الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> قاسم حداد >> قالت الشمس لي >>
قصائدقاسم حداد
- -1
- المحكوم بالإعدام، يعدل ياقة قميصه الأزرق، في طريقه إلى الموت. و يفتر ثغره عن ابتسامة وهو يجسّ الزرقة الكثيفة تنعش جسد يرتعش. ثم يتمتم : هذا لون لا يصلح لمناسبة كهذه، فهو يشي بتفائل عاقر.
- -2
- للمدينة نحيب ينفجر في منتصف كل ليل.
- فتفزع الأرواح شاردة من البشر و الحجر باحثة عن مكان آمن.
- ليست المدينة مكان آمن للموت.
- في المدينة مكان ضارب في الحمرة
- حمرة تزعم أنها زرقة تشيّع الذاهبين إلى الموت.
- ثمة علاقة فاتنة بين حمرة الخجل التي لا يعرفها طغاة المدينة
- وزرقة القلب مصقولة بنحيب ليلي يؤنس وحشة ذاهب إلى الموت.
- -3
- يتدرب المذعورون على الخوف
- فتطمئن قلوبهم لحفيف خفيف يشبه الحبل وهو يحز الأعضاء.
- اعتبر المذعورون أن في ذلك من الحكمة ما يجعل المدينة
- أكثر رأفة من قبر فاغر أشداقه مستقبلاً كتيبة القمصان الزرق.
- -4
- ثمة شخص يصقل بزته العسكرية ببواقي المعارك التي خسرها.
- ثمة نفس الشخص يعد بمزيد من المعارك المخسورة،
- لئلا تبهت بزته وتفقد مجد القتل.
- -5
- جنون يسوّر المدينة لكونها تدرك موتها الوشيك.
- المدينة التي أمضت عمرها الطويل تعلن على الملأ أنها المدينة العاقلة.
- كيف تنقذ مدينة مصدومة بالحقيقة الوحيدة
- أنها مجبولة من الجنون، وأنها على شفير هلاك بفضل الحكماء من أهلها، أولئك الذين سهروا يطحنون عقل الحكم حتى فرط.
- -6
- سوف يتذكر المستقبل أن بشراً بالغوا في الحلم لكي يطلع عليهم نهار واحد صريح وحر وكريم وغير مذعور.
- وسوف يتذكر المستقبل أيضاً أن من بين هؤلاء رهط بذلوا العمر لئلا ينال العطب الروح من داخلها، وقد فعلوا ذلك بلا شمس ومن غير أمل.
- وسوف يتذكر المستقبل خصوصاً أن النوم الكثيف الذي كان ملجأ الجائع والجاهل، كان ليلاً رؤفاً زاخراً بالأحلام التي تستعصي على الحصر والحصار.
- -7
- قالت الشمسُ لي ضمّني
- واسقني ماء زنديك
- وأعبر بيَ المستحيل الأخير الذي صاغني.
- قالت الشمس ،
- و ارتجّ بي أنني
- لم أكن قبل يومين إلا سديم الأغاني
- ولم أفتح الباب كي ترتمي في فراشي شموس
- ولا ينتهي في كتابي سوى النوم
- قالت الشمس لي
- و انتمتْ للهزيع الأخير من الأرض
- حيث المدائن مذعورة سوف تركض
- نحو النهار الوحيد الذي جاءني.
- قالت الشمسُ لي
- فانتهيتُ إلى ترجمان المعاجم
- وهو الذي راقني أول النص
- وهو الذي ترجم الليل لي
- بالقليل من الماء
- وهو الذي خانني.
- قالت الشمسُ لي
- ضمّني عند زندين كانا يهزّان لي هودجاً
- كلما ضاقت الأرض بي. @@@
المزيد...
العصور الأدبيه