الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> أحب من النساء وهن شتى >>
قصائدالفرزدق
أحب من النساء وهن شتى
الفرزدق
- أُحبُّ مِنَ النّسَاءِ، وَهُنّ شَتى،
- حَدِيثَ النّزْرِ وَالحَدَقَ الكِلالا
- مَوانِعُ للحَرَامِ بِغَيْرِ فُحْشٍ،
- وَتَبْذُلُ ما يَكُونُ لها حَلالا
- وَجَدْتُ الحُبَّ لا يَشْفِيهِ إلاّ
- لِقَاءٌ يَقْتُلُ الغُلَلَ النِّهَالا
- أقُولُ لِنِضْوَةٍ نَقِبَتْ يَدَاهَا،
- وَكَدّحَ رَحْلُ رَاكِبِها المَحَالا
- وَلَوْ تَدْرِي لَقُلْتُ لِا اشْمَعِلّي،
- ولا تَشْكي إليّ لَكِ الكَلالا
- فإنّك قَدْ بَلَغْتِ، فلا تَكُوني
- كَطاحِنَةٍ وَقَدْ مُلِئَتْ ثِفَالا
- فإنّ رَوَاحَكِ الأتْعَابُ عِنْدِي،
- وتَكْليفي لَكِ العُصَبَ العِجَالا
- وَرَدِّي السّوْطَ مِنْكِ بحَيْثُ لاقَى
- لَكِ الحَقَبُ الوَضِينَ بحَيْثُ جَالا
- فَماتَرَكَتْ لَها صَحْراءُ غَوْلٍ،
- ولا الصَّوّانُ مِنْ جَذْمٍ نِعَالا
- تُدَهْدِي الجَنْدَلَ الحَرّيَّ لَمّا
- عَلَتْ ضَلِضاً تُنَاقِلُهُ نِقَالا
- فَإنّ أمَامَكِ المَهْدِيَّ يَهْدِي
- بِهِ الرّحْمَنُ مَنْ خَشِيَ الضّلالا
- وَقَصْرُكِ مِنْ نَدَاهُ، فَبَلّغِيني،
- كَفَيْضِ البَحْرِ حِينَ عَلا وَسَالا
- نَظَرْتُكَ مَا انْتَظَرْتَ الله حَتى
- كَفَاكَ المَاحِلِينَ بكِ المحَالا
- نَظَرْتُ بإذْنِكَ الدّوْلاتِ عِنْدِي،
- وَقُلْتُ عَسَى الّذِي نَصَبَ الجِبَالا
- يُمَلّكُهُ خَزَائِنَ كُلّ أرْضٍ،
- وَلمْ أكُ يَائِساً مِنْ أنْ تُدَالا
- فَأصْبَحَ غَيْرَ مُغْتَصَبٍ بِظُلْمٍ،
- تُرَاثَ أبيكَ حِينَ إلَيْكَ آلا
- وَإنّكَ قَدْ نُصِرْتَ أعَزَّ نَصْرٍ،
- على الحَجّاجِ إذْ بَعَثَ البِغالا
- مُفَصِّصَةً تُقَرِّبُ بِالدّوَاهي،
- وَنَاكِثَةً تُريدُ لَكَ الزِّيَالا
- فَقَالَ الله: إنّكَ أنْتَ أعْلى
- مِنَ المُتَلَمّسِينَ لَكَ الخَبَالا
- فأعطاكَ الخلاَفَةَ غَيْرَ غَصْبٍ،
- وَلَمْ تَرْكَبْ لِتَغْصِبَهَا قِبَالا
- فَلَمّا أنْ وَلِيتَ الأمْرَ شَدّتْ
- يَدَاكَ مُمَرّةً لَهُمُ طِوَالا
- حِبَالَ جَمَاعَةٍ وَحِبَالَ مُلْكٍ،
- تَرَى لَهُمُ رَوَاسِيهَا ثِقَالا
- جَعَلْتَ لَهُمْ وَرَاءَكَ فاطْمَأنّوا،
- مَكَانَ البَدْرِ، إذْ هَلَكُوَا هِلالا
- وَليَّ العَهْدِ مِنْ أبَوَيْكَ، فِيهِ
- خَلائِقُ قَدْ كَمَلْنَ لَهُ كَمالا
- تُقىً وَضَمَانَةً للنّاسِ عَدْلاً،
- وأكْثَرَ مَنْ يُلاثُ بِهِ نَوَالا
- فَزَادَ النّاكِثِينَ الله رَغْماً،
- ولا أرْضَى المَعاطِسَ وَالسَّبَالا
- فَكَانَ النّاكِثُونَ، وَما أرادُوا،
- كَرَاعي الضّأنِ إذْ نَصَبَ الخِيَالا
- وَرَاءَ سَوَادِهَا يُخْشَى عَلَيْهَا،
- لِيَمْنَعَهَا وَمَا أغْنى قِبَالا
- فأْصْبَحَ كَعْبُكَ الأعْلى وأضْحَوْا
- هَبَاءَ الرّيحِ يَتّبِعُ الشَّمَالا
- ألَسْتَ ابنَ الأئِمَةِ مِنْ قُرَيْشٍ،
- وَحَسْبُكَ فَارِسُ الغَبْرَاءِ خَالا
- إمَامٌ مِنْهُمُ للنّاسِ فِيهِمْ
- أقَمْتَ المَيْلَ، فَاعْتَدَلَ اعْتِدالا
- عَمِلْتَ بِسُنّةِ الفَارُوقِ فِيهِمْ،
- وَمِنْ عُثْمَانَ كُنْتَ لَهُمْ مِثَالا
- وَأمِّ ثَلاثَةٍ مَعَها ثَلاثٌ،
- كَأنّ بِأُمّهِمْ وَبِهِمْ سُلالا
- فَتَحْتَ لَهُمْ بإذْنِ الله رَوْحاً،
- وَلا يَسْطِيعُ كَيْدُهُمُ احْتِيَالا
المزيد...
العصور الأدبيه