الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الجبار بن حمديس >> واعمُرْ بقصرِ المُلْكِ ناديكَ الذي >>
قصائدعبد الجبار بن حمديس
- واعمُرْ بقصرِ المُلْكِ ناديكَ الذي
- أضحى بمجدك بيته معمورا
- قصرٌ لو أنَّك قد كحلتَ بنوره
- أعمى لعادَ إلى المقام بصيرا
- واشتقّ من معنى الحياة نسميه
- فيكادُ يُحْدِثُ للعظام نُشورا
- نُسيَ الصبيحُ مع المليح بذكره
- وسما ففاقَ خورنقاً وسديرا
- ولو أنَّ بالألوان قوبلَ حسنُهُ
- ما كان شيءٌ عنده مذكورا
- أعيت مصانعه على الفُرْسِ الألى
- رفعوا البناء وأحكموا التدبيرا
- ومضَتْ على الرّوم الدهورُ وما بنوْا
- لملوكهم شَبَهاً له ونظيرا
- أذكرتنا الفردوس حينَ أريتنا
- غُرَفاً رفعتَ بناءَها وقصورا
- فالمحسنون تزيّدوا أعمالهم
- وَرَجَوْا بذلك جَنَّة ً وحريرا
- والمذنبون هُدوا الصراطَ وكفّرتْ
- حسناتهمْ لذنوبهم تكفيرا
- فلكٌ من الأفلاكِ إلاّ أنّه
- حَقَرَ البدورَ فأطلع المنصورا
- أبصرتُهُ فرأيتُ أبدعَ منظرٍ
- ثم انثنيتُ بناظري محسورا
- وظننتُ أني حالمٌ في جنّة ٍ
- لمّا رأيتُ الملكَ فيه كبيرا
- وإذا الولائد فتّحتْ أبوابه
- جَعَلَتْ تَرَحّبُ بالعُفاة ِ صريرا
- عَضّتْ على حلقاتهنّ ضراغمٌ
- فغرَتْ بها أفواهها تكسيرا
- فكأنَّها لَبَدَتْ لتهصرَ عندها
- من لم يكنْ بدخوله مأمورا
- تجري الخواطر مطلقات أعنة ٍ
- فيه فتكبو عن مداه قصورا
- بمرخَّم الساحاتِ تحسبُ أنّهُ
- فُرِشَ المهَا وتَوَشّحَ الكافورا
- ومحصَّبٍ بالدرّ تحسبُ تربَهُ
- مسكاً تَضَوّعَ نشره وعبيرا
- يستخلفُ الإصباح منه إذا انقضى
- صبحاً على غسقِ الظلام منيرا
- وضراغمٌ سكنتْ عرينَ رئاسة ٍ
- تركتْ خريرَ الماء فيه زئيرا
- فكأنَّما غَشّى النّضارُ جُسومَهَا
- وأذابَ في أفواهِها البلّورا
- أسدٌ كأنّ سكونها متحركٌ
- في النفس لو وجدتْ هناك مثيرا
- وتذكّرتْ فتكاتها فكأنما
- أقعتْ على أدبارها لتثورا
- وتخالُها، والشمسُ تجلو لونَها
- نارا وألسُنَها اللواحسَ نورا
- فكأنما سُلّتْ سيوفُ جداولٍ
- ذابتْ بلا نارٍ فعُدنَ غديرا
- وكأنما نسجَ النسيم لمائه
- درعاً فقدّرَ سردها تقديرا
- وبديعة ِ الثمرات تعبرُ نحوها
- عيناي بحرَ عجائبٍ مسجورا
- شجرية ٍ ذهبية ٍ نزعتْ إلى
- سحر يؤثّر في النهى تأثيرا
- قد صَوْلجتْ أغصانها فكأنما
- قنصَتْ لهنّ من الفضاء طيورا
- وكأنَّما تأبى لواقع طيرها
- أن تستقلّ بنهضها وتطيرا
- من كلّ واقعة ٍ تَرَ منقارها
- ماءً كسلسال اللجين نميرا
- خُرسٌ تُعدّ من الفصاح فإن شدّتْ
- جعلتْ تغرّدُ بالمياه صفيرا
- وكأنَّما في كلّ غصنٍ فضة ٌ
- لانتْ فأرسلَ خيطها مجرورا
- وتريكَ في الصهريج موقعَ قطرها
- فوقَ الزبرجدِ لؤلؤاً منثورا
- ضحكتْ محاسنهُ إليك كأنما
- جُعلتْ لها زهرُ النجوم ثغورا
- ومَصفَّحِ الأبوابِ تبرا نَظّروا
- بالنقش بين شكوله تنظيرا
- تبدو مساميرُ النضارِ كما عَلَت
- فلك النهود من الحسان صدورا
- خلعتْ عليه غلائلاً ورسيَّة ً
- شمسٌ تردّ الطرفَ عنه حسيرا
- وإذا نظرتَ إلى غرائب سقفه
- أبصرت روضا في السماء نضيرا
- وعجبتَ من خُطّافِ عسجده التي
- حامت لتبني في ذراه وكورا
- وضعتْ به صناعُهُ أقلامَها
- فأرتكَ كلّ طريدة ٍ تصويرا
- وكأنَّما للشمس فيه ليقة ٌ
- مشقوا بها التزْويقَ والتشجيرا
- وكَأنَّما للازَوَرْد مُخَرَّمٌ
- بالخطّ في ورقِ السماءِ سطورا
- وكأنما وَشّوا عليه ملاءة ً
- تركوا وشاحِها مقصورا
- يا مالكَ الأرضِ الذي أضحى له
- مَلِكُ السماءِ على العداة نصيرا
- كم من قصورٍ للملوك تقدّمتْ
- واستوجَبَتْ لقصورك التأخيرا
- فعمرتها ومَلَكتَ كلّ رئاسة ٍ
- منها ودمّرْتَ العدا تدميرا
المزيد...
العصور الأدبيه