قصائدأحمد مطر



ما أصعب الكلام (إلى ناجي العلي)
أحمد مطر



  • ِشكراً على التأبينِ والإطراءِ

  • يا معشرَ الخطباء والشعراءِ

  • شكراً على ما ضاعَ من أوقاتكم

  • في غمرةِ التدبيج والإنشاءِ

  • وعلى مدادٍ كان يكفي بعضُه

  • أن يُغرِقَ الظلماءَ بالظلماءِ

  • وعلى دموعٍ لو جَرتْ في البيدِ

  • لانحلّتْ وسار الماءُ فوق الماءِ

  • وعواطفٍ يغدو على أعتابها

  • مجنونُ ليلى أعقلَ العقلاءِ

  • وشجاعةٍ باسم القتيلِ مشيرةٍ

  • للقاتلين بغيرِما أسماءِ

  • شكراً لكم، شكراً، وعفواً إن أنا

  • أقلعتُ عن صوتي وعن إصغائي

  • عفواً، فلا الطاووس في جلدي ولا

  • تعلو لساني لهجةُ الببغاءِ

  • عفواً، فلا تروي أساي قصيدةٌ

  • إن لم تكن مكتوبةً بدمائي

  • عفواً، فإني إن رثيتُ فإنّما

  • أرثي بفاتحة الرثاء رثائي

  • عفواً، فإني مَيِّتٌ يا أيُّها

  • الموتى، وناجي آخر الأحياء !

  • ***

  • "ناجي العليُّ" لقد نجوتَ بقدرةٍ

  • من عارنا، وعلَوتَ للعلياءِ

  • إصعدْ، فموطنك السّماءُ، وخلِّنا

  • في الأرضِ، إن الأرضَ للجبناءِ

  • للمُوثِقينَ على الّرباطِ رباطَنا

  • والصانعينَ النصرَ في صنعاءِ

  • مِمّن يرصّونَ الصُّكوكَ بزحفهم

  • ويناضلونَ برايةٍ بيضاءِ

  • ويُسافِحونَ قضيّةً من صُلبهم

  • ويُصافحونَ عداوةَ الأعداءِ

  • ويخلِّفون هزيمةً، لم يعترفْ

  • أحدٌ بها.. من كثرة الآباءِ !

