الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> معروف الرصافي >> ذهبتُ لحى في فروق تزاحمتْ >>
قصائدمعروف الرصافي
- ذهبتُ لحى في فروق تزاحمتْ
- به الخلق حتى قلتُ ما أكثرَ الخلقا
- ترى الناس افواجاً اليه وانما
- الى التلعات الزهر في درج ترقى
- يضئ به ثغر الحضارة باسماً
- بلامع نور علم السحبَ البرقا
- رأيت مبانيه وجلت بطرفه
- فما أحسن المبنى وما أوسع الطرْقا!
- فكم فيه من صرح ترى الدهر متلِعا
- يمد الى ادراك شرفته العنقا
- قصور علت في الجو لم تلق بينها
- وبين النجوم الزهر في حسنها فرقا
- هنالك للأرضين أفق بروُجه
- تُضاحك أبراج السموات والأفقا
- بروج ولكن شارقاتُ شموسها
- تدور بافق يجمع الغرب والشلارقا
- بحيث ترى حُمر الطرابيش خالطت
- برانيط سوداً كالسلاحف أو ورقا
- وتلقى الوجوه البيضُ حُمراً خدودها
- وتلقى العيون السودَ والأعينَ الزرقا
- خدود جرى ماء الشبيبة فوقها
- ففيه عقولُ الناظرين من الغرْقى
- محاسن كالأزهار قد طلها الهوى
- وان كان فيها الشعر ممتلئاً عشقاً
- ومن ذي دلال رنح الحسنُ عِطفه
- وكم مسرح فيه الحسان تلاعبت
- تمثل كيف الناس تسعد أو تشفى
- حِسان علت في الحسن خُلقا وخلقة
- وهل خِلقة تعلو إذا سفلت خُلقا
- تمثل ما قد مرَّ منا وما حلا
- وما جل من امر الحياة وما دقا
- فتلقى دروساً لو وعتها حياتنا
- لبدل كذبٌ في سعادتها صدقا
- إذ مثلت شكوى الحزين بكت لها
- عيون البلايا والزمان لها رقا
- وإن صورَت حقا هوَى كل باطل
- على رأسه حتى تجدل مندقا
- وما ذا ترى فيه اذا زرت حانة ً
- ترى الانس يشدو في فم يجهل النطقا
- سَكوتٌ على قرع الكؤوس مُغرّد
- بلحن سرور يترك الهم منشقا
- عليهم سحاب الاحتشام يظلهم
- متى هم ارادواسح من قبل ودقا
- اوانس قد نادمن كل غرانقٍ
- فمنهن من تَسقى ومنهن من تُسقى
- فمن ذا يراهم ثم لم يك واغلا
- عيهم وان امسى يعد الفتى الاتقى
- الست بمعذور اذا انا زرتهم
- وساجلتهم شوقا فقل ويحك الحقا
- فقد لامني لما رآني بحبهم
- فتى ً منه قحف الرأس ممتلئ حمقا
- فقال أفي الحي الذي شاع فسقه
- تجول ألم تمنع عمامتك الفسقا
- فقلت اجل ان العمائم عندنا
- لتمنع في لوثاتها الفسق والزرقا
- ولكنني ما جئت الا توصيلا
- لذكرى شقاء في العراق به نشقي
- شقاء تمطى في العراق تمطيا
- وألقي جِرانا لا يزحزحُ واستلقي
- فان العراق اليوم قد نشبت به
- نيوب الدواهي فهي تعرقه عرقا
- تمشت به حتى اعادت سواده
- بياضاً ومدت للبَوار به رِبقا
- فلهفي على بغداد اذ قد اضاعها
- بنوها فسحقاً للبنين بها سحقا
- جَزوها عقوقاً وهي أم كريمة
- والأم أبناء الكريمة من عَقا
- أدامت لها الأحداث مخضا كأنها
- قد اتخذتها الحادثات لها زقا
- سأبكي عليها كلما جلت سائحاً
- وشاهدت في العمران مملكة ترقى
- واندبها عند الاغاريد شارباً
- من الدمع كأساً لا اريد لها مذقا
المزيد...
العصور الأدبيه