قصائدقاسم حداد



البحر
قاسم حداد



  • -1

  • مازال معتزلاً يموج

  • وزنبق في عينه

  • يده ملطخة بماء الوقت

  • في يده حرير الخيل

  • بعد دقيقتين عميقتين يطل في كلماتكم

  • للغصن تاريخ ومرآة وقيل نجومكم حبلت

  • فلا تتأخروا

  • ما زال مشدوهاً ومحترقاً

  • وتصحبه القواقع والمحارات التي شهقت

  • وسوف . دقيقتان غزيرتان

  • وآه آه البحر

  • لا تتناثروا

  • قد ينهض البحر المسجى في السواحل

  • راكضاً فرحاً

  • وأحياناً ترافقه .

  • ويسمع . قالت الأخبار

  • إن بيوتكم ضاقت وإن السجن أوسع ما يكون

  • مهيأ ،

  • والموج كان يكون فوج الرفقة

  • المتطاولين على النخيل

  • يطل بعد دقيقتين صغيرتين

  • الفتية المستهترون بموتهم

  • نهضوا يطالون المدى الرملي في يدهم

  • ولا يستسلمون

  • الفتية اللاهون بالصلصال يعتمرون ثلج الوقت

  • يبنون الذي هدمته عين الليل

  • لا تتأخروا

  • سيطل ، ما زال اللجام الأخضر المغزول من وبر

  • على كتف الصهيل

  • يسمعكم ،

  • تمر دقيقتان مريرتان

  • الشارع العربي يكسر قلب عبد الماء

  • والمدن الغياب وسيعة

  • ضاقت بمن فيها

  • نوافذ هذه الأرض الطرية تستوي حجراً

  • فلا تتكسروا

  • للأرض ألف طريقة كي تولدوا

  • فهنا الدقائق ليس في يدها مفاتيح القصائد

  • قلب عبد الماء مائي ورمل مولع

  • والأرض تطلع في القصائد مثل وشم

  • فاكتبوا عن عشقها السري

  • لا ماتت ولا عرف العساكر سرها

  • قتلت و ها تمشي فلا تتأخروا

  • سيطل تعرفه البحار

  • وتعشق الأرض اضطراب يديه

  • قبل دقيقتين ثقيلتين ليبدأ التكوين

  • تعرفه القواقع والسواحل

  • تهجس الأحجار ( سوف يجيء )

  • هذا الواسع المنزوع من شفق

  • (يجيء ..) وتهمس الآفاق

  • هذا النافر المجبول من قلق

  • يغيم الواضح المألوف في العينين

  • أحياناً .

  • -2

  • معتزل و مندفق العواطف مثل عاصفة

  • ولا تثق العواصف

  • كل دقيقة سفر

  • يغادر حالة البحار

  • يحشو فوهةً بالنار

  • يعجنها ويكسر كل صارية سترجع

  • يمسح الميناء يصمت ينطق الأشياء

  • هذا الموج معتزل فلا تتساءلوا

  • سيطل بعد دقيقتين صديقتين

  • يجيء

  • كل دقيقة شجر

  • سمعنا قالت الأشعار :

  • هذا الشارع العربي

  • هذي الخيمة الأوتاد

  • هذا الأسود الذهبي

  • هذا الموت ..

  • سوف يموت .

  • قالت : سوف ترتادون .

  • لا سفن ولكن موجة كالخيل

  • حمحمة صهيل زرقة الصحراء

  • جامحة خيول البحر

  • لا أحداقه ضاقت

  • ولا في الفتية المرحين من يسهو

  • عن الشجر الذي يمشي

  • وكانت قالت الأشعار :

  • هل شجر ويمشي ؟

  • لم نصدق قامت الصحراء .

  • -3

  • مازال معتزلاً

  • يداعب خرقة في كتفه اهترأت

  • طواها مرةً صارت رسائل للمغنين

  • استحالت بلبلاً نضراً

  • وأحياناً ينشرها مناخاً كالوشيعة

  • فتية كالملح فوق الجرح والأرض الوسيعة

  • فارس ومغامرون .

