الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمود درويش >> النهر غريب و أنت حبيبي >>
قصائدمحمود درويش
النهر غريب و أنت حبيبي
محمود درويش
- الغريب النهر_ قالت
- و استعدّت للغناء
- لم نحاول لغة الحبّ ،و لم نذهب إلى النهر سدى
- و أتاني الليل من مناديلها
- لم يأت ليل مثل هذا الليل من قبل فقدمت دمي للأنبياء
- ليموتوا بدلا منا..
- و نبقى ساعة فوق رصيف الغرباء
- و استعدت للغناء .
- وحدنا في لحظة العشّاق أزهار على الماء
- و أقدام على الماء
- إلى أين سنذهب
- للغزال الريح و الرمح. أنا السكّين و الجرح.
- إلى أين سنذهب ؟
- ها هي الحريّة الحسناء في شرياني المقطوع.
- عيناك و بلدان على النافذة الصغرى
- و يا عصفورة النار ،إلى أين سنذهب؟
- للغزال الريح و الرمح ،
- و للشاعر يأتي زمن أعلى من الماء، و أدنى من حبال
- الشّنق.
- يا عصفورة المنفى !إلى أين سنذهب؟
- لم أودعك، فقد ودعت سطح الكرة الأرضيّة الآن..
- معي أنت لقاء دائم بين وداع ووداع .
- ها أنا أشهد أن الحب مثل الموت
- يأتي حين لا ننتظر الحبّ، ،
- فلا تنتظريني ..
- الغريب النهر_ قالت
- و استعدت للسفر،
- الجهات الست لا تعرف عن" جانا"
- سوى أن المطر
- لم يبللها.
- و لا تعرف عنها
- غير أني قد تغيّرت تغيرّت
- تصببت بروقا و شجر
- و أسرت السندباد
- و الغريب النهر_ قالت
- ها هو الشيء الذي نسكت
- قد صار بلاد
- هل هي الأرض التي نسكن
- قد صارت سفر
- و الغريب النهر_ قالت
- و استعدّت للسفر
- وحدنا لا ندخل الليل
- لماذا يتمنّى جسمك الشّعر
- وزهر اللوتس الأبعد من قبري
- لماذا تحملين
- بمزيد من عيون الشهداء؟
- اقتربي مني يزيدوا واحدا
- "خبزي كفاف البرهة الأولى "..
- و أمضي نحو وقتي و صليب الآخرين.
- وحدنا لا ندخل الليل سدى،
- يا أيّها الجسم الذي يختصر الأرض،
- و يا أيتها الأرض التي تأخذ شكل الجسد الروحي
- كوني لأكون .
- حاولي أن ترسميني قمرا
- ينحدر الليل إلى الغابات خيلا
- حاولي أن ترسميني حجرا
- تمضي المسافات إلى بيتي خيلا
- فلماذا تحملين
- بمزيد من وجوه الشهداء،
- ابتعدي عني يصيروا أمّة في واحد ..
- هل تحرقين الريح في خاصرتي
- أم تمتشقين الشمس؟
- أم تنتحرين؟
- علّمتني هذه الدنيا لغات و بلادا غير ما ترسمه عيناك .
- لا أفهم شيئا منك ."لا أفهمني جانا"
- فلا تنتظريني!..
- الغريب النهر_ قالت
- و استعدّت للبكاء.
- لم تكن أجمل من خادمة المقهى
- و لا أقرب من أمّي
- و لكنّ المساء
- كان قطا بين كفّيها
- و كان الأفق الواسع يأتي من زجاج النافذة
- لاجئا في ظلّ عينيها
- و كان الغرباء
- يملأون الظلّ
- لن أمضي إلى النهر سدى.
- إذهبي في الحلم يا جانا!
- بكت جانا!
- و كان الوقت يرميني على ساعة ماء
- إذهبي في الوقت يا جانا !
- بكت جانا
- و كان الحلم ذرات هواء
- إذهبي في الفرح الأول يا جانا
- بكت جانا
- و كان الجرح ورد الشهداء ..؟
- آه، جانا
- لم تكوني مدني
- أو وطني
- أو زمني
- كي أوقف النهر الذي يجرفني
- فلماذا تدخلين الآن جسمي
- لتصيري النهر أو سيّدة النهر
- لماذا تخرجين الآن من جسمي
- و من أجلك جدّدت الإقامة
- فوق هذي الأرض.. جدّدت الإقامة
- إذهبي في الحلم يا جانا!
- بكت جانا
- و صار النهر زنّارا على خاصرتي
- و اختفى شكل السماء..
المزيد...
العصور الأدبيه