الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> إبراهيم اليازجي >> جهد الحزين إذا صرف القضا نزلا >>
قصائدإبراهيم اليازجي
- جهد الحزين إذا صرف القضا نزلا
- أن يجزي من حشاه بالذي فعلا
- ويبتلي مقلتيه بالبكا وكفى
- بمن بكى قبلنا ناه لو امتثلا
- سلا المحبون بعد اليأس فاتخذوا
- تلك الشجون إلى سلوانهم سبلا
- قد أوجب الققد حزناً للفتى فبكى
- وأوجب الحزن صبراً بعده فسلا
- استغفر الله ما دمعي بمتسك
- ولا فؤادي عن الأشجان مشتغلا
- ولا يطاوعني صبري فأصحبه
- على الذي بي ولو طاوعته عذلا
- طويل ليل به أمسى يؤرقني
- يوم تسربل من أذياله حللا
- يوم نعي لي من أهوى ببكرته
- فخلت شمس الضحى في مقلتي زحلا
- في ذمة الله من عندي له ذمم
- في الحب ليس يفيها مدمع هطلا
- لقد ترحل عن عيني وأودعها
- شخصاً يلوح خيالاً ليس مرتحلا
- فظل يوسعها شجواً وتوسعه
- غسلاً بعارض دمع فوقه انهملا
- يا صافي الود ما أوفاك تاركه
- وأن بغي تركه قلبي فما عدلا
- قد جرعتك المنايا من مناهلها
- كأساً بها ملت بل ميلتني ثملا
- ما كنت أحسب أن البين عن أمم
- يبت من شملنا ما كان متصلا
- وأنني لك راث بالقريض وما
- يقضى القريض لعمري حقك الجللا
- وأن ساعة أنس قبل فرقتنا
- تكون آخر عهد بيننا حصلا
- ويكحل الجفن مني بعدها بدم
- منه حيث جفنك ويحي بالبلى اكتحلا
- هجرت لذة أيامي فلا وصلت
- وواصل الغم أحشائي فلا رحلا
- وانحل الحزن اضلاعاً بك اضطرمت
- وجداً فلا لقيت من سلوة بللا
- يا رحمة الله حلي فوق رابية
- بسفح لبنان وارت طيها جبلا
- ويا ثقال الغوادي جاوري حرما
- مكرماً فيه ذاك البدر قد أفلا
- لله ما ضم من حلم ومن كرم
- مثوى على جسمه الباهي قد اشتملا
- ومن مناهل علم راق موردها
- ومن فضائل سارت في الورى مثلا
- ومن ذخائر أسرار لو انتصفت
- لزارها كل قاصي الدار محتفلا
- بكت على فقده الأقلام نادبة
- كفا له طالما أزرت بها الأسلا
- وودت الصحف إذ ولي لو اتخذت
- لون المداد لها من لونها بدلا
- وأصبح الطب معتلاً لمصرعه
- وكان ممن به حيث اشتكى نصلا
- يا نازلاً في زوايا الرمس معتزلاً
- ما كان يعهدك العافون معتزلا
- وتاركاً داره كالقفر خالية
- ولم تكن تسع الضيفان والنزلا
- ومودعاً كل جسم بعده سقماً
- وكنت أجدر من نشفي به العللا
- أعيا الردى فيك ما نبغيه من حيل
- وطالما كنت تعيي عنده الحيلا
- فمن تركت سقاك العفو صيبه
- لمن تركت عليلاً فيك منتحلا
- ومن تركت لفعل المكرمات ترى
- إذا الأكف شكت من دونه شللا
- ومن تركت لنا بعد ابن بجدتها
- يحل مستغلق المعنى إذا اشتكلا
- أنا المحب ولكني بوصفك قد
- قصرت وأعذر فقلبي بالأسى ذهلا
- ذكرت شيئاً ولو أني وفيت به
- أطلت والله أدري بالذي فضلا
- يا يوسف الحسن قد أنشبت في كبدي
- من قلب يعقوب جرحاً ليس مندملا
- أطلقت من أسر هذا العيش منصرفاً
- وبات قلبي بالأحزان معتقلا
- روحي فداؤك يا من قد زرئت به
- فما تواصل روحي بعده جزلا
- جاوزت ما بي إلى عرش نعمت به
- وعاهدت أدمعي الأسحار والأصلا
- وما أفيك بها يوماً وقد قطرت
- حمراً لأن بها دون الوفا خجلا
- ويلاه من وصلنا في الأرض معتقباً
- بالبين حزناً طويلاً ليس منفصلا
- قد سودت غير الأحداث أوجهها
- وطالما شيبت من دونها القذلا
- وما العتاب على غدر الزمان وفي
- يد النوازل سيف يسبق العذلا
- هذا الذي كل شمل بات يحذره
- فلا يزال لديه خائفا وجلا
- وليس يعرف خلفاً في مواعده
- دون النجاز ولكن ربما مطلا
- قد كنت أحسب أن الأرض عامرة
- فاستوحشت إذ رأتها مقلتي طللا
- وكنت أحسب أنا أهلها فإذا
- كل يزم المطايا قبلما نزلا
- بئس الديار ديار لإثبات بها
- ولا سرور به عيش النزيل حلا
- وإنما حظنا منها أحبتنا
- فإن تولوا قطعنا عندها الأملا
المزيد...
العصور الأدبيه