الأدب العربى >> الشعر >> العصر الحديث و المعاصر >> أحمد مطر >> القرابين >>
قصائدأحمد مطر
- هَطَلَتْ مِن كُلِّ صَوْبٍ عَينُ باكٍ
- وَهَوَتْ مِن كُلِّ فَجٍّ كَفُّ لاطِمْ
- وَتَداعى كُلُّ أصحابِ المواويلِ
- وَوافَى كُلُّ أربابِ التّراتيلِ
- لِتَرديدِ التّواشيحِ وتَعليقِ التّمائِمْ
- وأقاموا، فَجأةً، مِن حَوْلِنا
- سُورَ مآتِمْ .
- إنَّهم مِن مِخلَبِ النَّسْرِ يخافونَ عَلَيْنا ..
- وَكأَنّا مُستريحونَ على ريشِ الحَمائِمْ !
- ويخافُونَ اغتصابَ النَّسْرِ لِلدّارِ ..
- كأنَّ النَّسْرَ لَمْ يَبسُطْ جَناحَيْهِ
- على كُلِّ العَواصِمْ !
- أيُّ دارٍ ؟!
- أرضُنا مُحتلَّةٌ مُنذُ استقلَّتْ
- كُلَّما زادَتْ بها البُلدانُ.. قَلَّتْ !
- وَغِناها ظَلَّ في أيدي المُغيرينَ غَنائِمْ
- والثّرى قُسِّمَ ما بينَ النّواطيرِ قَسائِمْ .
- أيُّ نِفطٍ ؟!
- صاحِبُ الآبارِ، طُولَ العُمْرِ،
- عُريانٌ وَمَقرورٌ وصائِمْ
- وَهْوَ فَوقَ النّفطِ عائِمْ !
- أيُّ شَعْبٍ ؟!
- شَعبُنا مُنذُ زَمانٍ
- بَينَ أشداقِ الرَّدى والخوفِ هائِمْ
- مُستنيرٌ بظلامٍ
- مُستجيرٌ بِمظالِمْ !
- هُوَ أجيالُ يَتامى
- تَتَرامى
- مُنذُ ما يَقرُبُ مِن خَمسينَ عاما
- كالقَرابينِ فِداءَ المُستبدّينَ " النّشامى" .
- كُلُّ جيلٍ يُنتَضى مِن أُمِّهِ قَسْراً
- لِكَيْ يُهدى إلى (أُمِّ الهَزائِمْ)
- وَهْيَ تَلقاهُ وُروداً
- ثُمَّ تُلقيهِ جَماجِمْ
- وَبُروحِ النَّصرِ تَطويهِ
- ولا تَقَبلُ في مَصْرعِهِ لَوْمةَ لائِمْ .
- فَهُوَ المقتولُ ظُلْماً بيدَيْها
- وَهُوَ المَسؤولُ عن دَفْعِ المَغَارِمْ !
- فَإذا فَرَّ
- تَفرّى تَحتَ رِجْلَيْهِ الطّريقْ
- فَهْوَ إمّا ظامِئٌ وَسْطَ الصّحارى
- أو بأعماقِ المُحيطاتِ غَرِيقْ
- أو رَقيقٌ.. بِدماءٍ يَشتري بِلَّةَ ريقٍ
- مِن عَدُوٍّ يَرتدي وَجْهَ شَقيقٍ أو صَديقْ !
- فَلماذا صَمَتُوا صَمْتَ أبي الهَوْلِ
- لَدَى مَوْتِ الضّحايا..
- واستعاروا سُنَّةَ الخَنساءِ
- لَمّا زَحَفَتْ كَفُّ المَنايا
- نَحْوَ أعناقِ الجَرائِمْ ؟!
- * *
- يا شُعوباً مِن سَرابٍ
- في بلادٍ مِن خَرابْ..
- أيُّ فَرْقِ في السَّجايا
- بَينَ نَسْرٍ وَعُقابْ ؟!
- كُلُّها نَفْسُ البهائِمْ
- كُلُّها تَنزِلُ في نَفْسِ الرّزايا
- كُلُّها تأكُلُ مِن نَفسِ الولائِم
- إنّما لِلجُرْمِ رَحْمٌ واحِدٌ
- في كُلِّ أرضٍ
- وَذَوو الإجرامِ مَهْما اختلَفَتْ أوطانُهمْ
- كُلٌّ توائِمْ !
- * *
- عَصَفَ العالَمُ بالصَفَّينِ
- حَقْناً لِدِمانا
- وانقَسَمْنا بِهَوانا
- مِثْلَما اعتَدْنا.. إلى نِصفَينِ
- ما بَينَ الخَطيئاتِ وما بينَ المآثِمْ
- وَتقاسَمْنا الشّتائِمْ .
- داؤنا مِنّا وَفينا
- وَتَشافينا تَفاقُمْ !
- لو صَفَقْنا البابَ
- في وَجْهِ خَطايا العَرَبِ الأقحاحِ
- لَمْ تَدخُلْ عَلَيْنا مِنْهُ
- آثامُ الأعاجِمْ !
المزيد...
العصور الأدبيه