الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> الحمدُ للهِ الذي صيرا >>
قصائدمحيي الدين بن عربي
- الحمدُ للهِ الذي صيرا
- وجودَنا لفعله مظهرا
- لوْ أننا نعلمُ أرواحنا
- بالوجهِ في الصبحِ إذا أسفرا
- كما علمنا بالجسومِ التي
- عينها الليلُ إذا أدبرا
- كنَّا بهِ نعلم أعياننا
- لكنْ جهلناها لأمرٍ طرا
- من ظلمة ِ الطبع وأخلاطِه
- فاعتمَ الليلُ وما أقمرا
- حينَ رَمَتْ بالرجمِ أرواحَ مَنْ
- يسترقِ السمعَ كما أخبرا
- انظر إلى الأرضِ وخيراتها
- وما بها الرحمن قد أظهرا
- لا بدَّ أنْ يصبح عمرانُها
- كمثلِ ما أصبحَ وادي القرى
- عروشُها خاوية ٌ حينَ لمْ
- يغيرِ الناسُ بها المنكرا
- عمَّ بلاءُ الله سكَّانَها
- فأهلكَ المقبلَ والمُدبرا
- بذا أتانا النصُّ من عنده
- في محكم الذكر كذا سطرا
- فقال فيه واتّقوا فتنة
- وتممَ القولَ بهِ منظرا
- سبحان مَنْ أخبرنا أنه
- كان على الأخذ بنا أقدرا
- هذا الذي جئتَ بهِ واضحٌ
- في سورة ِ الأنفالِ قدْ حررا
- وبعد ذا ترجع أفكارها
- إلى أمامٍ ما لهُ منْ ورا
- لا فعلَ في العالمِ إلا لهُ
- فإنَّ ما سميتَه مُنكرا
- فحكمُه ذلكَ لا عينهُ
- فلتعتبرْ قولي حتى ترى
- به وإن شئت بأعياننا
- لتشهدَ الأسماءَ والمحضرا
- يبدو إليكَ الأمرُ من فصهِ
- كما بدا لمنْ به أخبرا
- مثلَ رسولِ اللهِ في وقتهِ
- والوارثِ المختار بين الورى
- فالحمد لله الذي قد وقى
- من شرِّ ما يمكن أن يُحذرا
- لولا كتابٌ سابقٌ فيكمُ
- نتبذتمُ لفعلكمْ بالعرا
- لما رأى عسكرها شمّرا
- إلا لكي تعصمَكم كالعُرى
- لأنها أعصم ما يُتقى
- لمَّا بدا الرحمنُ قدْ قدرا
- تعوذوا منهُ بهِ أسوة ً
- بسيدٍ يعلمُ ما قررا
- من يعرفِ الحقَّ وأسرارَه
- يكن لما أذكره منكِرا
- العمى لا تدركُ أبصارنا
- إلا ظلاماً وهي شيءٌ يرى
- وليسَ يدري بالذي قلتهُ
- إلا الذي في غيبه أحضرا
- فالغيبُ لا يدركهُ غائبٌ
- أوضحتُ أمراً ليس يدري بهِ
- إلا الذي في شأنه قد جرى
- أو سيِّد خص بأسراره
- مثل إمام نفسُه قد درى
- يسري بهِ قدماً إلى ذاتهِ
- لا يعرف الخلفَ ولا القَهقَرى
- ما هو كالخنس في سيرها
- بل هو كالبدرِ الذي أزهرا
- أظهرَ عينَ الشمسِ في ذاتِهِ
- وهوَ على ما هو لمن أبصرَا
المزيد...
العصور الأدبيه