  • إصعَدْ فموطنك المُرّجَى مخفرٌ

  • متعددُ اللهجات والأزياءِ

  • للشرطة الخصيان، أو للشرطة

  • الثوار، أو للشرطة الأدباءِ

  • أهلِ الكروشِ القابضين على القروشِ

  • من العروشِ لقتل كلِّ فدائي

  • الهاربين من الخنادق والبنادق

  • للفنادق في حِمى العُملاءِ

  • القافزين من اليسار إلى اليمين

  • إلى اليسار كقفزة الحِرباءِ

  • المعلنين من القصورِ قصورَنا

  • واللاقطين عطيّةَ اللقطاءِ

  • إصعدْ، فهذي الأرض بيتُ دعارةٍ

  • فيها البقاءُ معلّقٌ ببغاءِ

  • مَنْ لم يمُت بالسيفِ مات بطلقةٍ

  • من عاش فينا عيشة الشرفاء

  • ماذا يضيرك أن تُفارقَ أمّةً

  • ليست سوى خطأ من الأخطاءِ

  • رملٌ تداخلَ بعضُهُ في بعضِهِ

  • حتى غدا كالصخرة الصمّاءِ

  • لا الريحُ ترفعُها إلى الأعلى

  • ولا النيران تمنعها من الإغفاءِ

  • فمدامعٌ تبكيك لو هي أنصفتْ

  • لرثتْ صحافةَ أهلها الأُجراءِ

  • تلك التي فتحَتْ لنَعيِكَ صدرَها

  • وتفنّنت بروائعِ الإنشاءِ

  • لكنَها لم تمتلِكْ شرفاً لكي

  • ترضى بنشْرِ رسومك العذراءِ

  • ونعتك من قبل الممات، وأغلقت

  • بابَ الرّجاءِ بأوجُهِ القُرّاءِ

  • وجوامعٌ صلّت عليك لو انّها

  • صدقت، لقرّبتِ الجهادَ النائي

  • ولأعْلَنَتْ باسم الشريعة كُفرَها

  • بشرائع الأمراءِ والرؤساءِ

  • ولساءلتهم: أيُّهمْ قد جاءَ

  • مُنتخَباً لنا بإرادة البُسطاء ؟

  • ولساءلتهم: كيف قد بلغوا الغِنى

  • وبلادُنا تكتظُّ بالفقراء ؟

  • ولمنْ يَرصُّونَ السلاحَ، وحربُهمْ

  • حبٌ، وهم في خدمة الأعداءِ ؟

  • وبأيِّ أرضٍ يحكمونَ، وأرضُنا

  • لم يتركوا منها سوى الأسماءِ ؟

  • وبأيِّ شعبٍ يحكمونَ، وشعبُنا

  • متشعِّبٌ بالقتل والإقصاءِ

  • يحيا غريبَ الدارِ في أوطانهِ

  • ومُطارَداً بمواطنِ الغُرباء ؟

  • لكنّما يبقى الكلامُ مُحرّراً

  • إنْ دارَ فوقَ الألسنِ الخرساءِ

  • ويظلُّ إطلاقُ العويلِ محلّلاً

  • ما لم يمُسَّ بحرمة الخلفاءِ

  • ويظلُّ ذِكْرُكَ في الصحيفةِ جائزاً

  • ما دام وسْطَ مساحةٍ سوداءِ

  • ويظلُّ رأسكَ عالياً ما دمتَ

  • فوق النعشِ محمولاً إلى الغبراءِ

  • وتظلُّ تحت "الزّفتِ" كلُّ طباعنا

  • ما دامَ هذا النفطُ في الصحراءِ !

  • ***

  • القاتلُ المأجورُ وجهٌ أسودٌ

  • يُخفي مئاتِ الأوجه الصفراءِ

  • هي أوجهٌ أعجازُها منها استحتْ

  • والخِزْيُ غطَاها على استحياءِ

  • لمثقفٍ أوراقُه رزمُ الصكوكِ

  • وحِبْرُهُ فيها دمُ الشهداء

  • ولكاتبٍ أقلامُهُ مشدودةٌ

  • بحبال صوت جلالةِ الأمراء

  • ولناقدٍ "بالنقدِ" يذبحُ ربَّهُ

  • ويبايعُ الشيطانَ بالإفتاءِ

  • ولشاعرٍ يكتظُّ من عَسَلِ النعيمِ

  • على حسابِ مَرارةِ البؤساءِ

  • ويَجرُّ عِصمتَه لأبواب الخَنا

  • ملفوفةً بقصيدةٍ عصماءِ !

  • ولثائرٍ يرنو إلى الحريّةِ

  • الحمراءِ عبرَ الليلةِ الحمراءِ

  • ويعومُ في "عَرَقِ" النضالِ ويحتسي

  • أنخابَهُ في صحَة الأشلاءِ

  • ويكُفُّ عن ضغط الزِّنادِ مخافةً

  • من عجز إصبعه لدى "الإمضاءِ" !

  • ولحاكمٍ إن دقَّ نورُ الوعْي

  • ظُلْمَتَهُ، شكا من شدَّةِ الضوضاءِ

  • وَسِعَتْ أساطيلَ الغُزاةِ بلادُهُ

  • لكنَها ضاقتْ على الآراءِ

  • ونفاكَ وَهْوَ مُخَمِّنٌ أنَّ الرَدى

  • بك مُحْدقُ، فالنفيُ كالإفناءِ !

  • الكلُّ مشتركٌ بقتلِكَ، إنّما

  • نابت يَدُ الجاني عن الشُّركاءِ

  • ***

  • ناجي. تحجّرتِ الدموعُ بمحجري

  • وحشا نزيفُ النارِ لي أحشائي

  • لمّا هويْتَ هَويتَ مُتَّحدَ الهوى

  • وهويْتُ فيك موزَّعَ الأهواءِ

  • لم أبكِ، لم أصمتْ، ولم أنهضْ

  • ولم أرقدْ، وكلّي تاهَ في أجزائي

  • ففجيعتي بك أنني.. تحت الثرى

  • روحي، ومن فوقِ الثرى أعضائي

  • أنا يا أنا بك ميتٌ حيٌّ

  • ومحترقٌ أعدُّ النارَ للإطفاءِ

  • برّأتُ من ذنْبِ الرِّثاء قريحتي

  • وعصمتُ شيطاني عن الإيحاءِ

  • وحلفتُ ألا أبتديك مودِّعاً

  • حتى أهيِّئَ موعداً للقاءِ

  • سأبدّلُ القلمَ الرقيقَ بخنجرٍ

  • والأُغنياتِ بطعنَةٍ نجلاءِ

  • وأمدُّ رأسَ الحاكمينََ صحيفةً

  • لقصائدٍ.. سأخطُّها بحذائي

  • وأضمُّ صوتكَ بذرةً في خافقي

  • وأصمُّهم في غابة الأصداءِ

  • وألقِّنُ الأطفالَ أنَّ عروشَهم

  • زبدٌ أٌقيمَ على أساس الماءِ

  • وألقِّنُ الأطفالَ أن جيوشهم

  • قطعٌ من الديكورِ والأضواءِ

  • وألقِّنُ الأطفالَ أن قصورَهم

  • مبنيةٌ بجماجمِ الضعفاءِ

  • وكنوزَهم مسروقةٌ بالعدِل

  • واستقلالهم نوعُ من الإخصاءِ

  • سأظلُّ أكتُبُ في الهواءِ هجاءهم

  • وأعيدُهُ بعواصفٍ هوجاءِ

  • وليشتمِ المتلوّثونَ شتائمي

  • وليستروا عوراتهم بردائي

  • وليطلقِ المستكبرون كلابَهم

  • وليقطعوا عنقي بلا إبطاءِ

  • لو لم تَعُدْ في العمرِ إلا ساعةٌ

  • لقضيتُها بشتيمةِ الخُلفاءِ !

