الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> ألكني وقد تأتي الرسالة من نأى >>
قصائدالفرزدق
ألكني وقد تأتي الرسالة من نأى
الفرزدق
- ألِكْني، وَقَدْ تأتي الرّسالَةُ مَن نَأى،
- إلى ابنِ شرِيكٍ ذي الحُجولِ المُطوَّقِ
- بِأنّ جَنَاباً لَمْ يُغَيِّرْ فُؤادهُ
- تَلاقي مَعدٍّ في مَنَاخِ التّفَرّقِ
- وَمَا زادَهُ إلاّ انْفِرَاثاً لِقَاؤهُ
- قُرَيْشاً وما استحيا وذو العِرْضِ يَتّقي
- عَلى نَفْسِهِ حَتى يُزايِلَ جَارَهُ
- كَريماً وعلمْ يَظعَنْ بعرْضٍ مُخَرَّقِ
- ألمْ أضْمَنِ المَوْتَ الذي لا يَرُدُّهُ،
- إذا جَاءَ، إلاّ رَبُّ غَرْبٍ وَمَشْرقِ
- لذَحْلَيْهِما إذْ فَوّزَتْ نِقْضَيَاهِما
- بِبَايِنَةٍ عَنْ زَوْرِها كُلَّ مِرْفَقِ
- وَقُلْتُ لأخْرَى: استَظهرُوا بنَجائِها
- كأحْقَبَ مِيفاءٍ عَلى القُورِ سَهْوَقِ
- إذا شَلّ في صَمّانَةٍ أوْقَدَتْ لَهُ
- حَوَافِرُها نِيرَانَ مَرْوٍ مُفَلَّقِ
- كأنّ عُكاظِيّاً لَهُ حِينَ زَايَلَتْ
- عَقيقَتُهُ سِرْبالَ حَوْلٍ مُمَزَّقِ
- وَألْقَيْتُ عَنْ ظَهرَيِهما شَمْلَتَيِهِما
- بِأرْدِيَةِ العَصْبِ اليَماني المُلَفَّقِ
- وَما كُنْتُما أهْلاً لَهُ غَيرَ أنّني
- ذَكَرْتُ أبي للصّاحِبِ المُتَعَلِّقِ
- وَكَمْ عَنْ جَنابٍ لوْ تَلَبّثَ لم يَؤبْ
- إلى أهْلِهِ، إلاّ بكُرْسُوعِ مِرفَقِ
- فمِنْهُنّ عِندَ البَيْتِ حَيثُ سَرَقْنَهُ
- مَتاعُ أبي زَبّانَ، في أيّ مَسْرَقِ
- بِمَنْزِلَةٍ بينَ الصَّفا كُنْتُمَا بِهَا،
- وَزَمْزَمَ، وَالمَسْعَى، وَعندَ المُحَلَّقِ
- وَمِنهُنّ إذْ رَاعَى جَناباً وَقَدْ دَنا
- إلى بابِ مغْلاقِ الشَّبَا غَيرِ مُغلَقِ
- فَلَمّا رَأى أنْ قَدْ كَرَرْتُ ورَاءَهُ
- تَكَشّرَ، والحَوْباءُ عِندَ المُخَنَّقِ
- تَكَشّرَ مَكْرُوبٍ يُتَلّ، وَكَم رَأى
- على بابِ سَلْمٍ مِن أكُلّ وَأسوُقِ
- فَلَوْ أنّني داوَيْتُ قَوْماً شَفَيْتُهُمْ،
- ولَكِنّني لاقَيْتُ مِثْلَ الجَلَوْبَقِ
- وَكُنْتُ أرى أنّ الجَلَوْبَقَ قد ثَوَى
- فيَنْفُقُ لي مِنْ بينِ رُكْنيْ مُخَفَّقِ
المزيد...
العصور الأدبيه