  • خرقة في كتفه

  • خيط من الرايات

  • داعبها دنت رسل القبائل

  • فاحتذى في عزلة

  • صاغ الكواكب وشوش الأخبار

  • والصور القديمة والجديدة

  • فز قلب الفتية اللاهين في وله

  • دنوا فانداحت الواحات

  • داعب فتيةً قذرين من شبق الصحارى

  • عفرت أطرافهم في الرمل

  • كان الرمل يلبسهم

  • وكانوا مهرةً شقراء

  • داعبها .

  • أمعتزل؟

  • ويخرج من سرير الساحل الشرقي

  • خرقته انتظارات

  • وعزلته انتشار وامتزاج

  • يجمع الشطآن

  • داعب فتيةً ليجيء فيهم

  • آه لا تتأخروا

  • فالعمر محض دقيقتين دقيقتين

  • الغصن صارية وتاريخ له

  • ويقوم من ومض الرماد

  • الدفة المعجونة الكتفين بالنيران

  • والموج احتمال الغامض المألوف

  • في العينين زنبقتان أحياناً .

  • -4

  • بكى من لوعة في قاع حسرته

  • ولم تسمعه

  • غير الدفة المكسورة الودجين

  • لم تسمعه شقراء الجدائل وردة العينين

  • لم تسمعه غير الريح مسرعةً

  • بكى من زرقة في القلب

  • لا تعب ولا خذلان

  • لكن

  • ربما شهقت شجيرات البنفسج

  • في دم الإنسان أحياناً .

  • -5

  • أمعتذر ؟

  • يد في حمحمات الخيل

  • سوف يطل بعد دقيقتين غريبتين

  • الشعر مندفق وموج لا ينام

  • ولا نوارس في عيون الأفق

  • إلا واسمها في دفتر الصحراء

  • معتذر؟

  • بنفسجتان في خديه

  • هذا البحر هل يبكي ؟

  • سمعنا جاء في الأخبار

  • والصور القديمة والجديدة

  • موغل عار مضى

  • مازال مرتدياً رسائلكم ويسهر عند باب الماء

  • لا تتأخروا

  • فدقيقتان جريحتان ويفتح القتلى دفاترهم

  • وينتشرون

  • يهدي البحر زرقته

  • فتبدو هذه الصحراء عاشقة ونرجستين

  • لا تستوحشوا

  • ما كان مختضبا بماء كان في دمه

  • ويلبس صخب هذا الموج

  • مختلجاً

  • كأن دقيقتين دقيقتين

  • وسوف يدخل

  • فاتركوا أثراً على ماء الصحارى

  • قالت الأشعار : إن الأرض من ماء هنا

  • والموج سيدها

  • اتركوا أثراً

  • فهذا الشارع العربي سوف يعود

  • في خشب من السفن الكريهة

  • فارقبوا الميناء

  • والشجر الذي يمشي ويكمن خلف هذي الأرض

  • لا تثقوا

  • فكل مدينة بعثت رسائلها إلى الصحراء

  • لسنا وحدنا

  • ( ما ضيعونا

  • إنما ضاعوا بلا ماء على الصحراء ) .

  • -6

  • للغصن تاريخ ونافذتان

  • للمتناقضين رسائل

  • خجلٌ بنفسجتان

  • سوف يطل

  • لا متوحد في عزلة

  • هل مات ؟

  • أو كسرت قوادمه الشموس ؟

  • يداه في غبش

  • ونافذة تطل على شمال القلب

  • نافذةً فلا تتكسروا كالعطر

  • لا تتوزعوا مثل الزجاج الأزرق البحري

  • فوق الرمل

  • فالأعداء يختلسون نرجسةً

  • ويختبئون في شجر

  • وتكمن في السواحل آخر الأسماك

  • لا تتكابروا

  • للأرض ألف طريقة والبحر درب واحد

  • هل مات ؟

  • بعد دقيقتين غريقتين يطل من غسق الليالي

  • آه نافذتان نافذتان

  • أوسع ما يكون الأزرق القلبي

  • نصغي هسهسات؟

  • ربما يبكي

  • فللبحر احتمال

  • ربما يبكي

  • فموج شاهق ترك احتراف الركض

  • خلف الأفق

  • موج هاجر الأعماق والظلمات

  • موج مات

  • لو يبكي

  • لكي ينثال رمل الأرض

  • في يده شجيرات من الخجل الإلهي

  • افتحوا كفيه متعبتان

  • فيه الشهق فيه البرق

  • فيها الأزرق المقتول

  • في يده

  • دعوا يده فسوف تقول .