  • ***

  • أنا لستُ أهجو الحاكمينَ، وإنّما

  • أهجو بذكر الحاكمين هجائي

  • أمِنَ التأدّبِ أن أقول لقاتلي

  • عُذراً إذا جرحتْ يديكَ دمائي ؟

  • أأقولُ للكلبِ العقور تأدُّباً:

  • دغدِغْ بنابك يا أخي أشلائي ؟

  • أأقولُ للقوّاد يا صِدِّيقُ، أو

  • أدعو البغِيَّ بمريمِ العذراءِ ؟

  • أأقولُ للمأبونِ حينَ ركوعِهِ:

  • "حَرَماً" وأمسحُ ظهرهُ بثنائي ؟

  • أأقول لِلّصِ الذي يسطو على

  • كينونتي: شكراً على إلغائي ؟

  • الحاكمونَ همُ الكلابُ، مع اعتذاري

  • فالكلاب حفيظةٌ لوفاءِ

  • وهمُ اللصوصُ القاتلونَ العاهرونَ

  • وكلُّهم عبدٌ بلا استثناء !

  • إنْ لمْ يكونوا ظالمين فمن تُرى

  • ملأ البلادَ برهبةٍ وشقاء ِ؟

  • إنْ لم يكونوا خائنين فكيف

  • ما زالتْ فلسطينٌ لدى الأعداءِ ؟

  • عشرون عاماً والبلادُ رهينةٌ

  • للمخبرينَ وحضرةِ الخبراءِ

  • عشرون عاماً والشعوبُ تفيقُ مِنْ

  • غفواتها لتُصابَ بالإغماءِ

  • عشرون عاماً والمفكِّرُ إنْ حكى

  • وجبت لهُ طاقيةُ الإخفاءِ

  • عشرون عاماً والسجون مدارسٌ

  • منهاجها التنكيلُ بالسجناءِ

  • عشرون عاماً والقضاءُ مُنَزَّهٌ

  • إلا عن الأغراض والأهواءِ

  • فالدينُ معتقلٌ بتُهمةِ كونِهِ

  • مُتطرِّفاً يدعو إلى الضَّراءِ

  • واللهُ في كلِّ البلادِ مُطاردٌ

  • لضلوعهِ بإثارةِ الغوغاءِ

  • عشرون عاماً والنظامُ هو النظامُ

  • مع اختلاف اللونِ والأسماءِ

  • تمضي به وتعيدُهُ دبّابةٌ

  • تستبدلُ العملاءَ بالعملاءِ

  • سرقوا حليب صِغارنا، مِنْ أجلِ مَنْ ؟

  • كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ

  • فتكوا بخير رجالنا، مِنْ أجلِ مَن ْ؟

  • كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ

  • هتكوا حياء نسائنا، مِنْ أجلِ مَنْ ؟

  • كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ

  • خنقوا بحريّاتهم أنفاسَنا

  • كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ

  • وصلوا بوحدتهم إلى تجزيئنا

  • كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ

  • فتحوا لأمريكا عفافَ خليجنا

  • كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ

  • وإذا بما قد عاد من أسلابنا

  • رملٌ تناثر في ثرى سيناء !

  • وإذا بنا مِزَقٌ بساحات الوغى

  • وبواسلٌ بوسائل الأنباءِ

  • وإذا بنا نرثُ مُضاعَفاً

  • ونُوَرِّثُ الضعفينِ للأبناءِ

  • ونخافُ أن نشكو وضاعةَ وضعنا

  • حتى ولو بالصمت والإيماءِ

  • ونخافُ من أولادِنا ونسائنا

  • ومن الهواءِ إذا أتى بهواءِ

  • ونخافُ إن بدأت لدينا ثورةٌ

  • مِن أن تكونَ بداية الإنهاءِ

  • موتى، ولا أحدٌ هنا يرثي لنا

  • قُمْ وارثنا.. يا آخِرَ الأحياءِ !



أعمال أخرى أحمد مطر



المزيد...

العصور الأدبيه

تعرف على تاريخ الدول عن طريق عملاتها

تعرف على تاريخ الدول عن طريق عملاتها



أهم 12 نصيحه عند شراء شقتك بالتقسيط