الأدب العربى >> الشعر >> العصر الجاهلي >> امية بن ابي الصلت >> لك الحمد >>
قصائدامية بن ابي الصلت
- لك الحمد والنعماء والملك ربَّنا
- فلا شيءَ أعلى منك مجداً وأمجدُ
- مليك على عرش السماء مهيمنٌ
- لعزته تعنو الوجوه وتسجدُ
- عليه حجاب النورِ والنورُ حولـه
- وانهار نورٍ حولـه تتوقد
- فلا بصر يسمو إليه بطرفه
- ودون حجاب النور خلق مؤيدُ
- ملائكة أقدامهم تحت عرشه
- بكفيه لولا اللـه كلّوا وأَبلدوا
- قيامٌ على الأقدام عانين تحته
- فرائصهم من شدة الخوف تُرعَدُ
- وسبطٌ صفوف ينظرون قضاءَه
- يُصيخون بالأسماع للوحي رُكَّدُ
- أمينٌ لوحي القدس جبريل فيهم
- وميكال ذو الروح القويُّ المسدد
- وحُرَّاس أبواب السموات دونهم
- قيام عليهم بالمقاليد رُصَّدُ
- فنعم العباد المصطفون لأمره
- ومن دونهم جند كثيفٌ مجندُ
- ملائكة لا يفترون عبادة
- كروبيَّةٌ منهم ركوعٌ وسُجَّدُ
- فساجدهم لا يرفع الدهر رأسه
- يُعظِّمُ ربّاً فوقه ويمجدُ
- وراكعهم يعنو لـه الدهرَ خاشعاً
- يردّدُ آلاء الآلِ ويحمدُ
- ومنهم مُلِفٌّ في الجناحين رأسَهُ
- يكاد لذكرى ربه يتفصَّدُ
- من الخوف لا ذو سأَمةٍ بعبادةٍ
- ولا هو من طول التعبد يجهد
- ودون كثيف الماء في غامض الـهوا
- ملائكةٌ تنحطُّ فيه وتَصْعَدُ
- وبين طباق الأرض تحت بطونها
- ملائكة بالأمر فيها تردَّدُ
- فسبحان من لا يعرف الخلق قدرَه
- ومن هو فوق العرش فرد مُوَحَّد
- ومن لم تنازعه الخلائق ملكه
- وإن لم تفرِّدْه العباد فمفردُ
- مليك السموات الشداد وأرضها
- وليس بشيءٍ عن قضاه تأوُّدُ
- هو اللـه باري الخلق والخلق كلـهم
- إماءٌ لـهُ طوعاً جميعاً وأعبُدُ
- وأنى يكون الخلق كالخالق الذي
- يدوم ويبقى والخليقة تنفد
- وليس لمخلوق من الدهر جدَّةٌ
- ومن ذا على مرّ الحوادث يخلد
- وتفنى ولا يبقى سوى الواحد الذي
- يُميت ويُحيي دائباً ليس يهمد
- تسبحه الطير الجوانح في الخَفى
- وإذ هي في جوّ السماء تُصَعِّدُ
- ومن خوف ربي سبح الرعد فوقنا
- وسبَّحه الأشجار والوحشُ أُبَّدُ
- وسبَّحه النينانُ والبحر زاخراً
- وما طمَّ من شيءٍ وما هو مُقْلِدُ
- ألا أيها القلب المقيم على الـهوى
- إلى أيّ حينٍ منك هذا التصدُّدُ
- عن الحق كالأعمى المميط عن الـهدى
- وليس يردُّ الحقَّ ألاَّ مفنِّدُ
- وحالات دنيا لا تدوم لأهلـها
- فبينا الفتى فيها مهيبٌ مُسَوَّدُ
- إذا انقلبت عنه وزال نعيمها
- وأصبح من ترب القبور يوَّسدُ
- وفارق روحاً كان بين جنانه
- وجاور موتى ما لـهم مُتردَّدُ
- فأي فتى قبلي رأيت مخلداً
- لـه في قديم الدهر ما يتوددُ
- ومن يبتليه الدهر منه بِعَثْرةٍ
- سيكبو لـها والنائبات تَردَّدُ
- فلم تسلم الدنيا وإن ظن أهلُها
- بصحتها والدهر قد يتجردُ
- ألست ترى في ما مضى لك عبرةً
- فَمَهْ لا تكن يا قلبُ أعمى يُلدَّدُ
- فكن خائفاً للموت والبعث بعده
- ولا تكُ ممن غرَّه اليوم أو غَدُ
- فإنك في دنيا غرور لأهلـها
- وفيها عدوٌّ كاشحُ الصدر يُوقِد
- وساكن أقطار الرقيع على الـهوا
- ومن دون علم الغيب كلٌّ مُسَهَّدُ
- ولولا وثاق اللـه ضلَّ ضلالنا
- وقد سرَّنا أنّا نُتَلُّ فنوأَد
- ترى فيه أخبار القرون التي مضت
- وأخبار غيب في القيامة تنجُدُ
- وليس بها إلا الرقيم مجاوراً
- وصِيدَهُمُ والقوم في الكهف هُمَّدُ
المزيد...
العصور الأدبيه