الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمود سامي البارودي >> طَرِبتُ ، وعَادَتنى المَخيلة ُ والسُّكرُ >>
قصائدمحمود سامي البارودي
طَرِبتُ ، وعَادَتنى المَخيلة ُ والسُّكرُ
محمود سامي البارودي
- طَرِبتُ ، وعَادَتنى المَخيلة ُ والسُّكرُ
- وَأَصْبَحْتُ لاَ يُلْوِي بِشِيمَتِي الزَّجْرُ
- كَأَنِّيَ مَخْمُورٌ سَرَتْ بِلِسَانِهِ
- مُعتَّقة ٌ مِمَّا يَضنُّ بِها التجرُ
- صَرِيعُ هَوى ً، يُلْوي بِيَ الشَّوْقُ كُلَّمَا
- تَلأْلأَ بَرْقٌ، أَوْ سَرَتْ دِيَمٌ غُزْرُ
- إِذَا مَال ميزَانُ النَّهارِ رَأَيْتُنِي
- على حَسراتٍ لا يُقاومها صَبرُ
- يَقولُ أناسٌ إنَّهُ السِحرُ ضلَّة ً
- وَمَا هِيَ إلاَّ نَظْرَة ٌ دُونَهَا السِّحْرُ
- فَكَيْفَ يَعِيبُ النَّاسُ أَمْرِي، وَلَيْسَ لِي
- وَلاَ لاِمْرِىء ٍ في الحُبِّ نَهْيٌ وَلاَ أَمْرُ؟
- ولَو كانَ ممَّا يُستطاعُ دِفاعهُ
- لألوَت بهِ البيضُ المباتير والسُّمرُ
- وَلَكِنَّهُ الْحُبُّ الَّذِي لَوْ تَعَلَّقَتْ
- شرارتهُ بِالجمرِ لاحتَرقَ الجمرُ
- عَلَى أَنَّنِي كَاتَمْتُ صَدْرِيَ حُرْقَة ً
- مِنَ الْوجْدِ لاَ يَقْوَى عَلَى حَمْلِها صَدْرُ
- وَكَفْكَفْتُ دَمْعاً، لَوْ أَسَلْتُ شُئُونَهُ
- عَلَى الأَرْضِ مَا شَكَّ امْرُؤٌ أَنَّهُ الْبَحْرُ
- حياءً وكِبراً أن يقالَ ترجَّحت
- بهِ صَبوة ٌ ، أو فلَّ من غَربهِ الهَجرُ
- وإنِّى امرؤٌ لولا العوائقُ أذعَنت
- لِسلطانهِ البدو المُغيرَة ُ والحَضرُ
- مِنَ النَّفَرِ الْغُرِّ الَّذِين سُيُوفُهُمْ
- لَهَا في حَوَاشِي كُلِّ دَاجِيَة ٍ فَجْرُ
- إِذَا اسْتَلَّ مِنْهُمْ سَيِّدٌ غَرْبَ سَيْفِهِ
- تفزَّعتِ الأفلاكُ ، والتفَتَ الدَهرُ
- لَهُمْ عُمُدٌ مَرْفُوعة ٌ، وَمَعاقِلٌ
- وألوِية ٌ حُمرٌ ، وأفنيَة ٌ خُضرُ
- وَنَارٌ لَهَا فِي كُلِّ شَرْقٍ ومَغْرِبٍ
- لِمُدَّرِعِ الظَّلْمَاءِ أَلْسِنَة ٌ حُمْرُ
- تَمُدُّ يَداً نَحْوَ السَّمَاءِ خَضِيبَة ً
- تصافحها الشِعرَى ، ويلثِمُها الغَفرُ
- وَخَيْلٌ يَعُمُّ الْخَافِقَيْنِ صَهِيلُهَا
- نزائعُ معقودٌ بِأعرافِها النَّصرُ
- مُعَوَّدة ٌ قَطعَ الفيافى ، كأنَّها
- خُداريَّة ٌ فتخاءُ ، ليسَ لَها وكرُ
- أقاموا زماناً ، ثمَّ بدَّدَ شملهُم
- ملولٌ منَ الأيَّامِ ، شيمتُهُ الغدرُ
- فلم يبقَ منهُم غيرُ آثارِ نِعمَة ٍ
- تضوعُ بِريَّاها الأحاديثُ والذكرُ
- وَقَدْ تَنْطِقُ الآثَارُ وَهْيَ صَوَامِتٌ
- ويُثنى بريَّاهُ على الوابلِ الزَّهرُ
- لَعَمْرُكَ مَا حَيٌّ وَإِنْ طَالَ سَيْرُهُ
- يُعدُّ طليقاً والمنونُ لهُ أسرُ
- وما هذهِ الأيامُ إلاَّ منازلٌ
- يَحُلُّ بِها سَفْرٌ، وَيَتْرُكُهَا سَفْرُ
- فلا تَحسبنَّ المرءَ فيها بِخالدٍ
- وَلَكِنَّهُ يَسْعَى ، وَغَايَتُهُ الْعُمْرُ
المزيد...
العصور الأدبيه