازِمَةٍ تَحْتَ الفَرَاشِ المُحَطَّمِ
- بَنُو عَلّةٍ مُسْتَبْسِلُونَ قَدِ التَوَتْ
- قُوَاهُمْ بِثأرٍ في المَرِيرَةِ مُسْلَمِ
- وَلَمْ يَدْعُ حتى ما لَهُ عِندَ طَارِقٍ
- ولا سَائِرِ الأبْنَاءِ مِنْ مُتَلَوَّمِ
- فقالوا: استَغِثْ بالقَبرِ أوْ أسمعِ ابنَهُ
- دُعاءَكَ يَرْجِعْ رِيقُ فيكَ إلى الفَمِ
- فَأقْسَمَ لا يَخْتَارُ حَيّاً بِغَالِبٍ،
- وَلَوْ كانَ في لحدٍ من الأرْضِ مُظْلِمِ
- دَعا بَينَ آرَامِ المَقَرّ ابنَ غالِبٍ،
- وَعاذَ بِقَبْرٍ تَحْتَهُ خَيرُ أعْظُمِ
- فَقُلْتُ لَهُ أقرِيكَ عَنْ قَبرِ غالِبِ
- هُنَيْدَةَ إذْ كَانَتْ شفَاءً من الدمِ
- يَنامُ الطّرِيدُ بَعدَها نَوْمةَ الضّحَى،
- وَيَرْضَى بهَا ذُو الإحْنَةِ المُتَجَرِّمِ
- فَقامَ عَنْ القَبْرِ الذي كانَ عائِذاً
- بهِ إذا أطافَتْ عِيطُها حَوْلَ مُسلَمِ
- وَلَوْ كانَ زَبّانُ العُلَيميُّ جَارَهَا،
- وَآلُ أبي العاصِي غَدَتْ لمْ تُقَسَّمِ
- وَفيمَ ابنُ بَحْرٍ من قِلاصِ أشَذَّهَا
- بِسَيْفَينِ أغْشَى رَأسَهُ لَمْ يُعَمَّمِ
- وَلمْ أرَ مَدْعُوَّينِ أسْرَعَ جَابَةً،
- وَأكْفَى لِرَاعٍ مِنْ عُبَيْدٍ وَأسَلَمِ
- أهِيبَا بهَا يا ابْنَيْ جُبَيْرٍ، فإنّهَا
- جَلَتْ عَنْكُما أعناقُها لَوْنَ عِظلِمِ
- دَفَعْتُ إلى أيْديهِمَا فَتقَبّلا
- عَصَا مئَةٍ مثل الفَسِيلِ المُكَمَمِ
- فَرَاحَا بِجُرْجُورٍ كَأنّ إفَالَهَا
- فَسِيلٌ دَماً قِنْوَانُهُ مِنْ مُحَلِّمِ
- ألا يا اخْبِرُوني أيّها الناسُ إنّمَا
- سألتُ وَمَنْ يَسألْ عن العِلمِ يَعلَمِ
- سُؤالَ امرِىءٍ لمْ يُغفلِ العِلمَ صَدرُه،
- وَما العالمُ الوَاعي الأحاديثَ كالعَمي
- ألا هَلْ عَلِمْتُمْ مَيّتاً قَبْلَ غالبٍ
- قَرَى مِئَةً ضَيْفاً، ولَمْ يَتَكَلّمِ؟
- أبي صَاحبُ القَبْرِ الذي مَنْ يَعُذْ بِه
- يُجْرْهُ مِنَ الغُرْمِ الذي جَرّ وَالدّمِ
- وَقَد عَلِمَ السّاعي إلى قَبرِ غَالِبٍ،
- من السّيْفِ يَسعى، أنّهُ غَيرُ مُسلَمِ
- وَإذ نحّبَتْ كَلْبٌ على النجاسِ أيُّهمْ
- أحَقُّ بِتَاجِ المَاجِدِ المُتَكَرّمِ
- على نَفَرٍ هُمْ مِنْ نِزَارٍ ذُؤابَةٌ،
- وَأهْلُ الجَرَاثِيمِ التي لمْ تُهَدَّمِ
- على أيّهِمْ أعْطَى وَلمْ يَدْرِ مَن همُ،
- أحَلَّ لَهُمْ تَعقِيلَ ألْفٍ مُصَتَّمِ
- فَلمْ يَجلُ عن أحسابِهمْ غَيرُ غالبٍ
- جَرَى بعِنانَيْ كُلّ أبْلَجَ خِضْرِمِ
- وَلَوْ قَبِلَتْ سَيْدانُ مِني حَلِيفَتي،
- شَفَيْتُ بهَا ما يَدّعي آلُ ضَمضَمِ
- لأعطيتُ ما أرْضَى هُبَيْرَةَ قَائِماً
- مِنَ المُعلَنِ البادي لَنا والمُجَمجَمِ
- وَكُنْتُ كمَسْؤولٍ بِأحداثِ قَوْمِهِ
- ليُصْلِحَهَا، مَنْ لَيسَ فيها بمُجرِمِ
- وَلكِنْ إذا ما المُصْلِحُونَ عَصَاهُمُ
- وَليٌّ، فَما للنّصْحِ مِنْ مُتَقَدَّمِ
المزيد...
العصور الأدبيه