  • -7

  • من أي البحار أتيت يا خيلاً يموج

  • كأنه وطني ؟

  • من البحر الذي سجنوه في وهم

  • من الأسفار والسفن .

  • -8

  • بعد دقيقتين حريقتين يجيء بالنيران

  • للسفن الرماديات

  • ها موج يهاجر شرفة الميناء

  • يفتح ثغرةً في الرمل

  • ها موج إلى الصحراء

  • بعد دقيقتين بعيدتين

  • الفتية الغاوون يرتاحون في تعب

  • هناك قبيلة ضربت خيام الرجع في الإسفلت

  • فوق الشارع العربي

  • مقتول ومعتزل

  • يهيئ في يديه الأفق والجمرات

  • يمعن يحرق الميناء والسفن التي تغري

  • استديروا ها بريد البحر منطلق

  • ويمرق في عروق الفتية اللاهين

  • هذي النار توقظهم

  • أطلوا .

  • قالت الأشجار : بعد البحر تمتدون تجتاحون

  • تبنون الكواكب في جذور الرمل

  • معتزل

  • يد في فتية عشقوا

  • يد في فتية شهقوا

  • يد في حلم بحارين يعتزلون

  • قد تركوا سفين البحر

  • لا ابتلوا ولا غرقوا

  • يداعب

  • كان عبد الماء .

  • -9

  • مات أو قتلوه

  • أو ماتوا على أشلائه

  • سيطل متكئاً على أضلاعه المتآكلات

  • رموه في جب

  • مشت عنه القوافل

  • آه عبد الماء

  • قبل دقيقتين طويلتين

  • نسوك ممتزجا بأقواس البدايات

  • انتضوا وطناً وسموه

  • وأنت مغامر في الحلم

  • ممتزج يصير الحب نافذةً على الأسماء

  • هل قتلوه ؟

  • عبد الماء سوف يموت أحياناً .

  • -10

  • - أي معتزل سيفتح مغلق الصحراء ؟

  • عبد الماء

  • - وأي مقتول سيفضح لعبة الأسماء ؟

  • عبد الماء

  • عبد الماء منتشر تضيق به الفضاءات

  • وعبد الماء محتمل تناقضه القناعات

  • وعبد الماء مكسور القوادم

  • يصبغ الطرقات من دمه

  • وعبد الماء يجري الماء في دمه

  • فلا تتمهلوا الراحات

  • من جب

  • ومن حجر شجاع يخرج البحر الذي غسل المدينة

  • آه عبد الماء من وجع المدينة

  • مغلق الصحراء منذور

  • فلا تستمهلوا أفقاً تضج به السموات .

  • -11

  • تأمل في سراب الأفق مأخوداً

  • هي الأشجار

  • حدق في رمال الشارع العربي

  • في الأسفلت

  • في . لكنها تمشي تدب

  • فمن يصدق ؟

  • كانت الأشجار

  • تمشي نحو عاصمة مضيعة

  • وكان الفتية اللاهون منذهلين

  • فالأشجار قادمة

  • وبحر خارج في راية زرقاء .

  • مأخوذ

  • وكان الشارع العربي مسفوحاً

  • مدائنه محاصرة بأشجار العدو

  • الكامن المكشوف أحياناً .

  • فلا تتكاسروا

  • ردوا الوشيعة في رسائل خيله

  • والبحر أعماق وأعشاب ونافذتان :

  • واحدة تؤسس للمرايا غرفةً للعرس

  • واحدة تهاجر في احتمال الشمس

  • للمتناقضين رسائل وجل

  • و زنبقتان

  • لا تتأثروا بعواطف القرصان

  • كل سفينة ستعود في هزم

  • ستحرقنا

  • احرقوها

  • من رماد الدفة المكسورة الودجين

  • بعد دقيقتين جريئتين يغادر الإسفلت

  • شارعه

  • يصير الأسود الذهبي عوسجة وذكرى

  • يغسل البحر الصحارى

  • شارع عربي

  • لا رَجْعٌ ولا مستسلمون ولا حيارى

  • كل مرآة من التاريخ

  • موج حوَّلَ الرملَ احتفالاً

  • خرقة في كتف عبد الماء

  • لا تستغربوا

  • قتلوه .

