الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> هنيتُ بالشهرِ بلْ هني بيَ الشهرُ >>
قصائدمحيي الدين بن عربي
- هنيتُ بالشهرِ بلْ هني بيَ الشهرُ
- وما له بالذي يجري به أمرُ
- له التصرف في الأركان أجمعها
- والحكم في يده والنفعُ والضرُّ
- وما له خبر بما يكوّنه
- عنه الإله العليمِ الواحد البرُّ
- لو أنَّ يونس والحيتان تطلبه
- يكونُ من مكة لم يدر ما البحر
- لعلمنا بالذي أعطتْ معالمُها
- منَ الذي أخبرتُ بكونِهِ الزهرُ
- فإنَّ ربَّكَ أوحى أمرها بكذا
- فيها وما عندها ذوق ولا خبر
- مسخراتٌ بأمرِ اللهِ ليسَ لها
- إلا الشهادة ُ والتسبيحُ والذكرُ
- بألسنٍ ما لنا فقهٌ بما نطقتْ
- لأنَّ حاجبها ألحكمُ والفقرُ
- تثني عليه بطبعٍ فيه قد جُبلت
- وما لها في الذي تثني به فكر
- بالله عالمة ٌ لله قائمة ٌ
- في الله جاهدة ٌ في أمرهِ الأمرُ
- قالَ الخليلُ بها ستراً لحكمتهْ
- وحجة ً للذي أودى بهِ الفكرُ
- وقد أتاها رسولُ اللهِ وهوَ بها
- أدرى وأعلم فهو العالم البحر
- وما له في الذي يدريه من حكم
- مثلٌ يعادلهُ عبدٌ ولا حرُّ
- القِل دان له والكثر دان له
- فليسَ يعجزه قلٌّ ولا كثرُ
- اللهُ أعظمُ أنْ يحظى بهِ أحدٌ
- وكيفَ يحظى بمن رداوهُ الكبرُ
- الكبرياءُ وما تحصى عوارفهُ
- وليسَ يدري لها بجهلهمْ قدرُ
- إنَّ العوارفَ أستارُ المعارفِ لا
- يدخلك في ذاك إشكال ولا نكر
- فعندها العجزُ عنْ إحصائها عدداً
- وعندها أنها النائل النَّزرُ
- خزائنُ الجودِ ما انسدَّت مغالقُها
- لو انتهت لانتهى في العالم الفقر
- وفقرهُ دائمٌ لا ينتهي أبداً
- كذاكَ نائلهُ لا ينقضي عمرُ
- الفقرُ بالذاتِ ذاتيٌّ لصاحبهِ
- ولوْ يدومُ لهُ منْ ربهِ اليسرُ
- ما قلتُ إلا الذي قالَ الإلهُ لنا
- فينا ففي كلِّ يسرٍ مدرجٍ عسرُ
- إنَّ الإلهَ بلا حدٍّ يحددنا
- معَ الزمانِ لذا كانَ اسمهُ الدهرُ
- لله قومٌ ذوو أعلم مقامهمُ
- الشمسُ والتينُ والأحقافُ والفجرُ
- همُ النجوم التي الأفلاكُ مركبها
- لا بل أقول هم الأحجارُ والتِّبر
- حازوا الكمالَ فلم يظفر بهم أحد
- غيري لأنهم الأشفاعُ والوتر
- سكرى حيارى تراهم في محاربهم
- وما لهمْ في سوى مطلوبهم فكرُ
- قد استوى عندهم من ليس يعرفهم
- مع العليم بهم والسرُّ والجهر
- همُ الوجودُ ولكن لا وجودَ لهمْ
- فليسَ يحجبهمْ نفعٌ ولا ضرُّ
- لهمْ منَ الفلكِ العلوي صورتهُ
- ومنْ ثرى الأرضِ ما يأتي به الزهرُ
- منَ المطاعمِ والأنهارِ شربهمُ
- الماءُ والعسلُ النحليُّ والخمرُ
- وشربهم لبنٌ يأتي بهِ بقرٌ
- هذا شرابهمُ مما لهُ درُّ
- ويأكلونَ طعاماً ما لهُ صفة ٌ
- منزَّهُ الطعمِ لا حُلْوٌ ولا مُرُّ
- مقامهمْ ما همْ فيهِ وحالهمُ
- ما يشتهون فهم بهالِلُ غرّ
- لا يجهلونَ ولا تدري مقاصدهمُ
- سكناهمُ المجلسُ المعمورُ والقبرُ
- خرسٌ إذا نطقوا عميٌ إذا نظروا
- صمٌ إذا سمعوا إيمانُهم كفرُ
- لا يهتدونَ ولا يهدونَ صاحبهم
- عمارُ أندية ٍ كثبانها حمرُ
المزيد...
العصور الأدبيه