الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> محمود درويش >> الأغنية و السلطان >>
قصائدمحمود درويش
- لم تكن أكثر من وصف.. لميلاد المطر
- و مناديل من البزق الذي يشعل أسرار الشجر
- فلماذا قاموها؟
- حين قالت إن شيئا غير هذا الماء
- يجري في النّهر؟
- و حصى الوادي تماثيل، و أشياء أخر
- و لماذا عذبوها
- حين قالت إن في الغابة أسرارا.
- و سكينا على صدر القمر
- ودم البلبل مهدور على ذاك الحجر؟
- و لماذا حبسوها
- حين قالت: و طني حبل عرق
- و على قنطرة الميدان إنسان يموت
- و ظلام يحترق ؟
- غضب السلطان
- و السلطان مخلوق خيالي
- قال: إن العيب في المرآة ،
- فليخلد إلى الصمت مغنيكم، و عرشي
- سوف يمتد
- من النيل إلى نهر الفرات !
- أسجنوا هذي القصيدة
- غرفة التوقيف
- خير من نشيد.. و جريدة
- أخبروا السلطان،
- أن الريح لا تجرحها ضربة سيف
- و غيوم الصيف لا تسقي
- على جدرانه أعشاب صيف
- و ملايين من الأشجار
- تخضر على راحة حرف !
- غضب السلطان، و السلطان في كل الصور
- و على ظهر بطاقات البريد
- كالمزامير نقيّ و على جبهته وشم العبيد ،
- ثم نادى.. و أمر :
- أقتلوا هذي القصيدة
- ساحة الإعدام ديوان الأناشيد العنيده!
- أخبروا السلطان،
- أن البرق لا يحبس في عود ذره
- للأغاني منطق الشمس ،و تاريخ الجداول
- و لها طبع الزلازل
- و الأغاني كجذور الشجرة
- فإذا ماتت بأرض،
- أزهرت في كل أرض
- كانت الأغنية الزرقاء فكره
- حاول السلطان أن يطمسها
- فغدت ميلاد جمره!
- كانت الأغنية الحمراء جمره
- حاول السلطان أن يحبسها
- فإذا بالنار ثوره!
- كان صوت الدم مغموسا بلون العاصفة
- و حصى الميدان أفواه جروح راعفه
- و أنا أضحك مفتونا بميلاد الرياح
- عندما قاومني السلطان
- أمسكت بمفتاح الصباح
- و تلمست طريقي بقناديل الجراح
- آه كم كنت مصيبا
- عندما كرست قلبي
- لنداء العاصفة
- فلتهبّ العاصفة!
- و لتهبّ العاصفة!
المزيد...
العصور الأدبيه