  • أو ماتوا على أشلائه

  • للبحر أضلاع تآكلت اهتراء

  • فاستوت للوقت متكأ

  • له كتف قديم خرقة

  • يتدفأ العارون والغرباء يكتشف الحيارى

  • يرتخي في خيطها المتطاولون على النخيل

  • يداعب خرقة فتصير خلقاً .

  • -12

  • آه عبد الماء

  • يجهلك القراصنة المعارون

  • ( التهوا بالليل)

  • تعرفك الصبايا الموغلات بعطرهن

  • الدافق البحري

  • بحار سلا البحر القديم

  • عساكر الميناء تسأل عنك

  • هل بحر ويحرق في اندفاق الحلم

  • كل سفينة كي يهجر الشطآن ؟

  • مروا فتية مروا

  • وكانت آخر الأخبار

  • والصور القديمة والجديدة في معاطفهم

  • (قديماً رمموا كهفاً وسموه سماء)

  • قالت الأخبار

  • فانداحوا تدافع بعضهم

  • - ماذا تسمون السواحل دونما بحر ؟

  • -13

  • مشى في الشارع العربي مختلجاً

  • يجرجر ساعدين تكسرا

  • والصدر مفتوح لحرب ساومت أعداءها

  • في الشارع العربي : ( مقتول وأعرف قاتلي )

  • هل مات ؟

  • سوف يموت أحياناً .

  • -14

  • سلاماً زرقة الصحراء

  • داعب خرقة في كتفه اهترأت

  • فصار الماء والصبوات

  • معتذر

  • يد في غرة شقراء في كتف

  • يد تنداح في دعة

  • على الجسد المموج

  • والحرير السارح الممراح

  • يد ترتاح في حلم من الوبر المطيع

  • معتزل ومتعذر ومقتول

  • ويهلع حين ترتعش الخيول كأنها ألق

  • ويلهج مثل أجنحة وينبثق

  • أمعتذر

  • وصهل المهرة الشقراء يشعل في خيوط

  • الخرقة التاريخ نيراناً من الشهوات

  • داعبها تضرج خصرها خجلاً

  • سلاماً زرقة الصحراء

  • يلهج أي موجة موغل في اللج لا يبتل ؟

  • -15

  • ما زال يخرج من هزائمه الكثيرة

  • بعض أشلاء وبعض رفاة

  • لا حي ولا أمواته المرحون قد ذهبوا

  • وما زالت هزائمه الكثيرة تصبغ الإسفلت بالأزرق

  • يلملم بعض أشلاء وينهض .

  • سوف يلقاه العساكر عندما يأتون

  • هذا البحر معتزل ومقتول

  • ولكن حارب الصحراء أحياناً .

  • -16

  • وقت

  • وبعد دقيقتين شقيقتين

  • يرافق صافنات الخيل

  • ( لا وحدي ولا سفن سترجع بي ولا ميناء )

  • بعد دقيقتين شريدتين يشف هذا الأفق

  • إن عادت فسوف تعود أخشاباً بلا أسماء

  • لا تتحيروا فالفتية اختضبوا مشوا في راحة

  • ما زال معتزلاً

  • وقد تعبوا

  • وكل نوارس الميناء فوق نوافذ الصحراء

  • ترتادون

  • لا عطش فعبد الماء مندفق

  • وليست شهوة سفراً إلى خشب

  • دموع الشارع العربي في الأهداب

  • معتذر وزند في صرير الباب

  • لا رمل بلا لغة

  • ولا اقتعد العشيق الدار

  • لم يتأخروا مروا على رمل على حجر

  • فباب الماء أوسع ما يكون

  • الفتية المرحون يعتمرون جمر الوقت

  • أغنية النوارس

  • إنه كالدم منبثق

  • ونافذة على البحر الذي احترقت أصابعه

  • ونافذة على الصحراء

  • عبد الماء هل موج ولا يبتل ؟

  • مختلج كأن الخلق بعد دقيقتين رهيفتين

  • سيبدأ افتتحوا

  • وكان الشارع العربي يكتب اسم عبد الماء

  • هذا الوقت مائي

  • سيمحوا .

  • 01/06/1979



أعمال أخرى قاسم حداد



المزيد...

العصور الأدبيه

تعرف على تاريخ الدول عن طريق عملاتها

تعرف على تاريخ الدول عن طريق عملاتها



تجنب هذه الأخطاء عند شراء شقتك