الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> قاسم حداد >> خندق قبل القبر >>
قصائدقاسم حداد
- 1
- ..آه
- !!هذه هي الكتابة إذن
- !!الخندق الأخير قبل القبر
- ما إن يفرغ الجميع من أشغالهم حتى يلتفت الكاتب إلى الشيء المنسي, الم- غفل المسكوت عليه, المسكوت عنه
- الشيء الأخير
- بعد أن يفرغ الجميع من أشغالهم
- القتيل من موته
- القاتل من ضميره
- الحرب من طهاتها
- الجندي من عبئه
- الصديق من غدره
- العدو من صداقته
- الشعب من ضحاياه
- الوطن من منفاه
- يلتفت الكاتب إلى الكتابة ليراها تقترح عليه لا جدواها الفاتن ومجانيتها القصوى يلبث برهة يحم لق في البياض المرتعش تحت شهوة موج مكبوت من سواد القلب حيث زيت الجسد يتفص د مثل شمعة الناسك, مستغرقا في وهم المعبد بوصفه لانهائية
- الكون
- ماذا يمكن أن يقول شخص خارج توا من موت ناجز
- !!هذه هي الكتابة إذن
- يذهب إليها الكاتب لئلا يمنح الموت فرصة الذهب
- الكتابة وهي تعبث بنا, هي البديل المتاح, كي لا يحدث الموت على مضض
- وكي لا يخالج الآخرون اليقين بأن كل شيء قد تحقق, مثلما هند سه مبعوثوا الكارثة
- 2
- أجلس ملطخا بالأنقاض, تسندني النصال في الخاصرة, والمعول يقترحني قبرا على هيئة الذكرى
- هذه هي الكتابة إذن
- ولا مفر
- لم يحدث ما حدث إلا لأننا جديرون به ومؤهلون
- أرى إلى البياض تاريخا متصلا بالقماط من هنا, وممتدا إلى الكفن من هناك
- وعلى الكتابة أن تشفق به وتشهق له
- ..آه
- ها أنا أجلس (أعني ألجأ) إلى أضعف الأسلحة على الاطلاق, وقيل أضعف الايمان
- الكتابة
- وعند العرب, الكتابة شيء من نافل القول
- يتضاعف ض عف ها عندما يكتبها العرب عنهم, ويتعاظم فعلها عندما يقرأها العرب .. عن غيرهم
- فطر العرب على عادة القراءة (بوصفها عبادة) منذ : إقرأ
- وبقي فعل الكتابة مبنيا للآخر المجهول, لكي تكون للعرب موهبة تقديس المكتوب بقراءة مسورة بالميثولوجيا
- وظل لنا, أن الكتابة هامش للقراءة. وعلينا أن نتلقى ما يكتبه الآخرون علينا, نحتفي به بقراءة مستسلمة : إن كتبوا حربا أو كتبوا
- سلما
- وعندما يقترح عربي كتابة تخرج عن الهامش وتستجوب المتن , يظل مرشحا للضغينة
- ينتظر من الكاتب العربي دوما -فيما يكتب - أن (يقرأ) كتابة غيره, لا أن يكتب قراءته هو
- لذلك فإنه يبقى منفيا , لأنه يذهب إلى فساد عادة (/ عبادة) القراءة
- هذه هي الكتابة إذن
- تخالجني إرتعاشة الفؤاد أمام النصل الضاري وهو يفتح الطريق في اعترافات الدم السجين مكتشفا هواء الله
- 3
- يا ألله.. هل هذه هي الكتابة حقا
- أية مصادفة أسطورية تجعل الكاتب ملطخا بشظاياه وأنقاضه في آن
- حتى لكأننا نتبادل أدوار الميثولوجيا, كما يتبادل الندماء أنخاب ضغائنهم في مأدبة
- ثمة من إقترح علينا أن تكون عشاءنا الأخير
- ترى
- هل نحن ذلك العربي القديم الذي راح يهذي حتى قال الشعر
- أم أننا في ذهاب خارج الشعر والنثر معا
- ذهاب إلى رائحة الجسد: مغدورا مهتوكا ممزقا , ولا أمل له
- في كلا الحالين هو جسد عربي, جسد تكس رت عليه أسلحة الأصدقاء والأعداء معا , بلا هوادة ولا رأفة
- رأينا كل ذلك يحدث مثل كابوس في تداع قديم, وها نحن نراه ينتقل من كارثة إلى أخرى, فيما نتمر غ في هذيان روحنا
- الآن
- أنظروا إلى الهذيان يغوينا بلاجدواه الفاتن, حيث يزين لنا الخروج من الهامش إلى النص من القراءة إلى الكتابة
- إذن, هذي هي
- لكن هل في البياض صدر يتسع
- لتفجرات القلب / ليأس حزين يجهر بالحب
- يا ألله
- كم هو مغو
- ومغر ومغامر
- هذا القلب المغدور
المزيد...
العصور الأدبيه