الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الفرزدق >> أبى الحزن أن أسلى بني وسورة >>
قصائدالفرزدق
أبى الحزن أن أسلى بني وسورة
الفرزدق
- أبَى الحُزْنُ أنْ أسْلَى بَنّي وَسَوْرَةٌ
- أرَاهَا إذا الأيْدِي تَلاقَتْ غِضَابُهَا
- وَما ابْنَايَ إلاّ مِثْلُ مَنْ قَد أصَابَهُ
- حِبَالُ المَنَايَا مَرُّهَا واشْتِعَابُهَا
- ثَوَى ابْنَايَ في بَيْتيْ مُقَامٍ كِلاهُمَا
- أخِلّتُهُ عَنّي بَطِيءٌ ذَهَابُهَا
- وَمَحْفُورَة لا مَاءَ فيهَا مَهيبَة
- يُغَطّى بأعْوَاد المَنيّة نَابُهَا
- أنَاخَ إلَيْهَا ابْنايَ ضَيْفَيْ مَقامَةٍ،
- إلى عُصْبَةٍ مَا تُسْتَعَارُ ثِيَابُهَا
- فَلَمْ أرَ حَيّاً قَدْ أتى دونَ نَفسِهِ
- منَ الأرْضِ جُولا هُوّةٍ وَتُرَابُهَا
- مِنَ النّاسِ إلاّ أنّ نَفْسِي تَعَلّقَتْ
- إلى أجَلٍ حَتى يَجِيءَ مُصَابُهَا
- وَكانُوا همُ المالَ الذي لا أبِيعُهُ،
- وَدِرْعي إذا ما الحَرْبُ هَرّتْ كلابُهَا
- وَكَمْ قاتلٍ للجُوعِ قَد كانَ منهمُ،
- وَمِنْ حَيّةٍ قَدْ كانَ سُمّاً لُعَابُهَا
- إذا ذُكِرَتْ أسْمَاؤهُمْ أوْ دُعُوا بها
- تَكَادُ حَيَازِيمي تفَرّى صِلابُهَا
- وَكنتُ بِهمْ كاللّيثِ في خِيسِ غابةٍ
- أبَى ضَارَعاتٍ كانَ يُرْجَى نُشابُهَا
- وَكُنْتُ وَإشْرَافي عَلَيْهِمْ وَما أرَى
- لِنَفْسِيَ إذْ هُمْ في فُؤادِي لُبَابُهَا
- كَرَاكِزِ أرْمَاحٍ تُجُزِّعْنَ بَعدَما
- أُقِيمَتْ حَوَانِيهَا وَسُنّتْ حِرَابُهَا
- إذا ذَكَرَتْ عَيْني الّذِينَ هُمُ لهَا
- قَذىً هيجَ منها للبكاءِ انْسِكابُهَا
- بَني الأرْضِ قد كانُوا بَنيّ فعَزّني
- عَلَيْهِمْ، لآجَالِ المَنَايَا كِتَابُهَا
- وَلوْلا الّذِي للأرْضِ ما ذَهَبَتْ بهم
- وَلمّا تَفَلّلْ بِالسّيُوفِ حِرَابُهَا
- وَكَائِنْ أصَابَتْ مُؤمِناً مِنْ مُصِيبةٍ
- على الله عُقْبَاهَا، وَمِنْهُ ثَوابُهَا
- هَجَرْنَا بُيُوتاً، أنْ تُزارَ، وَأهْلُها
- عَزِيزٌ عَلَيْنا، يا نَوارُ، اجْتِنَابُهَا
- وَداعٍ عَليّ الله لَوْ مِتُّ قَدْ رَأى
- بِدَعْوَتِهِ مَا يَتّقي لَوْ يُجَابُهَا
- وَمِنْ مُتَمَنٍّ أنْ أمُوتَ وَقد بَنَتْ
- حَيَاتي لَهُ شُمّاً عِظَاماً قِبَابُهَا
- سَيُبْلِغُ عَني الأخْطَلَينِ ابنَ غالبٍ
- وَأخطَلَ بَكْرٍ حِينَ عَبّ عُبَابُهَا
- أخي وَخَليلي التّغْلبيّ، وَدُونَهُ
- سَخاوِيُّ تَنْضَى في الفَيافي رِكابُهَا
- وَخُنْسٌ تَسُوقُ السَّخَلَ كلَّ عَشيّة
- بِداوِيّةٍ غَبْرَاءَ دُرْمٍ حِدابُهَا
- فَلا تَحْسِبَا أني تَضَعْضعَ جَانِبي،
- وَلا أنّ نَارَ الحَرْبِ يَخبُو شِهابُهَا
- بَقِيتُ وَأبْقَتْ مِنْ قَنَاتي مَصَابَتي
- عَشَوْزَنَةً زوْرَاءَ صُمّاً كِعَابُهَا
- على حَدَثٍ لَوْ أنّ سَلْمى أصَابَهَا
- بمِثْلِ بَنيّ ارْفَضّ مِنْهَا هِضَابُهَا
- وَما زِلْتُ أرْمي الحَرْبَ حتى تَركْتُها
- كَسِيرَ الجنَاحِ مَا تَدِفّ عُقَابُهَا
- إذا ما امتَرَاهَا الحالبُونَ عَصَبْتُهَا
- على الجَمْرِ حتى مَا يَدِرُّ عِصَابُهَا
- وَأقْعَتْ على الأذْنابِ كُلُّ قَبِيلَةٍ،
- على مَضَضٍ مني، وَذَلّتْ رِقَابُهَا
- أخٌ لكُما إنْ عَضّ بالحرْبِ أصْبحتْ
- ذَلُولاً، وَإنْ عَضّتّ بِهِ فُلَّ نابُهَا
المزيد...
العصور الأدبيه