الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> غادة السمان >> هاتف ليلي >>
قصائدغادة السمان
- آه صوتك صوتك !
- يأتيني مشحوناً بحنانك
- وتتفجر الحياة حتى
- في سماعة الهاتف القارسة.
- آه صوتك صوتك !
- _ ويتوقف المساء حابساً أنفاسه _
- كيف تستطيع أسلاك الهاتف الرقيقة
- أن تحمل كل قوافل الحب ومواكبه وأعياده
- الساعية بيني وبينك
- مع كل همسة شوق ؟!
- كيف تحمل أسلاك الهاتف الدقيقة
- هذا الزلزال كله
- وطوفان الفرح وارتعاشات اللهفة
- ومطر الهمس المضيء
- المتساقط في هذه الأمسية النادرة ؟!
- آه صوتك صوتك !
- صوتك القادم من عصور الحب المنقرضة
- صوتك نسمة النقاء والمحبة
- في مدينة الثرثرة وأبواق السيارات الضحكة
- والنكات الثقيلة كالأسنان الاصطناعية
- مدينة بطاقات الدعوات إلى الحفلات
- وورقات النعوة وشركات التأمين
- مدينة المقاهي والتسكع والكلاب المرفهة وزيت الشعر
- والتثاؤب والشتائم وحبوب منع الحمل
- والسمك المتعفن على الشاطئ ...
- آه صوتك صوتك !
- صوتك الليلي الهامس طوق نجاة
- في مستنقع الانهيار.
- آه صوتك صوتك !
- مسكون باللهفة كعناق
- يعلقني بين الالتهاب والجنون على أسوار قلعة الليل...
- وأعاني سكرات الحياة
- وأنا افتقدك
- وأعاني سكرات الحياة
- وأنا أحبك أكثر.
- آه صوتك صوتك !
- ترميه من سماعة الهاتف
- على طرف ليلي الشتائي
- مثل خيط من اللآليء
- يقود إلى غابة ...
- وأركض في الغابة
- اعرف انك مختبئ خلف الأشجار
- واسمع ضحكتك المتخابثة
- وحين ألمس طرف وجهك
- توقظني السماعة القارسة.
- آه صوتك صوتك !
- وأدخل من جديد مدار حبك
- كيف تستطيع همساتك وحدها
- ان تزرع تحت جلدي
- ما لم تزرعه صرخات الرجال
- الراكضين خلفي بمحاريثهم ؟!
- آه صوتك صوتك !
- وهذا الليل الشتائي
- يصير شفافاً ورقيقاً
- وفي الخارج خلف النافذة
- لابد ان ضباباً مضيئاً
- يتصاعد من زوايا العتمة
- كما في قلبي
- آه صوتك صوتك !
- وكل ذلك الثراء والزخم الشاب
- تطمرني به
- وأشتهي أن أقطف لك
- كلمات وكلمات من أشجار البلاغة
- ولكن ...
- كل الكلمات رثة
- وحبك جديد جديد ...
- الكلمات كأزياء نصف مهترئة
- تخرج من صناديق اللغة المليئة بالعتق
- وحبك نضر وشرس وشمسي
- وعبثاً أدخل في عنقه
- لجام الألفاظ المحددة !
- آه صوتك صوتك !
- يولد منك الفرد والضوء
- والفراشات الملونة والطيور
- داخل أمواج المساء الهارب
- لقد احكمت على نفسي
- إغلاق قوقعتي
- فكيف تسلل صوتك الي
- ودخل منقارك الذهبي
- حتى نخاع عظامي ؟!
- آه صوتك صوتك !
- واتوق إلى احتضانك
- لكنني مقيدة إلى كرسي الزمان والمكطان
- بأسلاك هاتف
- ومطعونة بسماعته !
- آه صوتك صوتك !
- وانصت إلى قلبي ...
- يا للمعجزة : إنه يدق !
المزيد...
العصور الأدبيه