الأدب العربى >> الشعر >> العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَطِيّتيَ الوَقتُ، الذي ما امتَطَيتُهُ >>
قصائدأبوالعلاء المعري
مَطِيّتيَ الوَقتُ، الذي ما امتَطَيتُهُ
أبوالعلاء المعري
- مَطِيّتيَ الوَقتُ، الذي ما امتَطَيتُهُ
- بوِدّي، ولكنّ المُهَيمِنَ أمطاني
- وما أحَدٌ مُعطِيَّ، واللَّهُ حارِمي،
- ولا حارِمي شَيئاً، إذا هوَ أعطاني
- هما الفَتيانِ استَوْلَيا بتَعاقبٍ،
- وما لهما لُبٌّ، فكيفَ يَشطّانِ؟
- إذا مَضَيا لم يَرجِعا، وتَلاهما
- نَظيرانِ، بالمُستَودِعاتِ، يُلِطّان
- وكلَّ غنيٍّ يسلبانِ من الغِنى،
- وكلَّ كميٍّ، عن جَوادٍ، يحطّان
- وكم نَزَلا في مَهمَه، وتحَمّلا،
- بغيرِ حَسيسٍ، عن جِبالٍ وغِيطان
- وما حَمَلا رَحلَينِ، طوراً، فيؤنِسا،
- إذا حفزَ الوَشكُ الرّحالَ يَئِطّان
- ويَبترِيانِ العَظمَ والنَّحضَ، ذائباً
- ليَنتَقياهُ، والأديمَ يَعِطّان
- وقد خطرا فحلينِ، لو زالَ عنهما
- غِطاءٌ، لكانا بالوَعيدِ يَغِطّان
- وما برِحا، والصّمتُ من شيمَتَيهِما،
- يقُصّانِ فينا عِبرَةً، أو يَخُطّان
- وقد شهَرا سَيفَينِ في كلّ مَعشرٍ،
- يُقدّانِ ما همّا به، أو يقُطّان
- لَغيرُكَ بالقُرطانِ أوْلى منَ ان يَرى،
- وشنفانِ في الأُذنينِ منه، وقُرطان
- تريدُ مَقاماً دائماً، ومَسرّةً
- بدارِ همومٍ، لم تكن دارَ قُطّان
- وما زالَ شَرْطٌ، يُفسِدُ البيعَ، واحدٌ،
- فَما بالُهُ لمّا تَظاهَرَ شَرطانِ؟
- لقد خدَعَتني أُمُّ دَفْرٍ، وأصبَحَتْ
- مؤيَّدَةً، من أُمّ ليلى، بسُلطان
- إذا أخذَتْ قِسطاً من العَقلِ هذهِ،
- فتلكَ لها في ضِلّةِ المرءِ قِسطان
- دعاوى أُناسٍ توجِبُ الشكَّ فيهِمُ،
- وأخطأني غَيثُ الحِجى، وتخَطّاني
- ألمْ تَرَ أعشَى هُوذَةَ اهتاجَ، يدّعي
- معونتَهُ، عندَ المَقالِ، بشَيْطان؟
- يُرادُ بنا المَجدُ الرّفيعُ بزَعمِنا،
- ونَختارُ لَبثاً في وبيلةِ أوطان
- كأنّا غروبٌ مكْرَهاتٌ على العُلى،
- تُمَدّ إلى أعلى الرّكيّ بأشْطان
- وما العَيشُ إلاّ لُجّةٌ ذاتُ غمرَةٍ،
- لها مَولِدُ الإنسانِ والموتُ شطّان
- فأحسِنْ بدنياكَ المسيئةِ، إذْ بدَتْ،
- عليها وِشاحٌ من نجومٍ وسِمطان
- وكم واسعِ الأعطانِ تجزَعُ نفسُه،
- ورحبِ فؤادٍ آلفٍ ضِيقَ أعطان
- ومَن لي بجُونٍ عندَ كُدْرٍ بقَفرَةٍ،
- كأنّهما من آلِ يَعقُوبَ سِبطان
- يُجَرُّ بها المِرْطانِ من يمنيّةٍ،
- على كلّ غبراءِ الأفاحيصِ مِرطان
- تخالُ بها مَسعًى من الصِّلّ مُسقَطاً
- من السوط، والعينان في الجنح سِقطان
- إذا ما انجَلى خَيطُ الصّباحِ تَبيّنَتْ
- حبالُ رمالٍ، ذاتُ عُفْرٍ وخِيطان
المزيد...
العصور الأدبيه